السبت 4 مايو 2024
سياسة

مدير وحدة فندقية بالعيون: مصلحة الوطن أقوى من مداخيل عائدات المينورسو

مدير وحدة فندقية بالعيون: مصلحة الوطن أقوى من مداخيل عائدات المينورسو

يخرج من جيبه كيسا بلاستيكيا، يضع فيه كأسي ياغورت، وتفاحتين وموزتين وقطعا من الحلوى، وقنينة ماء معدنية، يحملها بين يديه.. يترجل مسرعا نحو غرفته عبر المصعد الكهربائي، يغير ملابسه ويرتدي زيا مدنيا.. يستقل سيارة الخدمة المركونة في الممر الممنوع فيه الوقوف، لا يمد يديه نحو جيبه، يترك حارس السيارات، واقفا يراقبه، فهو لا يتكلف حتى عناء رفع يديه ليحي الحارس، ويتجه نحو الشاطئ، يصطاد بعضا من السمك، يعرضه للبيع لأحد العابرين للطريق الساحلية، يضع المبلغ في جيبه، ويستمر في صيد السمك وبيعه حتى المساء.. حين يعود للفندق، يجلس رفقة رفاقه، يتبادلون أطراف الحديث، يصعد لغرفته، يحرر تقريرا عن الوضع السياسي والحقوقي في المنطقة ويرسله لمدرائه..

هو أحد عناصر بعثة الأمم المتحدة "المينورسو"، بمدينة العيون، قضى نحو عامين فيها، وهو ضمن لائحة المدرجة أسماؤهم لمغادرة التراب الوطني، بعد قرار المغرب السيادي بشأن تخفيض حجم البعثة الأممية لمراقبة وقف إطلاق النار بالمنطقة.. وتتكلف السلطات العمومية بكل مستلزماتهم، من الإيواء، مأكلا ومشربا في الفنادق المصنفة، إلى دعم تحركات سياراتهم بالغازوال.. وهو ما اعتبره أحد المراقبين في لقاء مع "أنفاس بريس"، بشكل آخر من اقتصاد الريع، فالمفروض أن تتحمل الأمم المتحدة كل تكاليف إقامتهم من ألفها إلى يائها، "ومع ذلك فأن يصل المغرب لهذا القرار السيادي متأخرا، أفضل من عدم اتخاذه بالمرة"، يقول نفس المصدر.

وعاين موقع "أنفاس بريس"، لدى الوصول لمطار الحسن الأول بالعيون، أول أمس، تحركات مكثفة لمركبات المينورسو، محملة بعلب كارطونية، ومكاتب، وأجهزة معلوماتية، كانت تستعمل من طرف المكون المدني للبعثة، مركبات تقوم ب "لانافيت"، بين المطار ومقر بعثة المينورسو بالمدينة، وهي مستلزمات تنقل عبر الطائرة التابعة لنفس الهيئة الأممية، إلى جانب مغادرة العشرات من الموظفين الأممين لأرض العيون في اتجاه "لاس بالماس"..

ولأن عددهم كان ملحوظا في عدد من الفنادق بالمدينة، فقد أضحى وجود عناصر من البعثة، مخففا، ومع ذلك اعتبر مدير إحدى الوحدات الفندقية، أن مصلحة الوطن تبقى فوق كل اعتبار.. "غادرت نسبة كبيرة منهم الفندق، لا ننكر أن وجودهم كان بالنسبة لنا مدخولا قارا، لكن مع ذلك فنحن مع المصلحة والسيادة الوطنيتين"، يقول صاحب هذه الوحدة الفندقية. بالمقابل اعتبر صاحب شقة كان يؤجرها لعنصر من "مينورسو"، أن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بقرار وطني، تتوارى فيه المصلحة الخاصة لصالح المصلحة العامة، "عندما قررت عرض شقتي للاستئجار، كان الغرض هو أن أضمن مدخولا قارا ومنتظما، وهناك عروض استئجار تتقاطر علي"..

هي باختصار وضعية مدينة العيون بعد قرابة أسبوعين من اتخاذ قرار تخفيض عدد البعثة الأممية في شقها المدني، رسالة واضحة للمنتظم الدولي بأن لا مصلحة تعلو فوق الوطن.