الاثنين 6 مايو 2024
خارج الحدود

قطر بايبرز والربيع الحقيقي

قطر بايبرز والربيع الحقيقي

تلقف البعض، سواء من الصحفيين أو رواد المواقع الاجتماعية، ما تم السماح بتسريبه من "باناما بايبرز" كأنه قرآن منزل. مع العلم أن آلاف الوثائق لن ترى النور أبدا بل سيتم إعدامها لأنها تهم الجهة المحركة وتفضحها، وساءلنا البعض لماذا لم تهتموا بالموضوع رغم أنه مهم، فقلنا لسنا سذجا أو نخدم أجندة حتى نلعق تراب هذه الوثائق، ولكن لابد من قراءة السياق الذي جاءت فيه.

وسنفترض أن مجموعة وثائق أخرى سيتم الكشف عنها، وعندما نسميها "قطر بايبرز" فلسنا نرجم بالغيب ولا ندعي علما بالأسرار، ولكن هناك مؤشرات ومعلومات تفيد أن دولة قطر الصغيرة تتوفر على آلاف الوثائق، ولكن ليست كجنة ضريبية ولكن كجنة للعطايا الكثيرة التي يتم توزيعها على زعماء سياسيين ومثقفين وفنانين وكتاب وصحفيين.

لقد تحولت دولة قطر الصغيرة جدا من دولة "نسيا منسيا" إلى دولة افتراضية عملاقة بفضل مخططات مكاتب الدراسات البريطانية، حيث كان يتم إعدادها لتصبح جنة أموال الربيع العربي، الذي تم الإعداد له على نار هادئة قبل أن تحرق نيرانه كل شيء، وبالتالي فإن قطر، التي لم تعط دينارا واحدا دون دليل، تتوفر على مئات آلاف المستندات عن الذين حصلوا على أموال من خزائنها.

حتما لن تسكت قطر كثيرا. أو سيوحى إليها بكشف المستور وهذا قريب جدا. لأن صانعي الفوضى العربية يريدون "ضمس" أوراق الكارطة من جديد، وبالتالي سيحرقون الأوراق المتداولة وخصوصا التي تدعي النضالية، لأن أرباب الحراك سيلعبون أوراقا أخرى.

ورغم أنه ليس لدينا معلومات دقيقة عن قطر بايبرز غير أن هناك ما يدلنا على ما سيُنشر فيها من تسريبات.

نعرف أن قطر مولت التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كي يصل إلى السلطة، وذلك في إطار الصفقة التي عقدها التنظيم مع المخابرات الأمريكية. فالغنوشي، زعيم النهضة والنموذج التونسي الذي يعبده وزيرنا في الاتصال الخلفي، جاء قادما من لندن نحو واشنطن ليقدم خطابا في الأيباك، أكبر تجمع للمنظمات الصهيونية، ومباشرة طار إلى قطر قبل أن يصل إلى بلده الذي غادره لأكثر من عشرين سنة. أنظروا أي تراب يحب زعيم الإخوان التونسيين؟

زعيم سياسي تحدث إلى هذه الصحيفة ذات يوم، ولم ننشر الخبر رغم مرور حوالي تسع سنوات عليه، حدثنا أنه كان شاهدا عن أن أمين عام حزب سياسي حينها حصل على حقيبة أموال من دولة قطر، وان القطريين تعمدوا أن يكون شاهدا على هذه الهدية الملغومة.

ولم تنس قطر المثقفين والفنانين، ومنهم من يحصل على رواتب محترمة من مؤسسات إعلامية واستشارية قطرية رغم أنه لا يكتب شيئا أو لا يستشار في شيء أو تكون له مساهمات باهتة لا تساوي ثمن تحويل الأموال إليه.

أما الكارثة الكبرى هي لما تكشف تعاملها مع صحفيين وإعلاميين ومنهم من اغتنوا وأسسوا صحفا ومواقع كبرى تم صرف الملايين من أجل أن تحتل رتبا مهمة.

إعادة ترتيب الخارطة من جديد يقتضي الكشف عن "قطر بايبرز" حتما لأن العملية لن تستمر بالطريقة ذاتها، وبالتالي سيظهر الذين خانوا الوطن من أجل قروش الدوحة جنة أموال الربيع العربي وحينها سنعود إلى الربيع الحقيقي والتغيير الذاتي دون أجندة.