الخميس 2 مايو 2024
سياسة

بنيونس المرزوقي:الخطاب الملكي نبه خصوم المغرب إلى إمكانية تعرضهم لنفس مصير سوريا والعراق

بنيونس المرزوقي:الخطاب الملكي نبه خصوم المغرب إلى إمكانية تعرضهم لنفس مصير سوريا والعراق

قال بنيونس المرزوقي أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة، إن الخطاب الملكي أمام القمة الخليجية- المغربية جسد الإرادة العامة المغربية في توضيح كل ما يمكن أن يمس بنظام وحدة الدول، وأوضح أن الخطاب الملكي تناول الإطار العام لتفكيك الدول والمتمثل في مجموعة من التدخلات الدولية التي أدت تدريجيا إلى تفكيك مجموعة من الدول، ينضاف إليها أن الآثار المترتبة عن ما سمي بالربيع العربي كرس هذا التوجه، ويبدو ذلك واضحا من حالة العراق وما يجري في سوريا وليبيا كأمثلة صارخة معبرة والتي تسير كلها في اتجاه التشتيت، وأوضح المرزوقي أنه لا يمكن الاعتقاد أن الأمر موجه ضد دول بعينها بل موجه إلى دول المنطقة العربية بصفة عامة، ولذلك حذر الخطاب الملكي ونبه إلى ضرورة التعامل مع هذا الواقع الجديد بسياسات أخرى، وأول هذه السياسات هو الوقوف على التحولات التي يعرفها العالم العربي هل هي فعلا تتعلق ب " ربيع عربي " ينمو ويتطور أم هي في اتجاه التراجع إلى ما لا يحمد عقباه.

والمستوى الثاني الذي جسد هذا التصور الملكي – يضيف المرزوقي – وهو أنه ربط بشكل مباشر مابين هذا الإطار العام ومابين ما يحاك ضد الوحدة الترابية للمغرب، بالطبع تم التركيز على تدخلات الأمين العام ومواقفه " المعادية للمغرب " التي ستترتب عنها آثار لا نعرفها لحد الآن ولكنه أظهر أن الصيرورة العامة تدل على تحالف مابين هذه المؤسسة وخاصة مع محيط هذه المؤسسة أي الأمانة العامة للأمم المتحدة التي تعج بالموظفين الإداريين الذين يحضرون مشاريع التقارير الأولية والتي تكون موجهة بشكل يدل على تحالفها مع قوى معادية للمغرب في قضية وحدته الترابية، وخلص المرزوقي إلى أن الأمر يتعلق بدق ناقوس لمختلف الشعوب العربية لإعادة تشكيل سياساتها العمومية أولا فيما يخص العلاقات فيما بينها وتجسد هذا في الاعتراف الصريح والواضح لدول مجلس التعاون الخليجي بقضية الصحراء حتى يكون للمغرب قوة تفاوضية أكبر، وهذا ينطبق على مختلف الدول العربية الأخرى التي يلزمها التضامن بهذا الخصوص، ومن ناحية ثانية – يستطرد المرزوقي – الخطاب الملكي ينبه خصوم الوحدة الترابية إلى إمكانية تعرضهم لنفس المصير والذي ستكون عواقبه هي تفكيك هذه الدول لأن الأمر يتعلق بسياسة إستراتيجية عام ستأتي ليس على جزء من العالم العربي ولكن عليه بأكمله.

وفيما يتعلق بتطرق الخطاب الملكي لاستغلال الإرهاب والتطرف للتدخل في المنطقة وإحداث الفرقة والتشرذم داخل البلدان العربية ودعوة الملك إلى الحوار بين المذاهب الإسلامية قال المرزوقي إن الخطاب الملكي شكل دعوة إلى توحيد الجهود لافتا الانتباه إلى أن العالم العربي مرتبط بالعالم الإسلامي ليس فقط لكونه جزء منه بل لأن العالم العربي هو عالم إسلامي أيضا بامتياز، بالإضافة إلى وجود أطراف إسلامية فاعلة في المنطقة العربية وخاصة منها القريبة من المناطق العربية أي تركيا وإيران، لذلك فتوحيد الجهود يدخل في نفس السياق، فجوهر الخطاب – يقول المرزوقي – هو ان ما ينطبق على العالم العربي ينطبق أيضا على العالم الإسلامي وبالتالي فحتى الدول الإسلامية تدخل في إطار هذا المخطط الإستراتيجي الذي سيكسر كل القوى الحية في المنطقة العربية والمنطقة الإسلامية بصفة عامة.

المرزوقي تطرق أيضا في تصريحه لـ " أنفاس بريس " إلى تضامن المغرب على لسان الملك مع أي دولة من مجلس التعاون الخليجي وأيضا مع المملكة الأردنية لكي لا تتعرض لأي سوء، لأن هناك كما نعرف بؤرة توثر كثيرة في المنطقة العربية، فالأردن قريبة من فلسطين، وتعرف تداعيات تنعكس عليها بشكل مباشر، كما تعرف دول مجلس التعاون الخليجي مشاكل في علاقتها مع إيران، فيما يخص السيادة على بعض الجزر وفيما يخص الخليج نفسه الذي يسميه البعض الخليج الفارسي، مما يفرض أن يكون التضامن في كل الاتجاهات، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي يهدف إلى ما هو أعلى وأسمى من تحالفات إقليمية وهي مصلحة الدول العربية ككل وليس مصلحة جزء منها على حساب أجزاء أخرى.

 كما تطرق المرزوقي إلى حديث الملك عن التحالفات الإستراتيجية والتي لا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي بل تشمل أيضا روسيا والصين الشعبية، حيث تطرق الخطاب إلى الزيارة الناجحة لروسيا والزيارة الملكية المرتقبة لجمهورية الصين الشعبية، وأشار أن النبرة السياسية طغت على الخطاب لأن الظرفية تقتضي وضع أسس صلبة للتعاون الاقتصادي الذي يأتي لاحقا،وأشار أنه لا يكفي أن تبنى العلاقات على أساس تبادل المساعدات والإستثمارات بل يجب أن تبنى هذه الجوانب الإقتصادية على أسس سياسية واضحة وهي حق كل دولة في تحديد شركائها الإستراتيجيين والذين فضل المغرب أن يكونوا متنوعين وليس فقط من جهة واحدة، فلا يمكن أن تكون المصالح الإقتصادية دون أرضية سياسية واضحة، وأوضح المرزوقي أن الخطاب الملكي ذكر بأن السياسة الخارجية هي مجال محفوظ للدولة لأن النظريات التي كانت ترتبط بين السياسة الوطنية والسياسة الخارجية لم يعد لها مجال للاستمرار ، فالآن من الواضح أن مختلف الدول يمكن أن تكون لها سياسة خارجية مختلفة نوعا ما عن سياستها الوطنية وطبعا من هذه الزاوية – يضيف المرزوقي – من حق المغرب دفاعا عن مصالحه المشروعة سواء الوطنية أو الإقتصادية أو الترابية أو تحالفات سياسية أن لا يبقى رهينة لقوى خارجية تتحكم في مصيره لأنها تتوفر على استثمارات داخلية في الدولة وأوضح المرزوقي أن الأمر يحمل رسالة موجهة للولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي والتي لها مصالح محددة ينبغي للمغرب أن ينعتق منها في اتجاه تنويع تحالفاته الإستراتيجية.