الاثنين 20 مايو 2024
منبر أنفاس

يحيى عمران: شهود الحقيقة.. أمام صمت الديمقراطيات وشلل القوانين

 
 
يحيى عمران: شهود الحقيقة.. أمام صمت الديمقراطيات وشلل القوانين

 

بمناسبة اليوم العالمي لانهاء الافلات من العقاب على الجرائم المرتكبة  ضد الصحافيين  2 نونبرمن كل سنة.

 

هل يمكن ان تتخيل ولو للحظة ان تعيش بدون نور او ماء.. هل يمكن للعالم ان يعيش بدون أخبار ومعطيات، طبعا لا ثم لا، تحتاج يوميا وعند كل لحظة إلى شاهد للحدث وناقل للخبر.

 

ضمن دائرة الحروب  وقفص النزاعات المسلحة المدمرة  وتزايد  وتيرة الجرائم المنظمة يناضل بشكل يومي شهود الحقيقة من اجل كشف الحقائق  ونقل الصورة الكاملة وإعلام الجماهير بها، ضمن هذا المدار يختطف ويعتقل العديد من الصحافيين.

 

بل إن البعض منهم دفع حياته ثمنا لقيامه بواجبه المهني، حينما رفض تحفيزات وامتيازات مجانية لاسكات صوته عمدا في محاولة لطمس الحقائق وتزوير الوقائع.

 

هؤلاء الذين مرت الجرائم المرتكبة ضدهم دون عقاب أو محاسبة ومتابعة قضائية ما مكن الجناة من الاستقواء وتكسير الميثاق الشرفي للصحافة والاعلام لتفادي طوق المساءلة، في الوقت الذي عمق فيه الشعور لدى باقي الصحافيين الاخرين بغياب الامن والامان وتسلط القوانين التي افرغت من وظائفها الزجرية .

 

بلغة الارقام، تقول حسابات المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة، اليونيسكو ان أكثر من 800 صحفي لاقوا حتفهم خلال السنوات الاخيرة وهم يؤدون مهامهم الواجبة.

 

وفي مقابل ذلك، وفي كل 9 من  اصل10 حالات  من الجناة القتلة، 1 هو من يقدم للعدالة ويخضع للمحاسبة.

 

في هذا السياق اختارت جمعية الامم المتحدة من يوم 2 نونبر يوما عالميا للاحتفال بانهاء الافلات من العقاب، الذي تم إحياؤه بمناسبة الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين الفرنسيين، "جيسلان ديبون" "وكلود فيغلون" اللذين تعرضا للقتل خلال الثاني من نونبر 2013 بمالي.

 

الواقع انه ينبغي على جمعية الامم المتحدة التعامل مع موضوع الافلات من العقاب بيد من حديد ونار لكسر هذا الطوق، وان تصبح مهمة دعم حق الصحفي في نقل الاخبار والوصول الى الحقيقة دون خوف او ترهيب او تهديد واجبا على الجمعية ضمانه.

 

كما ينبغي ان تصبح قضية كفالة امن الصحفي بالوقوف ضد ظاهرة الافلات من العقاب حقا من حقوقه الراسخة والمدعمة لجسامة مهمته وشرف واجبه المهني.

 

ويبدو أن اعتماد الامم المتحدة في دورتها الثامنة والستين من عام2013  للقرار68/ 163 الذي اختار إحياء ذكرى الثاني من نونبر كيوم عالمي لانهاء الافلات من العقاب ، يبدو انه مجرد حبر على ورق، لم يراوح مكانه، ولم يتزحزح قيد انملة من خلال نماذج صحفية متنوعة ومن مشارب واتجاهات متباينة عبر بقاع العالم من جهة، واعتراف  منظمة اليونيسكو بكون معدل الاعتداء على الصحفي عبر العالم مازال مرتفعا ومتواصلا من جهة اخرى.

 

كما ينبغي ان على الجمعية تنزيل وتفعيل المفاهيم النظرية المكدسة لرفوف مكتبة الامم المتحدة، ومنه تعريفها لمفهوم الافلات من العقاب “impunity” . وفي تحديدها ترى أن:

 

 "الإفلات من العقاب هو  عدم القدرة على محاسبة مرتكبي الاعتداءات الذين ترفع دعاوى قانونية ضدهم جنائية كانت او مدنية، وذلك لعدم خضوعهم لاية متابعة تسمح بمحاكمتهم في حال تورطهم وفقا للقوانين المعمول بها.”

 

المطلوب إذا من الجهات الوصية المسؤولة دوليا ووإقليميا تحمل مسؤولياتها القانونية والتاريخية  في إعادة الشعور بالامان لشاهد الحقيقة، وتثمين الواجب المهني الانساني الذي يضطلع به لنشر المعلومة الصحيحة من مصادرها الحقيقية.

 

و اعتبر ان اعتماد يوم 2 من نونبر يوما عالميا لانهاء الافلات من العقاب في حق الجناة المعتدين على الصحفيين قفزة نحو المجهول تحتاج الى هوية حقيقية وواقعية.