الخميس 2 مايو 2024
سياسة

إحزرير : الخطاب الملكي أمام القمة الخليجية- المغربية كان قويا جدا وأعطى نفسا جديدا للسياسة الخارجية للمغرب

إحزرير : الخطاب الملكي أمام القمة الخليجية- المغربية كان قويا جدا وأعطى نفسا جديدا للسياسة الخارجية للمغرب

قال عبد المالك إحزرير،أستاذ العلوم السياسية بجامعة مكناس، إن الخطاب الملكي،يوم أمس الاربعاء، في القمة الخليجية – المغربية له خصوصية، خاصة أنه جرى التقليد أن الخطب الملكية السابقة من هذا النوع تسير في اتجاه الشراكة الاقتصادية والتعاون، لإيمانه بأن الاقتصاد هو الحلقة الضعيفة في العالم العربي وبالتالي لابد من وجود تعاون مشترك بين البلدان العربية وهي نفس الإستراتيجية التي كان يتبعها مع الجزائر، لكن نبرة الخطاب الملكي اليوم – يضيف إحزرير – هي نبرة سياسية بامتياز، فكأنه يقص أمام بلدان الخليج وجود "سايس بيك"و جديد وسيشمل كل البلدان من الشمال الإفريقي إلى الخليج العربي، حيث ذكر بلدان راحت ضحية التشرذم والدمار وسفك الدماء مثل سوريا والعراق وليبيا في سياق ما اعتبر " ربيع عربي " وربما قد يأتي الدور على بلدان أخرى حيث ذكر بلدان الخليج العربي والمغرب والأردن، حيث أصبح ما سمي ب " الربيع " خريفا هداما سحق كل شيء، الأمر الذي يتطلب استراتيجية جيو سياسية جديدة للترابط العربي، وقال بصريح العبارة " ما يسمنا يمسكم وما يضر المغرب يضر الخليج " فالمصير أصبح مشترك – يعلق إحزرير – فالآن لم يعد مطروحا الهاجس الاقتصادي بل هناك هاجس أمني وقد عبر عنه الملك صراحة من خلال الإشارة الى سعي خصوم هذه البلدان الى تغيير الأنظمة وزعزعة استقرار بلدانها، وبالتالي لابد من لم شمل بلدان الخليج مع المغرب والأردن على الأقل لأن العالم العربي – حسب الخطاب الملكي – في حالة مرض مزمن، وهو الأمر الذي يتطلب تنسيق الجهود لامتصاص الغضب الشعبي ولسحب البساط من تحت أقدام من يتبجحون بالإرهاب والتطرف الديني لإحداث التشرذم الذي وصل إليه العالم العرب، حيث تحول الإرهاب إلى مجرد " لعبة " في يد الغرب لزعزعة استقرار وهدوء العديد من البلدان – يضيف إحزرير – وبالتالي، فالإشارة الملكية كانت صريحة جدا، إذا استحضرنا مناقشة الكونغرس الأمريكي لمشروع قانون يتعلق بتوجيه تهم مباشرة للقادة السعوديين فيما يتعلق بأحداث 11 شتنبر، وهو القانون الذي قد يشمل حكومات المنطقة بكاملها الأمر الذي يحدث فوضى عارمة في العالم، إذا لم يبادر الرئيس الأمريكي باستخدام حقه في الفيتو.

وبخصوص دعوة الملك إلى حواربين المذاهب للتصدي لهذه المؤامرات، ذكر إحزرير بإحدى خطب الراحل الحسن الثاني والذي دعا الى توخي الحذر من أي تصدع بين الشيعة والسنة والبحث عن نقاط الالتقاء، علما أن التصدع الشيعي- السني استغله الأعداء في العراق وفي وسوريا والبحرين واليمن، لذا فالحل يكمن في لم الشمل الداخلي للبلدان العربية على مستوى المعتقد وإقرار التعايش بين الشيعة والسنة وتفادي العودة إلى واقعة الجمل التي أعادتنا إليها الصحافة الغربية – يقول إحزرير – وأطراف أخرى مرتبطة بالصراع العربي- الإسرائيلي من أجل تقزيم البلدان العربية، بل وإعادتها 50 سنة إلى الخلف، وهذا ما وقع في سوريا التي تحتاج إلى نصف قرن لإعادة إعمار ما تهدم في أربع سنوات، وهو الأمر الذي جاء واضحا في الخطب الملكي أمام القمة الخليجية- المغربية.

وعن تطرق الخطاب الملكي إلى قرار المغرب السيادي بنسج تحالفات جديدة وتنويع شركائه ومنها زيارته لروسيا وعزمه زيارة جمهورية الصين الشعبية، أشار إحزرير أن الملك عبر بوضوح أن السياسة الخارجية لكل بلد هي مسألة سيادية ولا يمكن إخضاعها للنقاش، فلكل بلد رهاناته السياسية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وبالتالي فقرار المغرب بمعانقة الروس يتعلق أساسا بالمغرب ولا يضر أحدا، مؤكدا بأن التضامن العربي أو حتى التضامن بين المملكات أضحى ضروريا الآن، وينبغي نسيان الخلافات فيما يتعلق بالتقدم إلى الروس الذين ناصروا النظام السوري ضدا على إرادة بعض القادة الخليجيين، وأوضح إحزرير أن القادة الخليجيين متضامنون مع المغرب في قضيته الوطنية لوعيهم بالتطورات التي يعرفها ملف الصحراء بسبب الخلاف مع الأمين العام الأممي بان كيمون وحاجة المغرب إلى دعم أعضاء بمجلس الأمن لمقترح المغرب المتعلق بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا، كما تطرق إحزرير إلى دعوة الملك القادة الخليجيين إلى التضامن محذرا من وجود خطر محدق اذا لم يتحقق ذلك.

وقال إحزرير إن الخطاب الملكي كان قوي جدا ويحمل دلالات قوية الأمر الذي أعطى نفسا جديدا للسياسة الخارجية للمغرب، فالملك لم يعد يتحدث من باب السياسة المعتدلة والتعاون والشراكة الاقتصادية بل تعدى الشراكة والاقتصاد لأنهما معرضان للاهتزاز في غياب الركائز السياسية الثابتة لمواجهة " التسونامي القوي " القادم من الأعداء والذي قد يأتي على الأخضر واليابس، الأمر الذي يتطلب التعاون والتنسيق الأمني والتعاون العسكري والتضامن بنية صادقة وبوضوح تام بين هذه البلدان، وكأنه يقول " كفا من النفاق السياسي  وكفا من الخلافات ولابد من الصراحة من أجل تحقيق الحصانة السياسية والأمنية لهذه البلدان والتي من دونها لن تكون هناك شراكة اقتصادية أو تنمية في المنطقة " – يضيف إحزرير- وهذه هي الرسالة التي حاول الملك إيصالها إلى أطراف خليجية والتي تحمل دلالات دقيقة جدا.

وعن النقد اللاذع الذي وجهه الملك في خطابه للأمين العام للأمم المتحدة وبعض مستشاريه متهما إياهم بالجهل بحقيقة قضية الصحراء، قال إحزرير أن الملك حاول توضيح حقيقة ما قام به الأمين العام للأمم المتحدة في حق المغرب كدولة نشيطة في الأمم المتحدة والذي لايليق بالأخلاق الدولية ولا بالقانون الدولي، فهو يحاول توضيح حقيقة الخلاف مع الأمين العام للأمم المتحدة الذي تجاوز حدوده للقادة الخليجيين وتأكيد عدالة قضية الصحراء التي تدافع عنها أيضا بلدان الخليج العربي، كما حاول الخطاب الملكي توضيح حقيقة الخطأ الجسيم الذي ارتكبه بان كي مون الذي متجاهلا كل الجهود الدولية التي بذلت في هذا الإطار والمفاوضات بين الأطراف من خلال وصفه المغرب ب " البلد المحتل " وبالتالي فلا يعقل أن يفاوض جبهة البوليساريو باعتباره بلد محتل في حين ىإمكانه أن يفاوض من أجل إطار سياسي يمكن أن يشمل سكان الصحراء أي الحكم الذاتي الذي يخول لسكان الصحراء تدبير شؤونهم بكل حرية والقول بوجود " احتلال " فكأنما يعيد الأطراف إلى نقطة الصفر – ويشكل انتصار للأطروحة الجزائرية التي طرحت قضية الصحراء في إطار اللجنة الرابعة للأمم المتحدة يضيف إحزرير معلقا على مضامين الخطاب الملكي أمام القمة الخليجية – المغربية.