"الاثنين الأسود" 11 أبريل 2016، هكذا بدأت "دنيا بوطازوت" تراه، بعد إصابتها في أنفها بضربة تطلبت عملية جراحية، وهكذا أيضا أضحت تراه الشابة "خولة" التي هي الآن بين جدران الحراسة النظرية، قبل معرفة مصيرها القضائي. "دنيا" صرحت أنها تعرضت لضربة رأسية من طرف الشابة بعد أن عاتبتها على التلفظ بكلام جارح في حقها، حول حقوق المواطنة واحترام طابور الانتظار بمصالحة الإشهاد على الوثائق بالمقاطعة البيضاوية مسرح الحادث، وصديقة الشابة تصرح أن "دنيا" صفعت "خولة" بعد حديث جانبي بينهما لم تفسر الصديقة ما جاء فيه، بل سمعت حسب روايتها بأن "خولة" قالت لها عن ما بدر من الفنانة : "شوفي هاد تحاياوانيت"، ومن جهتها تقول "بوطازوت" أن الشابة خاطبتها بعبارة "يخ على حمارة". تضيف الصديقة أن "دنيا" رجعت جهة "خولة"، وبعد نقاش مشحون، قالت "دنيا" حسب رواية الصديقة المرافقة لخولة : (أنا لا أجيد التراشق بالكلام)، كما روت بأن "دنيا" صفعت "خولة" ثم شدتها من شعرها ونشب النزاع، تم سقطت "دنيا" من جراء ضربة من رأس الشابة جهة الأنف وتم إلقاء القبض على الشابة تحت الحراسة النظرية.
صفعة وشد من جانب "بوطازوت"، حسب رواية صديقة الشابة "خولة" وقلة احترام وضربة بالرأس جهة الأنف حسب رواية "دنيا"، بعدها عملية جراحية لـ "دنيا" واعتقال لـ "خولة". يقول المتعاطفون مع "خولة" أن القانون لم يأخذ مجراه، مطالبين باعتقال "دينا" أيضا، لأنها حسب رأيهم لم تحترم أدبيات الطابور في مصلحة المقاطعة وبدأت بصفع "خولة"، وتقول دنيا أنها احترمت الطابور بشهادة الموظفين وأن الشابة لم تحترمها وأصابتها بضربة عنيفة.
لابد من توضيح بعض الأمور، (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، واحترام طابور الصف بالمصالح العمومية والخاصة، إجراء حضاري يجب أن يلتزم به الجميع وهناك استثناء خاص مثلا لـ "حاملي السلاح المنتمين لقوات الأمن والجيش..." وهناك عرف وطني وعالمي، خاص بذوي الاحتياجات الخاصة والحوامل وكل من استأذن من الواقفين في الصف وحصل على الموافقة. لكن قد يجد المخل بالطابور أو الحاصل على الامتياز بطريقة غير قانونية، حفاوة الاستقبال من الموظفين وتسبيقه على الآخرين وهو أمر يتحمل مسؤوليته الموظف بدرجة أولى، لأنه مسؤول على ضبط العملية، بتعاون مع الأعوان المشرفين على الشباك، أو باستعمال شباك أرقام الدور، كما يحدث في مصالح "البريد" وغيرها.
وبالرجوع إلى النزاع الذي تسبب في اعتقال "خولة" وحمل "دنيا" للمستشفى، سيكون الحسم فيه لتصريحات الطرفين في محضر الاستماع إضافة إلى شهادة الشهود وسلطة القضاء وقبلهما النيابة العامة. كل من يدافع على "خولة" يعاتب "دنيا" على عدم احترام طابور الصف رغم أنها صرحت على مسؤوليتها باحترامها لهذا الإجراء، وكل من يدافع عن "دنيا" يعاتب "خولة" على عدم احترام فنانة أكبر منها سنا، ويشهر الضربة الرأسية والعملية الجراحية كإدانة في حق "الشابة"، وتشير تصريحات صديقة "خولة" أن نتيجة العراك خلفت تصادما بين صديقتها و"دنيا" ما نتج عنه الإصابة الخطيرة حسب المتحدثة نفسها.
وعلى اعتبار أن الاعتراف سيد الأدلة، وحدها تصريحات "خولة" في محضر الاستماع لها من طرف رجال الأمن في بداية التحقيق في النازلة، دليل على إدانتها من عدمها، ودليل على أن الإصابة كانت عمدا أو نتيجة تبادل الضرب والجرح، بحكم استعمال الأيادي في العراك وما يمكن أن يحدث بعد ذلك من أضرار جسدية، يمكن الاستدلال عليها بالشواهد الطبية، وبعدها يأتي محضر الاستماع لـ "دنيا بوطازوت"، لكي يوضح مدى تشابه التصريحات أو تناقضها، وإذ ظهر التناقض ستدخل على الخط تصريحات الشهود والكلمة الأخيرة للقضاء.
وقع ما وقع وتناسلت التصريحات من الجانبين أي من جانب "دنيا" وصديقة "الشابة" ووالدها، وكان أن حاولت عائلة "الشابة" الاتصال بدنيا لطلب الصفح والتنازل لإطلاق سراح الشابة، التي تواصل مشوارها الدراسي، لكن رفضت "دنيا" الصفح والتنازل على متابعة "خولة"، على الأقل في هذا الظرف الذي ما زالت فيه في مرحلة ما بعد العملية الجراحية. تقول "دنيا" أن "خولة" لم تكن تنوي قضاء غرض بالمقاطعة، بل كانت ترافق صديقتها فقط، وتقول صديقة "خولة" أنهما كانتا بالمقاطعة لإنجاز وثائق خاصة بالتقدم للترشح لمباراة لولوج سلك الأمن.
كان على الشابة أن لا تعاتب "دنيا" بل موظفي المقاطعة إذا تبث أن "دنيا" لم تحترم طابور الصف، لأنها لا تملك حق الأمر بتطبيق القانون، وكان على "دنيا" أن لا تطلب من الشابة احترامها إذا تبث أنها أساءت لها، لأن طلب الاحترام من الآخرين يمكن أن يؤدي إلى النزاع، فهو فعل ذاتي يبدر من الناس بشكل عفوي، فطلب الاحترام من الآخرين قد يسقطنا في النزاع معهم.
وختاما يبقى الفنان علامة على رقي المجتمع والصفح من شيم النبلاء، وليس هذا الكلام مدعاة لوصف "دنيا" بنقيض صفة النبل، لأنها وحدها من يتألم الآن من جراء الحادثة، وليس هذا مدعاة لإرغامها على الصفح عن الشابة لأن ملابسات الحادثة لازالت غير واضحة بالنسبة لمن يتابعون ذلك عن بعد ويصرحون بوجهات نظر قد تصيب وقد تزيغ عن الحقيقة. "دنيا" هي من تملك حق الصفح، إذا تبث أن الشابة اعتدت عليها دون أن تكون في حالة التدافع والنزاع غير محسوب العواقب، أو تسببت في إيذائها عن قصد وليس بسبب تبادل الضرب والجرح. "خولة" الآن بين القضبان ولا تملك حق الدفاع عن نفسها بتصريحات لتوضيح روايتها للرأي العام، لكنها على كل حال لن ترض أن تبقى وراء القضبان، وهي الشابة الجمعوية التي تنشط في ميدان الكشفية، فقد يغير هذا الحادث مشوار مستقبلها، كشابة تنوي أن تكون ذات مكانة محترمة في المجتمع.