السبت 18 مايو 2024
مجتمع

فصل المقال بين اليوسفية المجزرة وإصلاحها ومص حليب ضرع اليوسفية وأهلها

 
 
فصل المقال بين اليوسفية  المجزرة وإصلاحها ومص حليب ضرع اليوسفية وأهلها مهنيو الجزارة أمام باب المجزرة بالسوق الأسبوعي باليوسفية

لاحظت جريدة " أنفاس بريس " أنه منذ مطلع السنة الجديدة 2018، أضحى اسم المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية،"onssa " متداولا بشكل يومي واعتيادي بين ساكنة مدينة اليوسفية، بعدما فرض نفسه كطرف في معادلة مراقبة جودة الخدمات على مستوى تخصصاته، خصوصا بعد أن تم تضخيم مشكل قرار إغلاق المجزرة في وجه زبنائها الممتهنين بيع اللحوم بالجملة، وتعليق رخصة الذبح بالمسلخ البلدي، مما شكل صدمة للرأي العام المحلي، واستغراب المهنيين بكل من اليوسفية والشماعية ومراكش وأكادير وورززات وسيدي بنور والجديدة،وانعكس سلبا على قاعدة اليد العاملة بباطوار اليوسفية، حيث نفذت هذه الفئة بتنسيق مع الجمعيات المختصة، عدة صيغ نضالية لإسماع صوتها، والدفاع عن حقوقها ومكتسباتها.

ـ أسئلة مفاتيح دهاليز ملف الباطوار.

ما هي أسباب تعثر مرفق الباطوار؟ ولماذا لم تتم صيانته وإصلاحه بالشكل المطلوب رغم الاعتمادات المالية المهمة التي رصدت له في  السنوات الأخيرة والتي قدرتها مصادرنا بحوالي 200 مليون ؟ ولماذا تنصلت مؤخرا بعض المقاولات التي استفادت من صرف اعتمادات مالية فاقت 50 مليون سم من التزاماتها المرتبطة بإتمام صيانة وإصلاح الباطوار؟

في هذا السياق تشكلت لجنة من رئيس الجماعة والسلطات المحلية و المدير الجهوي والاقليميللمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وممثلين عن جمعيات المهنيين، من أجل زيارة المرفق، ومعاينة  الاصلاحات المنجزة، وحسب ممثل جمعية الفضل للجزارين وبائعي الأحشاء باليوسفية فقد تم الوقوف على نقص في الاصلاحات لخصه حسب قوله في " مستودع التبريد، والمرافق الصحية، وقاعة تغيير الملابس الخاصة بممتهني الذبح والسلخ، واسطبلات البهائم، والممرات المؤدية للمجزرة ..". وعلى إثر ذلك رفضت إدارة المكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية  منح الرخصة حيث أكد ممثل نفس الجمعية بأن المدير الجهوي قال أمام اللجنة مخاطبا الجميع " سيروا للرباط دافعوا على ملف المجزرة، ملفكم في الرباط ". وأضاف مستغربا لهذا التصريح بقوله " لقد علمنا بأن المدير الإقليمي لنفس المكتب ورئيس المجلس الجماعي قد واقعا على اتفاق يخص الصيانة والآجال المعقولة لاستكمال ورش الاصلاح،فلماذا يريد البعض حرمان أكثر من 400 مهني من رزقهم بالمجزرة؟". وأنهى تصريحه "بالثناء على عامل إقليم اليوسفية الذي تدخل في ملف الباطوار وأكد على عدم قبوله بتوقيف مرفق الباطوار" قصد إنهاء قصة محبوكة يريد لها البعض أن تحكيها الألسن بحبكة المظلومية في زمن "السمع لله والمدح لله".

ـ أهمية مرفق الباطوارالسوسيو اقتصادية:          

من المعلوم أن مرفق باطوار سوق الأحد بمدينة اليوسفية قد لعب دورا أساسيا منذ فترة الثمانينات، في ضمان تزويد المدينة والمناطق المجاورة باللحوم، وأسس لجسر وطني لتزويد السوق المغربية باللحوم ( فنادق/ أسواق/ مؤسسات...)، واستطاع أن يستقطب عددا مهما من الممارسين لمهنة القصابين والجزارين، ومساعديهم في عملية الذبح والسلخ والتنظيف، مما شكل نقطة ضوء على مستوى خلق فرص تشغيل مهمة داخل المدنية ( 400 ممارس بين جزارين ومساعدين ). إلا أنه يمكن القول بأن هذا المرفق الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن أن يلعب دورا أكبر من حجم بنيته ومرافقه، وطريقة تسييره ومراقبته، في غياب ثقافة حكامة تدبيرية تشاركية.

ـ أهمية مرفق الباطوار المالية :

يعتبر مرفق الباطوار بالنسبة للجماعة الترابية موردا ماليا مهما على مستوى روافد المداخيل المحصلة من رسوم الذبح التي يقرها القانون، والتي تحول منها نسبة مائوية مهمة لمؤسسة الرعاية الاجتماعية دار الأطفال اليوسفية لتلعب دورها الاجتماعي في تقديم خدماتها لأبناء الفقراء واليتامى والمعوزين لضمان اتمام مشوارهم التعليمي. وحسب مصادر عليمة فإن مجزرة بلدية اليوسفية تحصد أكثر من 20 مليون سنتيم شهريا، حيث بلغت مداخيلها ما يقارب180 مليون سم بعد متم شهر نونبر من سنة 2017 ،هذا الجانب يستدعي من المسؤولين والفرقاء والمتدخلين في مختلف مواقعهم العمل على ضمان استمرارية تجويد خدمات المرفق، وتثمين موارده المالية بطريقة تدبيرية نزيهة وشفافة .

ـ غياب ثقافة التدبير التشاركي تعمق من مشاكل المرفق.

يخضع مرفق الباطوار حاليا لإشراف الجماعة الترابية لمدينة اليوسفية، ويدبر بطريقة تشاركية  مع جمعيات المجتمع المدني التي تستثمر بنية المجزرة لفائدة المنخرطين من زبناء و جزارين ومساعديهم ، تحت مراقبة المصلحة البيطرية التابعة لوزارة الفلاحة، من هنا يطرح سؤال تقييم الأدوار المختلف للمتدخلين بذات المرفق، بمعنى كيف تساهم الجمعيات والمجلس الجماعي في تطوير المرفق، والارتقاء بخدماته وتجويدها. " الارتقاء بالباطوار يتطلب إحداث إدارة قائمة الذات للحرص على الخدمات وضبط المالية، وتحصيل الرسوم، وتثمينها " يقول أحد المهتمين بتدبير الشأن المحلي باليوسفية. وفي هذا السياق تساءلت مصادر جمعوية مستغربة كون المرفق استهلك من المال والوقت والجهد دون أن ينعكس ذلك على بنيته ومرافقه الاستقبالية حيث قالت للجريدة " لاحظنا أن أهم النقط التي تدرج في جداول أعمال دورات المجلس الجماعي تتعلق دائما بتخصيص فصول مالية موجهة للباطوار من أجل الإصلاح والترقيع، دون أن ينعكس ذلك بالشكل الإيجابي على فضاءه ".

من هنا تنتصب أسئلة أخرى مرتبطة بمن يهيمن ويسيطر على الباطوار لتلميع ذاته وممارسة الشعبوية المقيتة على الجزارين ومساعديهم وزبناء المرفق " تجار اللحوم "، ومن يتوفر على سلطة فتح أو إغلاق الباطوار بحكم تمثيلته الفاشلة فوق ركح خشبة الانتخابات، وقدرته على المناورة بطرق تحايلية على جمهور العرض والطلب، حيث أكد أحد المسؤولين الجماعيين للجريدة قائلا: " عوض أن يكون المنتخب في مستوى أمانته ومسؤوليته، ويقوم بدوره الإيجابي في معالجة قضايا ومشاكل المجتمع بطرق واضحة وشفافة، تضمن الحقوق والواجبات، تجده يكرس ثقافته الشعبوية دون أن يفطن أنه يدمر مستقبل مدينة بمعول سياسوي أناني " .وأوضح نفس المتحدث بأن أساليب التعاطي مع صيانة وإصلاح الباطوار " لم تخضع للتدقيق وفق استراتيجية ومخطط واضح المعالم، وتطفل عليها أشخاص لا علاقة لهم بثقافة التدبير التشاركي " وأضاف بأن هذا السلوك نتج عنه " بلبلة وتشويش على المؤسسة الجماعية، وخلق صراع داخلي بالمجلس، نظرا لغياب ثقافة تشاركية مبنية على الحقيقة والوضوح ".

و للحد من هذه السلوكات و الممارسات التي تمس بعمق مصالح هذه الفئة، طالبت مجموعة من الفعاليات المدنية والجمعوية بوضع " آجال معقولة للحسم في كل مشاكل المرفق". والاستناد إلى " خطة عمل مؤطرة وواضحة المعالم للارتقاء بمجزرة اليوسفية حسب الأدوار الموكولة للفرقاء، بعيدا عن التعاطي مع مشاكل الصيانة والاصلاح بالطوارئ ". ولن يمكن تفعيل هذه الآليات حسب نفس المصرحين " إلا إن توفرت للجماعة الترابية باليوسفية إرادة تدبير المرفق بطريقة شفافة، وضمان مواكبة جيدة لمصالح قطاع وزارة الفلاحة، وانخراط جمعيات المجتمع المدني ذات الأهداف المشتركة مع قطاع بيع وتثمين اللحوم ".

معضلة الجانب البيئي بالباطوار ومحيطه :

كل ساكنة اليوسفية تتذكر الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من أمام باب المجزرة ومحيطها وسط غابة العروك، وما تخلفه أحشاء البهائم من نفايات سوائل الذبح والسلخ الممزوجة بالدماء والمياه الملوثة، وظل هذا المشكل الكارثي يقظ مضجع كل الوافدين على السوق الأسبوعي والعابرين للطريق. ولم تتمكن المجالس المتعاقبة من حل هذه المعضلة البيئية إلا بعد أن دخل المجمع الشريف للفوسفاط على خط اتفاقية شراكة مع الجماعة الترابية واستجابته لإحداث محطة تصفية مياه المجزرة، بمواصفات تقنية وبيئية في المستوى المطلوب بتكلفة 800 مليون سم. هذا المشروع قادر على تحسين جودة المرفق مما يتطلب معه الاسراع بتنفيذه في الآجال القريبة.