السبت 20 إبريل 2024
سياسة

الرميد يقود عصيانا ضد القضاء لإنقاذ عنق حامي الدين من المشنقة!

الرميد يقود عصيانا ضد القضاء لإنقاذ عنق حامي الدين من المشنقة! حامي الدين (يمينا) ومصطفى الرميد

كشفت التطورات الأخيرة لقضية مقتل الطالب «القاعدي» محمد بنعيسى أيت الجيد في فاتح مارس 1993، السُّعار الذي أصاب قياديي حزب العدالة والتنمية بعد قرار قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس إدانة المستشار البرلماني وعضو الأمانة العامة بحزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين بالمساهمة في القتل العمد للطالب أيت الجيد. قضية فضحت «طهرانية» حزب البيجيدي الذي يعتبر دماء أنصاره دماء «زكية» غير قابلة للمساومة، إلى درجة خروج «صاحب الوزارتين» مصطفى الرميد، وزير العدل السابق في حكومة بنكيران، والوزير الحالي المكلف بحقوق الإنسان في حكومة العثماني، إلى الدفاع عن حقوق المتهم بتهمة «القاتل» ضد حقوق «القتيل»!! وهذا ما يحيلنا إلى استحضار قولة عبد الإله بنكيران «الخالدة» في وقت سابق في تجمع خطابي أمام أنصاره متحديا القضاء «لن نسلّمكم أخانا عبد العالي حامي الدين»، واعتبرناها آنذاك من «دعابات» و"قفشات" بنكيران، ولم نكن نظن أن الدفاع عن حامي الدين «عقيدة» بنيوية داخل حزب العدالة والتنمية، بدليل أن الأمانة العامة للبيجيدي لم تنم يوم صدور حكم الإدانة قبل إعلان بلاغ «ناري» «يدين» بدوره حكم القاضي الذي «أدان» حامي الدين في مقتل أيت الجيد.

بغض النظر عن انتماء حامي الدين إلى البيجيدي من دونه، كان على الرميد احتراما للحقيبة الوزارية الحقوقية -يا حسرة- التي يحملها التزام واجب التحفظ. فالرميد لم يعينه الملك وزيرا لحقوق الإنسان للدفاع عن حقوق «القَتَلة» ضد «القَتْلى». ولو فرضنا جدلا أن الرميد فضّل أن ينتصر للعصبية «الحزبية» و"الإخوانية" و"المذهبية" و"العقدية" التي تبخّس دماء خصوم الأصوليين وتزكي دماءهم، كان حريّ به تقديم استقالته وارتداء قبعة المحامي وليدافع حتى عن "الشيطان".

ليس مصطفى الرميد وحده من قام بتسفيه القضاء وتحقيره والطعن في استقلاليته، بل كان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والرجل الثاني في الدولة، هو قائد العصيان، بدل أن يكون حاميا للمؤسسات الدستورية، وعلى رأسها الدفاع عن استقلالية القضاء. معركة جديدة انهزم فيها حزب العدالة أمام «العدالة» الإنسانية والوضعية والإلهية. معركة كانت اختبارا للنّفس الأمّارة بالسوء لأي خصم من خصوم الأصوليين، وهو ما يفسر بروز قياديين من جماعة العدل والإنسان، الذين تركوا خصوماتهم ونزاعاتهم جانبا، لتبنّي قضية حامي الدين، فقط لأن «القتيل» من القاعديين.

في الوقت الذي كان ينتظر المغاربة في اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في «منتصف الليل» أن تحاكم عبد العالي حامي الدين وتطالبه، حفاظا على كرامة حزبه الذي يقود الحكومة، بتقديم استقالته من مجلس المستشارين ومن الأمانة العامة للحزب والهيئات الحقوقية التي ينتمي إليها، صونا لـ "مصداقيته" وانتظارا لكلمة القضاء، رفعت راية العصيان ووضعت حامي الدين ضمن «مقدسات» الدولة المغربية، ومنحته صكّ البراءة الذي كان عليه أن ينتزعه من المحكمة.

فمن يكون «السّوبرمان» عبد العالي حامي الدين؟

عبد العالي حامي، هذا الاسم المثير للجدل ولـ "العار" أيضا، يملك وجها «متعددا» وليس «وجها» واحدا، مثل معظم «بطانة» حزبه بالعدالة والتنمية. لكن «الوجه» الذي اشتهر به هو وجهه «الدموي» الذي ارتبط بمقتل الطالب القاعدي محمد بنعيسى أيت الجيد الذي انتصرت له العدالة ولم ينتصر لقضيته وزير العدل السابق والوزير الحالي المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد.. حامي الدين إلى حدود هذا اليوم لم «يغتسل» من دماء جثة أيت الجيد. كل «العطور» و"المساحيق" و"المناصب" الرفيعة التي قيست على مقاسه لم تستطع أن «تطهّر» يديه الملوثتين بدماء أيت الجيد. جثته مازالت شاخصة في وجهه وتطارده مثل ظله... إنها «عدالة السماء» هي التي تتحكم في قدر عبد العالي حامي الدين قبل عدالة الأرض.. هي التي تبحث عن «القصاص» الذي سنّته معظم الشرائع السماوية قبل أن تسنّه العدالة الكونية.

حامي الدين الذي يختفي في جلباب عبد الإله بنكيران، لا يستطيع أن ينفعه رئيس الحكومة السابق الذي يحتاج هو نفسه إلى «الحماية»، بدليل فيالق الأمن المرابطة أمام مقر إقامته بفيلا حي الليمون بالرباط، على الرغم من أنه وضع «مفاتيح» الحكومة والأمانة العامة للبيجيدي. فماذا تبقّى لبنكيران من «سلطة» حتى «يحرس» حامي الدين من «العدالة»؟ ماذا يملك بنكيران غير ارتداء «طاقية» الإخفاء والهرب من عيون «الشعب» مثل رجل «صاحب سوابق»؟ ماذا يوجد في «جبّة» بنكيران كي ينقذ حامي الدين من الغرق في حمام دماء أيت الجيد؟ بماذا ينفع بنكيران الذي أصبح يسلّي نفسه بالغناء مع الأجواق في الحفلات، فما كان «مانديلا» الذي شبّهه به حامي الدين «طبالا» أو «غيّاطا» أو «مهرّجا» أو «بهلوانا»؟!

مصير عبد العالي حامي الدين بات بيد القضاء وأصبح عنقه أقرب إلى المشنقة من أي وقت مضى، وكل هذا «الاستعراض» السياسي الذي يقوم به هو استنزاف للوقت و"طعن" في حزبه الذي أصبح حزبا مخترقا من الداخل، و"مفخّخا" وعلى مقربة من الانفجار. لذلك ليس هناك أي قراءة ثانية للهجوم الذي قاده حزب العدالة والتنمية على مؤسسة القضاء سوى أنها محاولة فاشلة للضرب تحت "الحزام"، كل هذه القرائن التي ساقتها المحكمة تدين عبد العالي حامي الدين، وتلزم سعد الدين العثماني إما بـ "تأديب" حامي الدين أو «الاعتذار» شخصيا للمغاربة!!

هذه هي «الشجاعة» السياسية التي ينبغي أن يتحلى بها رئيس الحكومة وزعيم الحزب الذي يقود الأغلبية لمواجهة «جريمة» حامي الدين الذي فقد كل الفرامل بعد أن ضاق حبل المحكمة حول عنقه، مفضّلا أن يكون «انتهازيا» سياسيا بدل أن يكون «مستشارا برلمانيا»... اختار أن يكون «قاتلا» في قناع رجل قانون وحقوقي.

هذا هو عبد العالي حامي الدين.. من «شرّ» ما خلق عبد الإله بنكيران!!

(تفاصيل أوفى حول هذا الملف تقرؤونها في العدد الحالي من أسبوعية "الوطن الآن")