الجمعة 17 مايو 2024
سياسة

"ملائكة" البيجيدي أمام القضاء

 
 
"ملائكة" البيجيدي أمام القضاء

الملائكة من الصنف الذي لا يرتكب الخطأ والخطيئة، وهكذا يريد العدالة والتنمية تصوير قادته على أنهم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، وفي الواقع لا هم ملائكة ولا هم شياطين، ولكنهم بشر يمكن أن يكونوا صالحين أو يكونوا طالحين، يمكن أن يكونوا أوفياء ومخلصين ويمكن أن يكونوا خونة ومرتزقة وأصحاب مصالح.

أمس الاثنين شرعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الاستماع إلى محمد الصديقي، عمدة مدينة الرباط، بخصوص استفادته من مغادرة طوعية مشكوك فيها من ريضال، وبدل أن يكون الحزب حريصا على عدم التأثير على القضاء، عقد ندوة صحفية اعتبر فيها الموضوع سياسيا.

نعم توجد للعدالة والتنمية خصومات سياسية تصل حد التناقض مع بعض المكونات السياسية، ويمكن أن يكون حزب من الأحزاب هو من أثار الملف، لكن أن يقول الحزب إن الملف سياسي فهذا ضرب للمؤسسات. هل النيابة العامة خاضعة لحزب سياسي؟ نعرف أنه يترأسها مصطفى الرميد، وهل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تابعة لحزب سياسي؟ إذا صدقنا ما يقوله الحزب فإننا نشكك في كافة المؤسسات ولا يبقى هناك ضامن للعدالة بتاتا.

قبل خمس سنوات تابع القضاء جامع المعتصم، عمدة سلا الحالي، بتهم ثقيلة. لم يسكت الحزب ولم يترك القضاء يقوم بعمله. بل نظم بنكيران عشرات المهرجانات وبحضور زوجة المتهم قال أمين عام البيجيدي إن المعتصم ولي من أولياء الله. وبالطبع لا يمكن متابعة ولي من أولياء الله؟

وخرج المعتصم تبعا لتسويات تمت عقب الإعلان عن التعديلات الدستورية الجذرية، لكن ملفه ما زال قائما، وما زال القضاء لم يقل كلمته بعد، ويمكن تحريك هذا الملف إذا أتيحت الظروف وانتفى التأثير على القضاء، ولم يصبح بعد نموذجا للملفات المفبركة كما يدعي الطبالجية لأن القضاء يمكن أن يؤكد في مستقبل الأيام أن ملف المعتصم حقيقيا.

ملف الصديقي مفتوح اليوم. الحزب لا يخاف على الصديقي ولكنه يخاف على وجهه الذي يمكن أن يتلطخ. ولم يكثف الحزب بالدفاع عن الصديقي ولكن عن كل المتابعين من الحزب وعلى رأسهم أبو بكر بلكورة، عمدة مكناس الأسبق، وكأن قادة الحزب ومناضلوه ملائكة.

إذا كان الحزب يقول في الندوة الصحفية التي نظمها أول أمس الأحد إن الملف سياسي وليس قانوني، فأول من سيسه هو البيجيدي نفسه. فالقضية تتعلق بوثائق تم تسريبها لا يهمنا من قام بذلك، ولكن يهمنا صدقيتها. الصديقي يقول إن الأمر يتعلق بعلاقته بشركة أجنبية "والمغاربة ما شغلهمش".

طبعا قد يكون صادقا في ذلك، لكن الأمر الخطير هو أن الصديقي غادر العمل بعد تقديم شهادات طبية تثبت تعرضه لمرض عقلي. فكيف لمن يعاني من أمراض على هذا المستوى أن يقود مدينة كبيرة بحجم الرباط؟ أليس في ذلك مغامرة خطيرة؟ هل يسمح القانون للمرضى بقيادة الجماعات؟ وكيف يكون الشخص غير قادر على العمل هنا قادر على العمل هناك؟