ردود الفعل التي صاحبت تسريب فيديو صلاح الدين مزوار لا تقف عند حدود استهجان سلوك المسربين، بالنظر إلى أنه مس بالحياة الشخصية للأفراد، واعتداء قانوني واخلاقي على اختيارات المرء وسلوكه في اللحظات الخاصة خارج العمل، بغض النظر عن مستويات التقييم. ولكن هذه الردود قد تذهب أبعد من ذلك حين نعيد التأمل في مكان التصوير، وتوقيت التسريب، وتفاعلات الآخرين معه، وتحديد من له مصلحة في اقتراف هذا الجرم.
في هذا الإطار لا يكون من المستغرب أن يقع تصوير الفيديو بأرض قطر تحديدا، وهي الإمارة التي لا يخفى دعمها للإخوان في أي مكان، بدءا من مصر وتركيا، وانتهاء بسوريا وليبيا... كما أنها البلاد المحروسة أمنيا ومخابراتيا، وبالتالي فمن غير الممكن لأي كان أن يقدم على التصوير داخل مكان محروس لو لم يكن هو بدوره محروسا من جهات لها مصلحة في التسريب.
المعطى الثاني يهم ردود الفعل الرسمية في الداخل، وخاصة في المشهد الحزبي. هنا أيضا يفاجئنا حزب العدالة والتنمية بأن يكون الوحيد الذي بادر بإصدار بيان في الموضوع، محاولا تبرئة نفسه من تهمة أنه الواقف خلف التسريب. وإذن فالأمر لا يفيد فقط أن "مول الفز كيقفز"، ولكنه يفيد كذلك أن "الأمور بخواتمها"، أي أن اللعبة تصبح مكشوفة حين تلتقي مصالح قطر بـ"البيجيدي" من أجل الانتصار إلى الصفاء "الطهراني" المزعوم لرفاق بنكيران، ما يعني اندراج فعل التسريب ضمن حمى التسابق الانتخابي في أفق الاستحقاق التشريعي القادم لسابع أكتوبر القادم.
هو إذن دأب الإخوان البيجيديين الذين يسوغون فعل كل شيء من أجل أن يعتلوا المشهد السياسي القادم مجددا، كل شيء بما فيه التآمرعلى الوطن، وبالأحرى على الأشخاص.