السبت 4 مايو 2024
سياسة

من هم المتورطون في «مؤامرة الصمت» لنسف إمارة المؤمنين؟

من هم المتورطون في «مؤامرة الصمت» لنسف إمارة المؤمنين؟

منذ أصدرنا «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» (الإمتداد الورقي والإلكتروني لأسبوعية «البيضاوي») ونحن نخوض معارك وتحديات، بعضها يعود إلى طبيعة المهنة ومصاعبها، والبعض الآخر يعود إلى كل ما يعترض الإعلام النزيه، ويختبر قدراته في المواجهة، ومدى وفائه لميثاق المهنة ولنقاء الممارسة. وإزاء كل تلك المعارك والتحديات كنا نخرج منها عاليي الرأس، أكثر إيمانا برسالتنا في النقد وكشف الحقيقة، وتمسكا بمواصلة شق الطريق، لأننا أولاد الشعب، وليس لنا ما نخسره سوى ماء وجهنا.

أسباب نزول هذه التوضيح ما صار يطوق «الوطن الآن» و«أنفاس بريس» مؤخرا من احتداد التحرشات بنا، ومن كيل الاتهامات الموجهة إلينا من طرف بعض المواقع المنتسبة إلى التيار الأصولي التي صارت تضعنا في مرمى النار، مصادرة حقنا الإعلامي في الجهر بما نراه خللا في مشهدنا السياسي والفكري والديني، وما نتصوره من صميم مسؤولياتنا الإعلامية.

وبما أن المناسبة شرط، فإننا نغتنمها فرصة متجددة لتوضيح أن توجهنا بالقراءة والنقد لنشاط التيار الأصولي، بامتداديه الوهابي والسلفي الجهادي والإخواني، يندرج ضمن خطنا التحريري المتوجه أيضا بالقراءة والنقد لكل مكونات وروافد مشهدنا الحزبي والسياسي، والمتتبع لأدائنا الإعلامي سيلاحظ أن ننتقد بنفس المكاييل الموضوعية أداء باقي التيارات الأخرى، سواء منها الموالية للأغلبية الحكومية، أو للمعارضة داخل البرلمان، أو خارجه، ولمختلف مكونات اليسار بتنويعاته، وكذلك لكل الاشخاص النشطاء في المشهد العام مهما كانت انتماءاتهم واجتهاداتهم في فهم الواقع الراهن.

كما أن اهتمامنا بنشاط التيار الأصولي يعود، من جهة ثانية، إلى معطى موضوعي قائم يتمثل في كون جزء من ممثلي هذا التيار صاروا في صدارة المشهد السياسي بعد أن بوأهم الاستحقاق التشريعي لسنة 2011 مسؤوليات إدارة الشأن العام، ولذلك لا بد أن يكون من الطبيعي أن يتعرضوا للنقد والتحليل والمساءلة، خاصة بعد اختلال الميزان بين الوعود الانتخابية ومردودية أدائهم الحكومي الضعيف، وبعد العجز عن مواجهة تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وإثقال كاهل المواطنين البسطاء، والخلط في الممارسة والخطاب بين منطق الدولة ومنطق الحزب، وبين خدمة الدولة كصالح عام وخدمة الحزب كمصالح ضيقة، وإسهامهم في تكثيف الغموض الفكري حول الاختيارات الأساسية للبلاد، خاصة حول التعاقد التاريخي للمغاربة حول إسلام منفتح وسطي يحيا على أرض المغرب المتوازن مستضلا بإمارة المؤمنين المتجذرة في التاريخ، إضافة إلى السكوت المتواطئ عن تصاعد ظاهرة الارتداد والتكفير وإهانة المرأة والآداب والفنون، ويتم كل ذلك على خلفية تنامي تهديدات الخلايا الإرهابية الكامنة في الداخل، وتحديات المحيط الإقليمي والدولي، خاصة بعد تأكد هشاشة تونس الحالية وانحلال الدولة في ليبيا، واستمرار قعود الدولة في الجزائر.

ينبغي التوضيح كذلك بأننا جئنا إلى المهنة لا عن طريق الصدفة والخطأ، ولكن من صلب اختيار متجذر في تربة اليسار كما علمنا إياه الخط الممتد من المهدي بن بركة وعمر بنجلون إلى عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي. ومعنى هذا الانتماء أننا، كإعلاميين، نرى أن رهان بناء الدولة والمجتمع ديمقراطيا لا يمكن فيه الخوف من مواجهة معركة الجهر بالحقيقة، أو تأجيلها، أو افتعالها لأن معركة الإعلام في صلب معركة الديمقراطية، ولأن أداءنا قائم على التعاقدات التي أرسيناها مع القارئ المغربي، حيث لا انحياز لنا سوى إلى الحقيقة مهما كانت مرة، ولأننا نذرنا أنفسنا إلى الانتصاب دفاعا عن المغاربة أولا وأخيرا.

وفي تقديرنا فهذا الخيار الإعلامي الأسلم في سياق واقعنا الراهن، فهل يرى هؤلاء الذين يغيظهم خطنا التحريري ضرورة أن نلوذ بمؤامرة الصمت، أو أن نمارس مبدأ «التقية» فنسكت مطلقا عن المهزلة؟ إنهم بهذا المعنى يدفعون الإعلام النزيه إلى الاستقالة كما هي الاستقالة المقلقة حاليا لليسار وللأحزاب، وللنخب المدنية والفكرية. ولا نعتقد أن هذا هو الحل المناسب لمغرب اليوم لأن منطق المصادرة وإقرار مؤامرة الصمت لن يدفعا إلا إلى أن يسير المغرب نحو الرأي الواحد، ونحو الفاشية بتعبير أدق، ضدا على مكتسبات المغاربة الذين خاضوا المعارك، وأدوا ضرائب النضال المكلفة من أجل أن تشرق شمس الحقيقة.

لأجل ذلك فليطمئن منتقدو خطنا الحريري، فالإرهاب الأصولي اللفظي والمادي لا يمكن أن يثنينا عن اختيارنا الإعلامي، وعن جملة تصوراتنا لما يجري داخل البلاد وخارجها لسبب بسيط: إننا مع الديمقراطية لا الفاشية، مع مغرب التعدد والانفتاح لا مغرب الرأي الواحد، ومع الإعلام الذي لا يخشى في الحقيقة لومة لائم وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون.

في هذا العدد نعيد نشر بعض الكتابات التي سبق لنا نشرها بـ «الوطن الآن» والتي تضبط خطنا التحريري ودفتر تحملاتنا لحماية موروث المغاربة الديني والاجتماعي.

تفاصيل أوفى تطلعون عليها في عدد أسبوعية "الوطن الآن" المتواجد حاليا في الأكشاك