الأربعاء 1 مايو 2024
سياسة

وحيد مبارك: لا نريد تنظيم حدث ببعد دولي تحت طائلة أسلوب الاستجداء

وحيد مبارك: لا نريد تنظيم حدث ببعد دولي تحت طائلة أسلوب الاستجداء

يرى وحيد مبارك، السكرتير الوطني بالنيابة للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، أن إلغاء النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للجمعية كان بسبب أن الجمعية لا تتوفر على أي دعم أو منحة، كما أنها ترفض نهج أسلوب أقرب إلى الاستجداء من أجل تنظيم حدث مهم يواجه الغلو والتطرف. وكشف مبارك في حوار مع "أنفاس بريس"، عن الأسباب الحقيقة التي جعلت الجمعية تقرر عدم تنظيم المؤتمر وهي أن الشركات التي دقت أبوابها تشهر جوابين اثنين: الأول يستفسر إن كان المؤتمر سينظم تحت الرعاية الملكية، وبالتالي تقديم ما يثبت ذلك، أما الجواب الثاني وهو المثير لعلامات استفهام أكثر هو اعتبار المؤتمر ببعد سياسي، في حين لم يخف آخرون تخوفهم من دعم تظاهرة بهذه التيمة أي محاربة الفكر الإرهابي...

+ قررتم عدم تنظيم النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي الذي ينظمه الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، ما هي الأسباب التي جعلتكم تتخذون هذا القرار؟

- اتخذ الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، وهو جمعية تأسست بعد أحداث 16 ماي 2003، تعنى بمواجهة أشكال الغلو والتطرف، وتدعو إلى تعزيز قيم التعايش والتعدد واحترام الاختلاف والسلام، من خلال مقاربات فكرية واجتماعية، قرارا بعدم تنظيم النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي، الذي شكّل لسنتين، خلال 2014 بمناسبة تخليد ذكرى أحداث أركانة، وفي 2016 تخليدا لذكرى أحداث 16 ماي، قبلة لجمعيات دولية لضحايا الإرهاب وفاعلين مهتمين بالظاهرة الإرهابية، من إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، سوريا وغيرها...، إضافة إلى عائلات ضحايا 16 ماي، أركانة، وحي الفرح. مؤتمر شكّل محطة غنية، عرفت نقاشا واسعا، شارك فيها، خلال الدورتين السابقتين، أرامل، وأيتام، وأشخاص فقدوا إخوانهم أو قريبا لهم في أحداث إرهابية عبر العالم، إلى جانب آخرين أصيبوا في بعض هذه الأحداث واستطاعوا النجاة وإن مع مخلفات جسدية ونفسية، وكذا بعض من ذاقوا مرارة السجن على إثر أحداث 16 ماي وتم العفو عنهم، ومن يدافعون عن معتقلي السلفية الجهادية، في انفتاح تام على كافة المكونات من أجل نقاش جاد ورصين دون تعصب أو انحياز أو انتصار لجهة من الجهات. وكما تعلمون فهذا الحدث الدولي الذي استطاع أن يترك بصماته الايجابية على صعيد الجمعيات العالمة في حقل مواجهة الإرهاب في دول عديدة بأوروبا وأمريكا، والذي أمكن خلاله دورته الثانية السنة الفارطة عرض ومناقشة تجربة جمعية ضحايا "إيطا الباسكية" والتي تُبين توجه الحركات الانفصالية، كما هو الحال بالنسبة لما يسمى بـ "جبهة البوليساريو"، التي تؤكد التقارير الدولية أنها منظمة إرهابية، وبالتالي شكّل الموضوع قيمة مضافة في نسخة المؤتمر الثانية، لن يكون بالمقدور تنظيمه، بالنظر إلى أن الجمعية لا تتوفر على أي دعم أو منحة، ونحن نرفض نهج أسلوب أقرب إلى الاستجداء من أجل تنظيم حدث كان رئيسيا في كل عناوين الأخبار والمتابعات الإعلامية، وطنيا وخارجيا، وأنتم كنتم أحد الشركاء الإعلاميين الذين واكبوه في هذا الصدد.

+ هل وجهتم طلب الدعم المادي للمؤتمر الدولي لجهات بعينها، من هي هذه الجهات؟ ولماذا في نظرك فشلتم في تدبير المصاريف المادية واللوجستكية التي يحتاجها المؤتمر؟

- على مستوى القطاع الخاص أعددنا ملفا متكاملا بعد نجاح الدورة الأولى يضم تفاصيل واضحة عن المشاركين والمؤطرين والمتدخلين خلال الندوات والورشات، مرفوقا بالصور ومعززا بكل ما يمكن أن يقدم نظرة شافية عن الحدث، وعملنا على توزيعه على عدد كبير من المجموعات الصناعية والمقاولات بغاية الدعم والاستشهار، ومن بينها تلك التي تجهر دوما بكونها مواطنة، ونجد حضورها في تظاهرات بعينها. لكن للأسف اصطدمنا بجوابين اثنين، الأول يستفسر إن كان المؤتمر سينظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، وبالتالي تقديم ما يثبت ذلك، أما الجواب الثاني وهو المثير لعلامات استفهام أكثر هو اعتبار المؤتمر ببعد سياسي، في حين لم يخف آخرون تخوفهم من دعم تظاهرة بهذه التيمة، علما أن شعار النسخة الأولى كان هو "نعم للتعايش لا للإرهاب"، وشعار الدورة الثانية كان هو "100 في المئة تسامح"، وبالتالي كنا أمام شكل من أشكال التملص من الالتزام بدعم تظاهرة تم تقديرها بكونها لا تشكل أولوية في غياب من يتدخل على المستوى الرسمي لتأكيد عكس هذا "الاستنتاج". من جهة أخرى طرقنا أبواب مجالس منتخبة وعانينا الأمرّين، لأنه وبكل أسف وجدنا أن المنطق السائد في أغلب الحالات هو التعامل مع جمعيات ذات ولاءات حزبية، الهدف من دعمها الاستفادة من خدمات أعضائها وأنصارها في المحطات الانتخابية، وبالتالي لم نحصل على أي منحة بخصوص المؤتمر.. بالمقابل وجدنا بعض من ساعدنا بشكل نسبي وعلى مستوى عيني، كتوفير وسائل نقل لاستقبال الوفود بالمطار وإرجاعها إليه فيما بعد، أو من أجل زيارة الأماكن التي طالتها أحداث 16 ماي، أو توفير حفل عشاء على شرف ضحايا الإرهاب المغاربة والضيوف الأجانب بأحد المطاعم، وغيرها من أشكال الدعم العيني، التي كنا نعاني الأمرّين من أجل التحصّل عليها، في وضع لم يكن مقبولا، خاصة على المستوى النفسي، لكن وأمام تأكيد حضور الوفود المشاركة، التي اقتنى أفرادها تذاكر الطائرة كنا مطالبين بالصبر على كل الملاحظات لأن صورة المغرب ووضع وطننا هو الذي كان في المحك، بالنظر إلى أن رئيس الجمعية الدولية لضحايا الإرهاب، على سبيل المثال لا الحصر، كان يخال ونظرا للخطابات الرسمية الملتزمة بمحاربة الإرهاب ودعم التعايش والسلام، أن الدولة بمؤسساتها منخرطة لإنجاح الحدث وتوفر له كل أشكال الدعم، علما أن ممثلين لجمعيات من دول عديدة كالأرجنتين، البيرو، وغيرهما طلبوا منا توفير تذاكر السفر لهم وهو ما عجزنا على توفيره، أخذا بعين الاعتبار أن من بين الذين راسلناهم في هذا الصدد، المكتب الوطني للمطارات للتذكير.. ونحن ما زلنا نتوفر على كل المراسلات التي تؤكد ربط الاتصال بالقطاعين الخاص والعام، بلائحة عناوينها طويلة. أمام هذا الوضع، لم يكن من الممكن مباشرة الإعداد لتنظيم الدورة الثالثة لهذا الحدث الدولي، سيما وان المجالس المنتخبة بالدار البيضاء وعلى رأسها مجلس المدينة هي تسيّر من طرف لون سياسي ظل يشكك في الرواية الرسمية لأحداث 16 ماي، وله روايته الخاصة في هذا الصدد، وبالتالي موازين التواصل معه هي مختلة. وعليه فقد قررت الجمعية ألا تقبل بأن يصبح تنظيمها لحدث ببعد دولي، هو نقطة ضوء تشرّف المغرب وضحايا الإرهاب في المغرب وخارجه، مرتبطا بنهج أسلوب الاستجداء، بحثا عن قاعة، وإطعام للمشاركين وغيرها من التفاصيل البديهية، مؤكدة أنها لن تبحث عن منحة بمنطق زبوني، كما هو الحال بالنسبة لجمعيات ورقية، تستفيد من صنابير الدعم العمومي في غياب آثاره على أرض الواقع، فاضطررنا للاعتذار لشركائنا الأوروبيين لعدم قدرتنا على تنظيم الدورة الثالثة، جوابا على المراسلات التي توصلنا بها والتي تطالبنا بتأكيد الموعد ومكانه، بالمقابل نشدد بأننا سنظل مؤمنين بأن القضية قضيتنا وبأن هذا الهمّ هو همّنا، معنيون به جميعا، خوفا على مستقبل بناتنا وأبنائنا، وخوفا على مصير وطننا.

+ هل نعتبر عدم تنظيم المؤتمر الدولي في نسخته الثالثة هو بمثابة رصاصة الرحمة التي ستضع حدا لحياة الجمعية؟

- لا يمكن أن نصف الأمر بهذا الشكل، فكل ما في الأمر أننا نوجه رسائل إلى من يهمهم الأمر، بكون الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، لم يتم تأسيسه في 9 يونيو 2013 عقب أحداث 16 ماي الإرهابية، لإنتاج الكلام في المناسبات فقط، كما تفعل بعض التنظيمات المتخصصة في اللغو والحشو، أو بحثا عن ريع ومنفعة، وهو ما يجعل من جمعيتنا ترفض المساهمة في اللغط والهرج المناسباتي والظرفي، حول السلام والتسامح وغيرها من القيم، التي أضحت شعارات ومصطلحات للاستهلاك تُختار كتسميات للمهرجانات الغنائية وغيرها، التي تهدر لتنظيمها ميزانيات ضخمة، وينتهي وقعها ومجال حضورها بانتهاء تلك الحفلات، التي لن تخدم قيم التسامح ولا السلام، ولن تحول دون استمرار انتشار الفكر المتطرف المتعصب وتفريخ الخلايا النائمة وتأطير الذئاب المنفردة! إن التأسيس لتواجدنا وتمثيل بلدنا ضمن شبكة الجمعيات المدنية العاملة في مجال محاربة الإرهاب لم يكن بالأمر السهل، وتطلب مجهودا كبيرا، وقعه الإيجابي قد يصبح بإمكان الجميع إدراكه في حال وقعت أزمة ما كما وقع في نازلة السويد، علما أننا لا نتمنى ذلك.. فمبادرتنا وإلى جانب الشق التضامني مع ضحايا الإرهاب، والدفاع عن قيم التعايش وتعزيز قيم الحوار والسلام والإيمان بالتعدد والاختلاف رفضا لكل أشكال الكراهية والعنف، هي تندرج في خانة الدبلوماسية الموازية، وتهدف إلى تأسيس علاقة ثقة مع مكونات هذه الشبكة للدفاع عن موقف بلادنا من مشكل الصحراء المغربية، سيما وأن كل التقارير الدولية تصنف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية، ولدينا في الجارة الإسبانية وضمن هذه الشبكة من الجمعيات، جمعية عانى أعضائها من الهجمات والمخططات الإرهابية لمنظمة إيطا الباسكية، وبالتالي كان من المفيد استثمار هذه العوامل، لكن واقع الحال لم يسمح لنا بذلك، ما دامت الرؤية التي يُنظر بها إلى الموضوع هي تختلف باختلاف الناظرين، وباختلاف ترتيب الأولويات عند كل متدخل. إننا ومن خلال ممارسة واشتغال ميداني امتد على مدى 13 سنة، نرفض أن يتم التعاطي مع موضوع الإرهاب بشكل فلكلوري، وأن يتم تبخيسه واختزاله في حفل فني غنائي لأن عمق الإشكال هو اكبر من ذلك، والخطابات التي تكون عبارة عن ردود فعل عقب أحداث أليمة كالتي عشناها في 16 ماي، وأثناء أحداث حي الفرح أو أركانة، هي تختلف عن واقع الأشياء بعد تجاوز آثار الصدمة، كما أن استمرار حضور خطابات التكفير والتشجيع على سفك الدماء دون تدخل، هو أمر لا يبعث على الاطمئنان، والجمعية هي منكبّة على إعداد تقرير في الموضوع سيتم عرض خلاصاته في القادم من الأيام.