الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

علي امقران: جماعة عبد السلام ياسين ومسجد الضرار

علي امقران: جماعة عبد السلام ياسين ومسجد الضرار علي امقران

يقصد بمسجد الضرار ذلك المسجد الذي شيده المنافقون في المدينة المنورة وندبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، بل قايضوه بالصلاة معهم مقابل الاستمرار في الصلاة معه في مسجده الشريف، فتارة هنا ومرة هناك، وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم بالنزول عند رغبتهم لولا أن الله عز وجل نهاه عن دخوله والصلاة فيه: "لا تقم فيه أبدا"، لأن غرضهم من بنائه لم يكن عبادة الله وإقامة الشعائر كما ادعوا، بل نكاية في المسلمين والتفريق بينهم، والاجتماع فيه للمؤامرة والتخطيط للنيل من الإسلام والنبي وأتباعه؛ "الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل. وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون. لا تقم فيه أبدا" سورة التوبة الآية 108.

وقريب من هذا الفعل قام به الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان حين بنى قبة الصخرة بجانب بيت المقدس -والتي يظنها المسلمون هي عين المسجد ويعلقون صورها-  ليصرف الناس عن البيت الحرام الذي كان تحت سيطرة عبد الله بن الزبير في غالب الظن.

التاريخ يعيد نفسه، فأتباع الأستاذ عبد السلام ياسين حين يتخذون من البيوت معابد يقيمون فيها "الرباطات" والصلوات والاعتكاف، فإنهم بذلك يريدون صرف الناس عن المساجد "المخزنية" متذرعين كون السلطات تضيق عليهم في العبادة وتمنعهم من الجلوس وإقامة طقوسهم فيها، والتي أمرهم بها شيخهم وإمامهم، وكأن لهم دينا غير دين الدولة الرسمي، فهم الطائفة المستضعفة الناجية التي لا تزال على الحق وغيرهم على الباطل حتى يظهر الله دينه، وكأننا نعيش في دار حرب لا في دار إسلام.

إن الاعتكاف الذي يتذرعون به ليس فرضا، ولا يدخل به أحد الإسلام، كما لا يخرج تاركه منه، كما أن الدولة لا تمنع مسلما من البقاء في المسجد في العشر الأواخر من رمضان إن صفا سره وسريرته وانعدمت خلفيته وسلك المساطر القانونية الجاري بها العمل، وقدم طلبا للإدارة المختصة التي تنوب عن رئيس الدولة في رعاية المساجد وحمايتها من العبث والفوضى واستغلالها لأمور من شأنها المساس بالأمن والنظام العام.

فأين العيب في سلك هذه المسالك واحترام القانون إن سلمت نوايا هؤلاء الناس وأرادوا الاعتكاف حقا ودخلوا البيوت من أبوابها ولم ينازعوا الأمر أهله؟

إن المغرب بلد مسلم، وهو يواجه في الآونة الأخيرة صعابا وتحديات ويتموقع موقعا لا يحتمل التأليب وإهداء الفرص لأعداء الداخل والخارج، ومن كان مسلما حقا فعليه أن يسهر على أمن البلاد ووحدته، وإن اقتضى الأمر ترك سنة غابرة كالاعتكاف، والذي أصلا يسمح به بتقييد بسبب ظروف أمنية فرضها غالبا أصحاب المرجعية الدينية المزعومة.

أنا لا أقذف أحدا بالنفاق، ولا أتهم إنسانا بالكفر، كما أنني لست عميلا لأحد كما يحلو لأتباع عبد السلام ياسين أن يصفوا به من انتقد منهجهم وطريقتهم، لكنني أحب وطني ومن الساهرين على وحدته وأمنه. وإن كانت محبة الوطن والدعوة إلى الوحدة، والحفاظ على بيضة المسلمين واحترام المقدسات خيانة وعمالة "للمخزن"، فأنا أول الخائنين ضدا على أولئك، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ضدا على المشركين: "إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين".

- علي امقران، دكتوراه في العقيدة والأديان، نائب رئيس مركز حوار العقائد والرسالات، خطيب وواعظ بالرباط