الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

المحمدية.. سيناريو الفوز الـ"البيجيدي" الذي تغذى من انكسار باقي الأحزاب

المحمدية.. سيناريو الفوز الـ"البيجيدي" الذي تغذى من انكسار باقي الأحزاب إيمان صابر، أول امراة ترأس بلدية المحمدية

بالتأكيد كان لفوز العدالة والتنمية برئاسة بلدية المحمدية "خسائر فاضحة"، وهي أكثر من فادحة في تعبيرها الصحيح، لكونها جعلت العديد من الأسماء الوازنة تعرب علانية عن مصالحها الشخصية أولا ولم تتردد في الدفاع عن ذلك علانية ومن دون التفكير في مخلفات التبعات في حالة جني الهزيمة، وهو ماحدث في نهاية المطاف. ومن هنا لابد من الوقوف عند ماحدث بالضبط في صفوف ثلاثة أحزاب اتجاه انتخاب رئيس بلدية المحمدية. 

1- العدالة والتنمية: مكونات حزب العدالة والتنمية فقدت ذلك التلاحم الذي ميزها قبل الإنتخابات البلدية الأخيرة، ومباشرة بعد توزيع المهام بعد الفوز بالرئاسة سنة2015 انطلقت شرارة الصراعات واعتبر البعض أن حسن عنترة (رئيس البلدية حينذاك) أقصاهم  ومنح مسؤولية رئاسة بعض اللجن لجهات قريبة منه. ولم تعد الصراعات خفية بل وصلت إلى الامانة العامة التي فشلت في رأب الخلافات لتصدر قرارا بحل فرع الحزب بالمحمدية وتصدر قرارات الطرد في مجموعة من المستشارين، وبمجيء دورة أكتوبر 2018 أعلن 14مستشارا من "البيجيدي" رفع راية العصيان والخلاف ضد "أخيهم" في الحزب عنترة وطالبوا بعزله امام ذهول كبير لمسؤولي الحزب الجهويين والمركزيين.

وكان لهذا الموقف دورا كبيرا في عزل حسن عنترة، وإذا كان 8 مستشارين عادوا لمساندة إيمان صابر للتصويت عليها من أجل الفوز بالرئاسة فإن مجموعة عنترة المكونة من ستة مستشارين ساندوا مرشح الأحرار علانية، وهو مازاد في شرارة التطاحنات بين مكونات فرع "البيجيدي" بالمحمدية،ليتم تسجيل ذلك ضمن الخسائر الفاضحة .  

 2- الإتحاد الإشتراكي: مسار الإتحاد الإشتراكي في الإطاحة بالرئيس عنترة وبانتخاب الرئيسة الجديدة كان "بطوليا" وبامتياز، فالإطاحة بحسن عنترة قادها المهدي المزواري، بحيث شكل لعنترة منافسا شرسا، بحيث  بحث له عن كل الهفوات والثغرات وقاد حملة شرسة ضده موجها له اتهامات خطيرة من نظير الإختلاسات والتصرف الغير المسؤول في المال العام والفشل في تدبير شؤون البلدية، لكن علاقة المزواري بمسؤول حزبي آخر كانت مثار انتقادات شديدة من طرف إخوانه في الحزب والرأي بالمحمدية،لكون المسؤول الحزبي المعني له صراع مباشر مع الرئيس عنترة، وتم توظيف المزواري لتصفية الحسابات معه وبالتالي الإطاحة به، وهو ما تم، لكن "الفرحة" لم تكتمل فجاءت فترة إنتخابات الرئيس الجديد، لينقسم الإتحاديون لفريقين، فريق المزواري المكون من ثلاثة مستشارين والمؤيد لمرشح الأحرار، وفريق مكون من سبعة مستشارين وهو المساند لحزب العدالة والتنمية بمواقف ثابتة تؤكد بأن المساندة ليست "حبا" في العدالة والتنمية ولكنها في واقع الأمر هي دين انتخابي كان لابد من إعادته لمحمد العطواني، ونجحوا في ذلك إلى أبعد حد. وبين هذاك فخسارة الحزب التنظيمية أصبحت بارزة وستكون لها تأثيرات سلبية مستقبلا على تنظيم حزب الوردة بالمحمدية.   

3- الأصالة والمعاصرة: مكونات حزب الأصالة والمعاصرة لم تبرز في الواجهة ولم تدخل باب الصراعات مع هذا الطرف أو ذاك، لكن هناك إسما نافذا بفرع الأصالة والمعاصرة، لايظهر في الصورة لكنه صاحب القرارات الحاسمة والقاتلة، ونعني به محمد لمفضل الرئيس السابق لبلدية المحمدية وأحد الخصوم السياسيين لمحمد العطواني، فدور لمفضل في انتخاب إيمان صابر رئيسة لبلدية المحمدية كان حاسما، فلو حضر لمفضل للإنتخابات لتبخرت آمال حزب العدالة والتنمية، لكون التعادل كان سيد الموقف (23 لكل فريق) وشيء بديهي أن يصوت لمفضل لصالح العطواني، لكون حزب الأصالة مساند للأحرار في انتخابات الرئيس، لكن لمفضل كان أكثر ذكاء وأطلق "رصاصة الرحمة" ومن بعيد على خصمه محمد العطواني، ليكون هو صاحب القرار المتحكم في هزيمته. وقرار لمفضل أغضب مكونات حزب البام على المستوى المركزي لأنه منح إشعاعا متجددا لحزب يشكل له عبء سياسيا مباشرا وهو حزب العدالة والتنمية.         

ووفق هذه المعطيات، يتأكد أن فوز حزب العدالة والتنمية فاز برئاسة بلدية المحمدية مخلفا بذلك خسائر "فاضحة" في ثلاثة أحزاب يبقى تذويب الخلافات بين مكوناتها أمرا مستعصيا.