الأربعاء 24 إبريل 2024
اقتصاد

تجارب اليابان في التنمية تحت مجهر أكاديمية المملكة المغربية (3)

تجارب اليابان في التنمية تحت مجهر أكاديمية المملكة المغربية (3) عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية
في إطار أعمال دورة "آسيا أفقا للتفكير" التي نظمتها   أكاديمية المملكة المغربية من 9 إلى 17 دجنبر 2019 بالرباط، تم  تخصيص  الندوة  العلمية الثالثة، بعد الصين والهند، حول "اليابان: "تجارب في التحديث والتنمية". 
وأوضح عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، قائلا: "حرصنا في أكاديمية المملكة المغربية أن نضع التجربة التنموية اليابانية موضع تأمل علمي  وفكري  نتطلع من  خلاله إلى  الاقتراب من  فهم هذه التجربة في  مختلف تفاصيلها الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والتاريخية، واستخلاص عناصر النجاح فيها، وعيا من الأكاديمية بأن أحد أدوارها الطلائعية، خلق فضاء أكاديمي للتفكير في السبل الكفيلة للإفادة من تجارب الأمم وهي تبني نهضتها وتحدِّثُ
 مجتمعاتها"
 وأكد لحجمري في كلمته، أن اليابان تمتلكـ حواليْ 57 شركة من بين الأغنى والأكثر نفوذا في العالم الصناعي،وتخصص  ميزانية للبحث العلمي والتقني تزيد عن 150 مليار دولار سنويًا محتلة بذلكـ المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالكامل،  وهذا عامل أساسي في قوتها التنافسية العالمية.
 وأضاف لحجمري  أن  اليابان تعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين؛ وهي قوة صناعية كبيرة بفضل ابتكاراتها التكنولوجية المتقدمة، وقوة تجارية ومالية رئيسة، بحيث تعد بورصة طوكيو  واحدة من الأسواق المالية الرائدة في العالم في مجال الرسملة والمعاملات المالية؛ وهي فضلا عن ذلكـ، ذات إنتاج ثقافي رائد عالميا من خلال ألعاب الفيديو ورسوم المانجا الشهيرة، وقصائد الهايكو HAIKU .
لقد استطاعت اليابان من خلال مساراتها التاريخية الكبرى ذات المراحل التاريخية الفاعلة: مرحلة الميجي،  ومرحلة ما بعد الحرب ومرحلة العولمة الراهنة، أن تجد لها موقعا رئيسا في العالم المعاصر؛ ولا ننسى أن نمو الناتج الوطني مع بداية القرن العشرين كان يناهز حوالي 2.7 ٪ بين عامي 1870 و1913، ونما هذا الإجمالي خمسة أضعاف خلال  سنوات الخمسينات، مثلما ارتفع الإنتاج الصناعي الأساسي  ذي الصلة بمعدات السكك الحديدية وبصناعة الغزل والنسيج. 
يستند النهوض الاقتصادي  الياباني، يتابع لحجمري،  إلى جملة من  الركائز لعل أهمها تشجيع اقتصاد السوق ليكون فاعلا في الحياة الاقتصادية، وابتكار صناعات جديدة تيسّر لها الانفتاح على العالم الخارجي،  مع توفير الموارد المالية الضرورية لإنشاء البنى التحتية للنقل والمواصلات.
لليابان حضارة عريقة وراهن يفاجئنا ويبهرنا على الدوام، يقول لحجمري، مجتمع لم يتخل أبدا عن تراثه الثقافي التقليدي،  أي أن التحديث في التجربة اليابانية قام على أسس فلسفية وفكرية رصينة، وليس فقط على  التوسع التقني والانتاج الصناعي، وعلى العلاقة مع البيئة، ومكانة العائلة في  منظومة التنشئة الاجتماعية، والرغبة المتواصلة في  التعلم، وعشق الفنون والآداب. بكل هذا وغيره، تستثمر اليابان في  الإنسان والمجتمع وتدفع بهما إلى أقصى درجات الابتكار والحرية والنجاح، وبشعار واحد ووحيد: ترسيخ قوة العلم والعمل على تشجيع المعرفة باللغات والثقافات الأجنبية ليتيسّر الانفتاح على العالم".