الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

ناصر بوشيبة: باب ما جاء في فتوى تحريم "الشيخ" بوليف

ناصر بوشيبة:  باب ما جاء في فتوى تحريم "الشيخ" بوليف ناصر بوشيبة

لم أصدق تقارير بعض المنابر الإعلامية التي نقلت خبر فتوى تحريم "الشيخ" بوليف لتمويلات الشباب في إطار المبادرة الملكية، حتى رأيت بنفسي أن هذا الوزير السابق الذي كان يخطب البارحة ود صندوق النقد الدولي والبنوك العالمية لضمان تسديد الحكومة للفوائد "الربوية" هو من كتب هذه التدوينة الغريبة من شخص ليبرالي حتى النخاع لا يؤمن بدور الدولة في المشاريع الاجتماعية ويؤمن أن الفقر هو "قضاء وقدر" ولا دخل للحكومة في "مشيئة الله".

ما يجهله شيخنا أن المبادرة الملكية المشكورة جاءت لخلق دينامية جديدة في أسواق هيمن عليها الريعيون بمختلف توجهاتهم الفكرية والعقائدية بل والمافيوية. هؤلاء الريعيون يتفننون في التحايل على الدولة بعدم أداء واجباتهم الضريبية، واستغلال المقالع والمناجم بدون أي رخص وتكديس الأموال في الأقبية استعدادا لنقلها لبلاد ألفونس ملك الروم أو بلاد غازي ياووز سلطان سليم خان الأول.

ما يجهله كذلك شيخنا أنه لكي يصبح الإسلام صالحا لكل زمان ومكان، كان على فقهاء الأمة المعتبرين في العصور الذهبية لإمارة المؤمنين أن يبدعوا في الفتاوى للرفق بالعباد ومساعدتهم في العيش بما يرضي الله. فوجدناهم يختلفون في تفسير النصوص واستنباط الأحكام، فتنوعت الآراء والأفكار، وكان في هذا الإختلاف رحمة للمسلمين. وكان كذلك اختلافهم في تعريف أنواع الربا، ومنهم من أحل بعضه كبعض أنواع ربا الفضل واتفقوا على تحريم ربا النسيئة أو ربا القران لما فيه من ظلم وحيف.

المهم أن "شيخنا" بوليف يجهل أن القانون المغربي هو نسخة جد متطورة من الشريعة الإسلامية والتي بدأت في التأقلم مع الظروف الجديدة للخلافة الإسلامية يوم وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. بل وحتى القانون الفرنسي استلهم بعض قواعده من الشريعة الإسلامية حين لجأ مجموعة من رجال القانون الفرنسيين للإعتكاف في الإسكندرية بأرض الكنانة أثناء الحملة الفرنسية لدراسة أحكام الشريعة.

لذلك فلا نحتاج لقانون جديد يؤطر الحياة العامة للمواطنين في ظل القانون المغربي والذي سيواصل التطور كلما دعت الضرورة لذلك.

أخيرا يظهر والله أعلم أن "الشيخ" بوليف لديه حسابات جد معقدة مع قيادات حزبه، فحبذا لو يتحلى بالشجاعة الفكرية ويواجههم مباشرة دون زعزعة ثقة شباب هم في أمس حاجة للتأطير والمساعدة والتشجيع ليحققو أحلامهم في عالم المقاولة، أما إن كان يبحث عن الشهرة بأي ثمن، فلقد نجح في ذلك!