الجمعة 3 مايو 2024
سياسة

القيادي الاتحادي محمد بنعبد القادر يشرح الحقائق الأربعة في خطاب الملك محمد السادس بقمة الرياض

القيادي الاتحادي محمد بنعبد القادر يشرح الحقائق الأربعة في خطاب الملك محمد السادس بقمة الرياض

لفهم الدلالات الفجائية والقوية لخطاب الملك محمد السادس في افتتاح القمة المغربية الخليجية، ينبغي وضعه في سياق الصعود المتنامي للمملكة المغربية كقوة إقليمية وازنة، فهو ثاني خطاب ملكي يشكل مؤشرا قويا على هذا الصعود، ويبرز الرؤية الاستراتيجية للمغرب وتموقعه في الساحة الإقليمية والدولية. الخطاب الأول وجهه الملك محمد السادس إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 شتنبر 2014، وفاجأ المراقبين عندما اعتبر أن الغرب وسياسته تجاه البلدان النامية، خاصة دول القارة الإفريقية "لا يعرف سوى إعطاء الدروس"، وبأنه يُكثر من الوعود الكاذبة، وفي أحسن الأحوال يقدم بعض النصائح، لكن دون أفعال حقيقية على أرض الواقع. ولم يتردد الملك محمد السادس في اتهام الاستعمار الغربي بكونه خلف "أضرارا كبيرة للدول التي كانت تخضع لحكمه"، مشددا على أنه "ليس من حق الغرب أن يطالب بلدان الجنوب بتغيير جذري وسريع، وفق منظومة غريبة عن ثقافتها ومبادئها ومقوماتها".

ضمن نفس السياق والمقاربة، ولكن بمزيد من الدقة والجرأة، جاء خطاب الرياض لتثبيت الرؤية المغربية les quatre vérités كما يقال في لغة موليير للسياسة الدولية بما يجعله فعلا خطاب الحقائق الاربعة.

فالأمين العام للأمم المتحدة ليس في الحقيقة سوى وكيل حرب ورهينة بين الأيدي التي تعبث في المنطقة وتهدد مصالح شعوبها.

والمغرب ليس محمية تابعة لأي بلد، فهو في الحقيقة دولة عريقة ذات سيادة وتتمتع بالحرية في قراراتها واختياراتها، وستظل وفية بالتزاماته تجاه شركائها.

والربيع العربي لم يكن في واقع الأمر إلا خريفا كارثيا خلف خراباً ودماراً ومآسي إنسانية، أما التحالفات الجديدة في المنطقة فهي في الحقيقة محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة لن تستثني أي بلد، وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة، بل وعلى الوضع العالمي.

هذه هي الحقائق الأربعة التي لا يرددها في العادة قادة الدول إلا تلميحا، وأعلنها محمد السادس جهرا وتصريحا، كما يجدر بأي زعيم سياسي، بل إنه اختار مكان إعلانها بعناية فائقة بعدما فضل تأجيل القمة العربية التي كانت مقررة نهاية مارس المنصرم بمراكش، وكأنه يعتذر عن المشاركة في اجتماع للتفرج على مأسي العرب وثرثرة قادتهم، أما اتحاد المغرب العربي فإن مجلسه الرئاسي لم يجتمع منذ اثنين وعشرين سنة، ليبقى مجلس التعاون الخليجي، والحالة هذه، هو الإطار التنسيقي الوحيد الذي يجتمع بانتظام ويتخذ قرارات نافذة.

لقد كان الخطاب الملكي حاسما في أمرين، الأمر الأول هو أنه يوجه تحذيرا صارما لمن تسول لهم أنفسهم إخراج مسرحية جديدة باسم الموجة الثانية للربيع العربي، من أجل استكمال مخططهم في تفتيت الدول العربية الى كيانات انفصالية وتمزيق مجتمعاتها الى تشكُّلات بدائية عشائرية وطائفية. أما الأمر الثاني فتمثل في إعادة موضعة قضية الصحراء المغربية بشكل غير مسبوق في أي اجتماع عربي إقليمي، بحيث كانت نقطة محورية على جدول أعمال القمة وتكررت في خطابات القادة وفي البيان الختامي للقمة. وإذا استحضرنا أن جامعة الدول العربية فشلت فشلا ذريعا في بلورة مقاربة توافقية بخصوص الصحراء المغربية، وبالتالي في إيجاد آلية فعالة لتسوية هذا النزاع المفتعل، وإذا استحضرنا أن نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان الوحيد الذي يقف إلى جانب المغرب في قضية وحدته الترابية دون مواربة أو حرج منذ اليوم الأول لاندلاع النزاع، فإننا نعتبر تأكيد الدعم الخليجي الصريح لمغربية الصحراء بكيفية قوية غير مسبوقة، هو اختراق عربي وحاسم لصالح الموقف المغربي وانحياز إرادي  لتكتل استراتيجي تضامني سيبعثر بالتأكيد الكثير من الأوراق والحسابات.