في هذا الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته "أنفاس بريس"، مع عبد الوهاب السحيمي، عضو اللجنة الوطنية للتنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد، يتحدث عن تراجع دور النقابات في الدفاع عن الموظفين، وفشلها في تدبير ملف التقاعد، وكيف أن التنسيقية تحاول سد هذا الفراغ.
+ ما دلالة عدم تبني النقابات لملف التقاعد، وهل خلق التنسيقية محاولة للتحرر من السقف النقابي؟
- في البداية، يجب الإشارة إلى أن النقابات تبنت هذا الملف وخاضت مجموعة من الأشكال النضالية من أجل الوقوف في وجه هذه الخطة المشؤومة، وصلت إلى درجة خوض إضرابات عامة في الوظيفة العمومية وشبه العمومية، وعدة اشكال نضالية ممركزة بمدن الرباط والبيضاء. لكن السؤال المطروح في نظري، هو هل فشلت النقابات في تدبير هذا الملف وضمان حقوق الموظفين والموظفات في التقاعد؟ أقول لك، نعم، وبكل صراحة النقابات فشلت فشلا ذريعا في تدبير هذا الملف وذلك راجع بالأساس إلى الضعف الكبير الذي أصبحت عليه اليوم الإطارات النقابية ببلادنا، وكذلك بسبب غياب تنسيق فعلي متين بين المركزيات النقابية، وتجلى ذلك واضحا يوم التصويت على قانون التقاعد بمجلس المستشارين، حيث انقسمت أصوات الفرقاء النقابيين بين معارض (فريق الاتحاد المغرب للشغل) ومنسحب (مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) وموافق (أعضاء نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الموالية للحكومة) ومتغيب (أعضاء نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الموالية لحزب الاستقلال).
لم تفشل النقابات في تدبير ملف التقاعد فقط، بل فشلت في ملفات عديدة سبقته وخاصة على مستوى القطاعات الحكومية وهناك اتهامات لها من طرف قواعدها بالتواطؤ مع الحكومة في تمرير كل المخططات التي أجهزت على حقوق ومكتسبات الموظفين والموظفات وتخريب الوظيفة العمومية، الشيء الذي جعلها تفقد مصداقيتها، وأصبحت تعرف نفور المناضلين والمناضلات من تحتها ومن الأشكال النضالية التي تنظمها. بالمقابل، ولملء الفراغ الذي تركته النقابات وخاصة في ظل وجود قيادات بيروقراطية فاقدة للثقة وللمصداقية، التأم الموظفون والموظفات حول التنسيقيات كإطارات مناضلة تتمتع بالاستقلالية والشفافية والديمقراطية في اتخاذ قراراتها، للدفاع عن حقوقهم العادلة والمشروعة. وحققت التنسيقيات مطالب عجزت على تحقيقها الإطارات النقابية مجتمعة لسنوات طويلة، ونخص بالذكر ملف الزنزانة 9 الذي عرف حلا رغم أنه لم ينصف الجميع لكنه حقق بعض المكاسب الهامة وخاصة مبدأ التسقيف، كذلك ملف الأساتذة حاملي الشهادات الجامعية المقصيين من الترقية، ملف الأساتذة المتدربين، واليوم ملف خريجي البرنامج الحكومي 10000 إطار..
+ هل هذه التنسيقيات تشكل بديلا عن النقابات التي يعتبرها البعض استنفذت عمرها الافتراضي؟
- نحن لا نقول إننا جئنا لمحاربة النقابات أو التضييق عليها، أبدا، نحن متأكدون أن المستقبل للعمل النقابي الجاد والمسؤول، والتنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد خيرة مناضليها لهم انتماءات نقابية وكذلك حزبية مختلفة، ولكن في ملف اسقاط خطة التقاعد بعدما عجزت النقابات على تدبيره وضمان مكتسباته، نشتغل تحت لواء التنسيقية بشكل مستقل وسيادي، ونطمح مستقبلا إلى تدارك النقابات لأخطائها ودمقرطة قراراتها وإزاحة زعاماتها البيروقراطية وتكوين نقابات قوية، تقف في وجه كل المخططات الليبرالية الهدامة للمكتسبات الاجتماعية..
+ ما هو أفق مساركم النضالي في ظل عدم وجود دعم من الأحزاب والنقابات؟
- أولا، أريد أن أؤكد أن التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد وفي جميع بياناتها، تدعو كل الإطارات النقابية والأحزاب السياسية والجهات المعنية، بتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذا الملف، وتناشدها للانخراط الفعلي في النضالات المنظمة من طرف التنسيقية لإسقاط خطة التقاعد وإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين..
وفيما يخص سؤالك، التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد تحظى بدعم من مجموعة من الإطارات النقابية والحزبية سواء على المستوى المركزي أو على المستوى الجهوي والمحلي وخاصة فيما يتعلق بتوفير المقرات لعقد اجتماعات التنسيقية والتحضير للمحطات النضالية، كذلك توفير بعض اللوجيستيك، وهذا مهم رغم انه يبقى غير كاف. كما نسجل حضورا وازنا لمسؤولين نقابيين في الأشكال النضالية التي تنظمها التنسيقية وخاصة في الاشكال النضالية الأخيرة، وهذا يلعب دورا كبير في التعبئة والحشد لأشكال التنسيقية النضالية.. ونتمنى أن يستمر ويتطور هذا الدعم ونذهب جميعا في معركة واحدة إلى حين إسقاط هذه القوانين الظالمة المجحفة وحماية مكتسبات الموظفين والموظفات في التقاعد وإلغاء معاشات الفساد والريع الخاصة بالوزراء والبرلمانيين.
من جانب آخر، وكما هو معلوم، التنسيقيات الوطنية، والتي يقرر مناضلوها الدفاع عن حقوقهم خارج الإطارات النقابية، تعول بالأساس على سواعد مناضليها ومناضلاتها وتكون مستعدة لجميع الاحتمالات بعد دراستها لها طبعا، وتجد المناضلين والمناضلات، وبحكم إيمانهم القوي بعدالة ومشروعية مطالبهم، وديمقراطية وشفافية الإطار الذي يناضلون تحت لوائه، تجدهم مستعدون لتقديم كافة التضحيات من أجل الاستمرار في دربهم النضالي إلى حين انتزاع حقوقهم. ولدينا تجارب في الموضوع كملف الأساتذة حاملي الشهادات الذي تعرض مناضلو تنسيقيته لقمع رهيب واعتقالات بالجملة والحكم بالسجن موقوف التنفيذ على 8 مناضلين بينهم مناضلة، ومع ذلك استمروا في نضالاتهم إلى حين انتزعوا حقوقهم ورغم التضييق النقابي والحزبي عليهم لم يثنهم عن مواصلة دربهم، كذلك ملف الأساتذة المتدربين، ورأينا ما تعرضوا له من قمع لمدة تزيد عن 6 أشهر السنة الفارطة، ورغم تجاهل الاطارات النقابية لهم في البداية، لم يتخلوا عن حقوقهم وعن مواصلة دربهم النضالي حتى النهاية وتحقيق كافة مطالبهم.