السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس: المقامات المغربية ترفض شهادة الزور في ملف اغتيال الشهيد أيت الجيد

أحمد فردوس: المقامات المغربية ترفض شهادة الزور في ملف اغتيال الشهيد أيت الجيد أحمد فردوس

كلما اتسعت نافذة الأمل لتحقيق عدالة الأرض والسماء، يضيق الخناق على رقبة "حرامي الدين"، وتتبعثر أوراق البيجيديين والمتورطين معهم في ملف اغتيال الشهيد بن عيسى أيت الجيد، لأن التاريخ لا يرحم القتلة مهما تقوت شوكتهم.

 

ففي الوقت الذي تستعد أسرة الشهيد ومؤسسة أيت الجيد للحياة ومناهضة العنف، وجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية الريف لحقوق الإنسان تنظيم ندوة فكرية حقوقية في محور "خطر الإسلام السياسي على السلام والديمقراطية"، بمناسبة مرور 27 سنة على اغتيال الشهيد أيت الجيد بن عيسى، طلع علينا في الليلة الظلماء "خسوف القمر" خارج حسابات الفلكيين، على إيقاع الطبلة والمزمار التي يحرمها شيوخ الإسلام السياسي، لكنهم أجازوها استثناء على سيدنا عبالعال.. سلامتك ياعبعال... يا قاتل...يا شديد إنت... كل الحرام معاك حلال... ألست حاميا للدين يا عبالعال؟؟

 

إن منصة صواريخ "حقوق الإنسان" التي حاول عبد العالي حامي الدين استعمالها لترويع وقصف روح الشهيد في قبره وأمام بهو المحكمة وداخلها لم تسعفه أزرارها الحارقة، بعد أن قال الزيعم (لن نسلمكم أخانا)، فاختار الطبل والمزمار للرقص على جثة الشهيد..

 

كيف ذلك؟

 

استعمل "حرامي الدين" مكرها جنس الشعر واللحن والموسيقى والغناء والطبل والمزمار لتشنيف مسامع الماسكين بأوراق "حقوق الإنسان" بأغنية "المديح" في شخصه، ووظف مصطلحات محشوة برصاص المكر والخديعة في قصيدة "مدح سيدنا عبالعال" عبر صوت الابتهال والتضرع بلسان "مجموعة غنائية برآسة أحمد المغربي".

 

ومن عجائب كلمات قصيدة الله معاك التي تعترف ضمنيا بالمشاركة الجماعية في الجريمة، وتهلل لنصرة الاغتيال "كلنا معاك يا حامي ـ ضد انتهاك القوانين ـ نصرة على المعتدين ـ العدل ـ قوانين محترمة ـ الله معاك ـ ضد الظلم  والمفترين ـ انتهاك القوانين ـ الأخلاق ـ  الله معاك يا عبد العالي"...

 

استمعت للأغنية على إيقاع الطبل والمزمار، فتساءلت مع نفسي الأمارة بالشك قبل اليقين:

- لماذا عوض عبد العالي حامي الدين الوترة مقابل اللحية والسبحة؟

ـ ألا يعتبر ذلك نصبا على المقاربة الحقوقية، واحتيالا وافتراء على الفن بعد إقحامه في ملف يروج أمام السلطة القضائية؟

ـ من هو الداعية الورع الذي أجاز استعمال الموسيقى لنصرة حامي الدين؟

ـ وهل يجوز شرعا توريط مقام شرقي لبناني في الشأن الحقوقي والقضائي الداخلي المغربي؟

ـ وهل رفضت المقامات المغربية الرائعة شهادة الزور في نازلة اغتيال الشهيد أيت الجيد؟

 

لقد وصف صديقي الفنان الملتزم سلوك البيجيديين بالقول الساخر "إنها طهورية العاهر، وحجابية المومس... ولابد من نفود جوهرهم الأصلي إلى السطح... لأنهم يعتبرون الغناء والتبرج والمساعدة على القذف حرام...إلا إذا كانت هذه الأفعال المحرمة بمنطقهم تخدم الإسلام السياسي".

 

رحم الله شيخنا الفنان الملتزم بقضايا الناس، الشيخ إمام، لما غنى على "المديح ومر الكلام" بقول الشاعر أحمد نجم فؤاد رحمة الله عليه "مر الكلام، زي الحسام، يقطع مكان ما يمر، أما المديح سهل ومريح يخدع لكن بضر...".

 

إن سلاح الأغنية الملتزمة يا سيدنا عبالعال، التي انتصبت في وجه الحكام والطغاة في عالمنا الإنساني بكعبها العالي من الماء إلى الماء، كان هدفها بسط وتعرية الواقع السياسي والحقوقي والإنساني.. بسهلها الممتنع تناولت مواضيع حقوق الإنسان كونيا وصدحت بلسان الحق في زمن القمع والاستبداد، وكانت وسيلة للتحرر والانعتاق من قبضة بوليس محاكم التفتيش ياعبعال، وليس من أجل التوقيع على براءة الدمة من المشاركة وتنفيذ القصاص في حق مناضل أعزل كان همه الوحيد هو النضال مع طلبة المغرب في رحاب الجامعة من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية.

 

تجدر الإشارة إلى  أن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس، كانت قد أجلت الثلاثاء 11 فبراير المنصرم، محاكمة القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين، المتابع في ملف مقتل الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد، إلى جلسة 12 ماي 2020.

 

كل الشموخ لشعراء وفناني الأغنية الملتزمة التقدمية في العالم العربي، لأننا خجولون أمام هذا الوضع المتردي الذي تمارسه جوقة أوركيسترا "كلنا معاك يا حامي".