السبت 18 مايو 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس:لن ينتهي الكلام بمجرد انتهاء بنكيران

 
 
أحمد فردوس:لن ينتهي الكلام بمجرد انتهاء بنكيران أحمد فردوس

كيفما كانت التسويات الداخلية لحزب العدالة والتنمية خلال مجلسه الوطني الاستثنائي الأخير، فقد أبانت صقور الحزب عن ممارستها لحقها في التصويت والتعبير الحر، بشكل ديمقراطية حسم فيه صندوق الاقتراع لفائدة " تيار " قطع دابر الداهية والماكر الثعلبي ابن كيران، الذي كان يتلذذ بتعذيب شعب المغرب مستغلا أضعف نسبة تصويت في استحقاقات المغرب  والتي بوأته كرسي رئيس حكومة.

إن الإسهال الحاد في تناسل الأخبار والجدل والنقاش العمومي والتعاليق السياسية من هنا وهناك سواء مع أو ضد التمديد، والذي واكب حدث المجلس الوطني الاستثنائي، الذي كاد أن يفرغ السياسة من محتواها الحقيقي على مستوى التناوب والتداول على منصب الأمين العام ومن تم التخطيط لولاية سياسية وحكومية أخرى، وخصوصا بالنسبة للأقلام المستأجرة التي ألفت ريع الزعامة الفاشلة والكابحة للتغيير المنشود بعد الحراك الاجتماعي، يعتبر في نظر العديد من المتتبعين، بأنه نقاش صحي، عرى واقع أحزابنا التي تهمش وتقتل أطرها بفعل الاحتكار والسطو على رأس الزعامة. حيث ألفت القيادات اللجوء إلى تعديل قوانينها الداخلية لضمان استمرارية الزعيم الفوقي بعد تجييش الإمعات والمطبلين والعياشة الحقيقيين.لتكريس الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتسمة بالتعفن.

إن تشبت عبد الإله بن كيران بطرح مسألة التصويت على مقترحات تعديل النظام الأساسي، خصوصا فيما يتعلق بتمديد الانتخاب لمنصب الأمين العام للولاية الثالثة (المادة 16)، وأيضا سحب عضوية الوزراء في الحكومة للأمانة العامة بالصفة ليخضع بدورهم للانتخاب (المادة 37) ، كان هدفه هو الاستفراد بتدبير الحزب من طرف كتائبه، وعودة البهلوان والمهرج لقتل ما تبقى من أمل في روح الشعب، وإعدام تطلعات شبابه في الخروج من وضعية الأزمة التي طوقه بها زعيم حكومة الإسلام السياسي، وانحباس روح المبادرة الإيجابية. بفعل قراراته اللاشعبية التي وضعت كل الإطارات الحقوقية والنقابية والجمعوية بين سندان خلط الدين بالسياسة ومطرقة الريع والامتيازات المغرية لاستقطاب ما تبقى من عروق نابضة في قلب الوطن.

أكيد أن نتائج التصويت هبت رياحها بما لا يشتهي كهنوت الزعيم وزبانيته، وخيبت آماله، وفجرت آلامه النرجسية، وقطعت أوصال أفاعيتمدده الأخطبوطي. الذي سمم أجواء الوطن بسلوكيات ملوثة. أساسها التنويم المغناطيسي للشعب، وضرب قواه الحية، والتشكيك في رجالات الوطن الأوفياء، وإشاعة ثقافة التسول، والنكوص والاتكالية والبركة والغيب.لأنه لم يقرأ جيدا ما بين سطور قانون الأحزاب الذي لا يجيز تغيير قوانين الأحزاب إلا من خلال محطات مؤتمراتها، فسقط في شباك المحظور، وفشل في مخططه من داخل بيت حزبه الذي يعرف تحولا سريعا على جميع المستويات.

الدرس الديمقراطي النابع من ممارسة الحق في التعبير والتصويت داخل هيئة المجلس الوطني الاستثنائي، سيكون له ما بعده، وستنطلق العدوى لأحزاب عمر زعمائها طويلا، واحتكروا كراسي الأمانة العامة داخل أحزابهم، إما بتسويات فوقية، أو بالتوافق حول توزيع المناصب، أو بالاغتصاب كرها، وتجييش الحرس والعسس، والتنكيل بالمناضلين وتوزيع الاتهامات ضدهم، وفتح المجال للواصفين والمقربين والخانعين والسيطرة على الأجهزة أفقيا وعموديا.

العدالة والتنمية تؤكد من خلال نتائج المجلس الوطني المرتبطة بمسألة التمديد، أن السي بن كيران نموذج للزعيم الكارطوني، الذي توهم أنه سياسي المرحلة، ومقتصد هذا الزمن، وفقيه العصر، ومفتي الديار، وخطيب الفاشلين، وطبيب المرضى، ومساند المعوزين والأرامل، والفاتح لأبواب الجنة، والضامن لمستقبل الباعة الجائلين، وجيوش المتسولين والمشردين، وموزع النعمة على كتائبه ومسانديه وحوارييه والمنتشين بصورته البئيسة.

وصفت بعض التقارير الإعلامية أن بن كيران قد أصيب بنوبة نفسية، وذهل أمام نتائج التصويت، وسقط ما بيده من خرائط الغزو ووثائق مخططاته السرية والعلنية، رغم تجنيده لسرايا المصباح وكتائبه الحربية، ورغم كذلك تغذية موقف التمديد إعلاميا، بواسطة الكتبة والمستأجرين أقلامهم، لتلميع صورته التي تكسرت أمام أبواب الزوايا و المساجد، وجمعيات الإحسان الملغوم، بفعل تدافع جحافل المتسولين والمعوزين والأرامل، نساء ورجالا، قبل أن تتوزع شظاياها في شوارع مدن المغرب كزجاج السيارات التي تعرضت لحوادث السير على الطريق الرابطة بين تدبير الشأن الوطني وبين التنمية الشاملة، وخلفت خسائر جسيمة في الأرواح والمعطوبين والجرحى، من أوساط الفاعلين السياسيين والنقابيين والمدنيين والحقوقيين والمثقفين.

فهل سيعتكف السي عبد الإله بن كيران في بيته وكتابة ما اقترفت أياديه من ذنوب ومعاص في حق شعب الفقراء بالمغرب، أم أنه سيختار خلوة بحمامات مولاي يعقوب للاغتسال بمياهه الشافية ، أو سيأخذ قسطا من الراحة بقمم جبال الأطلس لاستعادة فطنته التي خربتها بطنته، أم أنه سيغادر نحو غابة المعمورة للتأمل في عقلية قردة المنطقة التي تعيش على ما تجود به بقايا أطعمة مخيمات الجمعيات الصيفية وزائري ذات المجال السياحي.

نعم، فلن ينتهي الكلام، بمجرد انتهاء بنكيران. في انتظار السيناريو القادم من مسلسل الزعيم.