الخميس 2 مايو 2024
سياسة

أمريكا ليست صديقا وفيا..

أمريكا ليست صديقا وفيا..

لسنا ممن يفاجأ بالقرارات الأمريكية المضرة بالمصالح المغربية، لأننا كتبنا منذ مدة أن "أمريكا ليست صديقا وفيا" ولا يمكن وضع كل البيض في سلتها لأنه سيتكسر حتما، ونادينا على قدر فهمنا بتنويع العلاقات الديبلوماسية، لأن هذا التنويع هو ميزان للقوة يمكن أن يستعمله المغرب في اللحظات الحرجة.

حقيقي أن المغرب هو أول بلد يعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، لكن طبيعة تكوين هذا البلد لا تضع في الاعتبار أية قيمة للذاكرة، وهو بلد يخاف من المستقبل أكثر من الحاضر، وكل ثقافته، من السينما إلى الشعر إلى الفلسفة البراجماتية إلى النظريات الاقتصادية إلى التوجهات الدينية، تتجه نحو الجواب على سؤال واحد هو الخوف من عدو محتمل ويتم رسمه بشكل غامض.

وأحيانا تبدع أمريكا أعداء لتجرب أسلحة المواجهة حتى تتفادى عنصر الغفلة، وهذا ما يجعلها متنكرة لأصدقائها وفية لمصلحتها ومستقبل أجيالها القادمة المبني على الخوف والرعب ويتم تجسيده في الأفلام الأمريكية بشكل كبير جدا إن لم يكن هو الطاغي على السينما الأمريكية، والسينما مرآة للشعوب وأفكارها وثقافاتها.

المغرب ربط علاقات متميزة مع أمريكا، غير أنها ظلت صديقا غير وفي. لا نقول إنها عدو. ولكنها في المنزلة بين المنزلتين مثل مرتكب الكبيرة عند المعتزلة. وخير تطبيق لهذا الفهم يمكن تنزيله على قضية الصحراء. فأمريكا عضو في مجلس الأمن الدولي دائمة العضوية وتمتلك حق الفيتو، وكان بإمكانها الضغط على الفاعلين في الملف قصد إيجاد حل، لكن كل الضربات تأتينا منها.

فتقارير الخارجية الأمريكية الصادرة سنويا توجه سهام نقدها غير الموضوعي نحو المغرب. تضرب عرض الحائط التقدم الذي عرفه بلدنا في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فقط لأنها لا توافق هوى الموجودين في واشنطن، الذين لا يفهمون أن ديمقراطية تمنح الرئيس الأمريكي حق الفيتو ضد القوانين التي يصدرها الكونغرس تعتبر عندنا دكتاتورية.

لا يريدون أن يفهموا أن المغرب اختار نمطا ديمقراطيا مختلفا منسجما مع خصوصياته، متوافقا مع مقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن بفهم أن الكونية هي تجلي الخصوصي في العالم. ولهذا لا يمكن أن يفرضوا علينا الشذوذ الجنسي وضرب الخصوصية الدينية ووحدتها.

أمريكا هي التي هددت بمشروع قرار يهدف إلى توسيع صلاحيات المينورسو في اتجاه وضع المغرب تحت رحمة البند السابع، الذي لا تخرج منه الدول إذا دخلته إلا بصعوبة كبيرة.

اليوم قرر جلالة الملك الانفتاح على الشرق. بدأ بزيارة تاريخية لروسيا. تقرر خلالها تطوير العلاقات بين البلدين. وتم الاهتمام بما هو استراتيجي فيها. وزادها دعما المكالمة الهاتفية الطويلة بين بوتين وجلالة الملك التي جاءت للتأكيد على توافق المغرب والاتحاد الروسي حول قضية الصحراء.

الذين لم يكونوا حلفاءنا معنا والذين نعتقد أنهم أصدقاؤنا هم من يريد طعننا. أمريكا لا تخفي علاقاتها بالتنظيمات الراديكالية في المغرب، ونسجت علاقات متميزة مع جماعة العدل والإحسان في فترة الربيع العربي استعدادا لأي قربلة في المنطقة. وما زالت تتخذ من قضية الصحراء عنصرا ومدخلا لتنفيذ مشروع "مينا" التدميري في شقه الشمال إفريقي.

نحن الآن أمام توجه ملكي واضح. لكن هذا التوجه يوازيه توجه الديبلوماسية المغربية وبعض من المحيط الملكي الذين يمكن أن ننعتهم بعبدة أمريكا الذين لا يميزون بين الحج إلى بيت الله والحج إلى البيت الأبيض. ويوجد أصحاب المصالح مع فرنسا. ويوجد هؤلاء في الأحزاب السياسية يمينا ويسارا ومحافظين.

نحتاج اليوم إلى القطع مع التبعية التي تأتينا من أولاد أمريكا وفرنسا الذين سيتضررون حتما من العلاقات مع الروس والصين.

نكتب هذا وأمريكا تضغط لفرض عودة المينورسو إلى الصحراء وتساند بشكل مطلق روس وبان كي مون.