السبت 4 مايو 2024
سياسة

كريم مولاي: الجزء الأكبر من ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية يرصد لإنهاك المغرب

كريم مولاي: الجزء الأكبر من ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية يرصد لإنهاك المغرب

نفى كريم مولاي، ضابط سابق في المخابرات الجزائرية، أن تكون بين المغرب والجزائر عداوة، مؤكدا على النظام الجزائري هو من يدير ملف النزاع حول الصحراء. وأضاف في حوار مع "أنفاس بريس" بأن النظام الجزائري تآمر على مالي منذ وقت مبكر، ووفر الغطاء الأمني والسياسي والإعلامي من أجل ضرب الماليين بحجة منع تصاعد الجماعات المتطرفة، التي هي أساسا من صنع أجهزة الأمن الجزائرية. ومن جهة أخرى، قال كريم مولاي بأن ملف وراثة الرئيس الحي ـ الميت، لازال واحدا من أهم الملفات الأكثر تعقيدا، ولعله سيكون بوابة جهنم، التي سيفتح فيها الصرع على أشده بين الطامعين في الهيمنة على جزائر المستقبل..

بثت قناة "ميدي1 تي في" ليلة 20 مارس تسجيلا صوتيا للجنيرال سعيد شنقريحة وصف فيه المغرب بأنه عدو للجزائر وذلك في تجمع للبوليزاريو بتندوف. وهو تصريح يناقض ماتصرح به الدبلوماسية الجزائرية من كونها تؤيد القرارات الأممية بخصوص قضية الصحراء وبأن لا دخل لها في النزاع بين المغرب والبوليزاريو. كيف تقرأ تصريح هذا الجنيرال؟ وهل ينطق بلسانه أم هو وحي أوحي إليه من طرف السلطات الجزائرية؟

لا يمكن الحديث عن عداوة بين المغرب والجزائر على الإطلاق، فلم يكن المغرب في أي يوم عدوا للجزائر، لا أيام الاستعمار الفرنسي ولا بعد التحرير.

أما الذين يؤيدون جبهة البوليساريو في النظام الجزائري ويتحدثون عن تقرير المصير ويؤيدون قرارات الأمم المتحدة، ومنها هذا الجنرال، الذي تحدث في تجمع للبوليساريو عن عداوة بين المغرب والجزائر، فهم أقلية عسكرية مسيطرة على القرار، وليس لها أي صدى شعبي.

أما من الناحية السياسية فمما لا شك فيه أن تصريحا من هذا القبيل يكشف بالملموس أن النظام الجزائري طرف أساسي في استمرار النزاع حول مصير الصحراء.

ولا شك أن حديثا من هذا القبيل في تجمع شعبي لجبهة البوليساريو، يعكس موقفا للجهة التي تقف خلف هذا الشخص، أي القيادة العسكرية النافذة التي تدير. الشأن الجزائري منذ خمسة عقود.

وصف المغرب بأنه عدو من طرف جنرال في تجمع رسمي يضرب ميثاق الأمم المتحدة في مقتل ويخرق مبدأ حسن الجوار. هل والحالة هذه يمكن طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي؟

هذا سؤال يوجه لخبراء القانون الدولي، أما من جهتي، فأعتقد جازما، أن النظام الجزائري هو من يدير ملف النزاع حول الصحراء، ليس فقط لأنه هو من يتحكم في قيادة البوليساريو، ويصنعها صناعة، بل لأنه هو من يدير هذا الملف في كافة المحافل الدولية، ويخصص الجزء الأكبر من ميزانية وزارة الدفاع والمالية لصالح استمرار هذا النزاع.

الأكثر أهمية في هذا الملف، أن القيادة العسكرية التي خلا لها المناخ بعد أن تمكنت من تصفية خصمها التاريخي المتمثل في جهاز المخابرات، أنه يمثل مسألة أمن قومي للجهاز الحاكم، الذي يعيش هذه الأيام على فوهة بركان، ويقف علة حافة الهاوية، في ظل ترهل قياداته التنفيذية وعدم قدرتهم على التجاوب مع الحلفاء التقليديين، بالإضافة إلى حالة الفوضى العارمة التي تعيشخها دول الإقليم، وتطلع القوى التقليدية المتحكمة في دول المنطقة إلى خارطة سياسية جديدة تكون أكثر قدرة على الحفاظ على مصالحها.

في نفس البرنامج وقعت تسريبات لتسجيلات صوتية، تظهر تورط المخابرات العسكرية الجزائرية مع التنظيمات الإرهابية. وخاصة جماعة مختار بلمختار في قضية الهجوم على عين أميناس. هل تظن أن تنظيم القاعدة في الغرب الإسلامي هو إنتاج للمخابرات الجزائرية؟ إن كان الأمر كذلك، كيف تفسر سكوت المنتظم الدولي عن هذا التواطؤ؟

ملف الإرهاب والجماعات المسلحة والمتطرفة، ملف معقد ومحاط بكثير من علامات الاستفهام الطكبرى. وهو صناعة خبرها أباطرة العسطكر والأمن في النظام الجزائري، ليس منذ الانقلاب على أول انتخابات ديمقراطية في تسعينات القرن الماتضي، بل ومنذ رحيل المستعمر الفرنسي، وهيمنة ما يُعرف في الجزائر بعصابة "الحركة" أو عملاء الاستعمار على مواقع القرار وفرض الحزب الواحد والرئيس الأوحد تحت شعارات مخدرة تبين الآن أنهخا ليست إلا محاولة للتضليل على نظام ديكتاتوري أكل أبناءه واحدا تلو آخر.

وعندما حاول قسم من قادة العسكر التكفير عن الذنب وإعادة الأمانة للشعب الجزائري، في انتخابات ديمقراطية شهد العالم كله بنزاهته، سرعان ما استفاق رموز الدولة العميقة أو قل قادة الطابور الخامس، تحت يافطة التحذير من الإرهاب، فأوجدوا الجماعات الإسلامية المسلحة، والتي سرعان ما تحولت بقدرة قادر إلى جناح لتنظيم القاعدة قبل أن يستحيل إلى دواعش تجول وتصول في دول الساحل من أجل مهمة واحدة، وهي إعادة صياغة خارطة المنطقة بالوكالة، وتثبيت قوة الجزائر كوكيل للقوى الدولية، وهي بهذا تشتري صمت المجتمع الدولي بحجة أنها شريك في الحرب على ما يسمى بـ "الإرهاب".

تحرص المخابرات الجزائرية في علاقتها مع تنظيم القاعدة بالغرب الإسلامي على أن يتم توجيه الضربات الإرهابية نحو مالي وضرب المصالح المغربية في الصحراء على أساس أن لا يضرب الإرهابيون داخل الجزائر.هل هذه الاتهامات لها ما يسندها على أرض الواقع؟ إن كان الأمر كذلك ماهي هذه الأسانيد؟

لقد تآمر النظام الجزائري على مالي منذ وقت مبكر، ووفر الغطاء الأمني والسياسي والإعلامي من أجل ضرب الماليين بحجة منع تصاعد الجماعات المتطرفة، التي هي أساسا من صنع أجهزة الأمن الجزائرية.

وأذكر أنني عندما كنت أعمل ضمن أجهزة الاستخبارات، كانت زراعة الخوف والرعب واحدة من أهم الأدوات التي نعمل على إيجادها من أجل فرض هيمنة النظام على أرض الواقع، وعدم إتاحة الفرصة لظهور أي نفس معارض قد يكون مهددا لنظام العسكر، الذي اتخذ من حزب جبهة التحرير غطاء سياسيا للتضليل ليس إلا.

ويكفي دليلا على أن الإرهاب صناعة متحكم فيها، أن مثل هؤلاء لا يظهرون إلا عند الحاجة، أي كلما ظهرت هنالك مطالب بالإصلاح أو تهديد خارجي من شأنه أن يدفع باتجاه ظهور مطالب ذات نفس إصلاحي.

ولعله من باب التأكيد على ذلك، أنه منذ اندلاع ما يعرف بثورات الربيع العربي عاد الحديث عن خطر الإرهاب والجماعات المسلحة ولم تفلح الوساطات السياسية لحل الأزمة المالية، التي ضحى النظام فيها بفريقه الديبلوماسي فيها، وهذه من طبيعة النظام الدموية.

الجزائر يحكمها رئيس في عداد الموتى. والصراع على أشده بين الأجنحة العسكرية لترتيب ما بعد بوتفليقة، في هذا السياق يقرأ بعض الملاحظين هجوم الإرهابيين على عين صالح يوم الجمعة الماضي بالصواريخ بأنه ليس فعلا إرهابيا محضا بقدر ما هو ترجمة لتحريك كل جناح بخيوطه وعلاقاته مع هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك. كيف تقرأ ذلك؟

ملف وراثة الرئيس الحي ـ الميت، لازال واحدا من أهم الملفات الأكثر تعقيدا، ولعله سيكون بوابة جهنم، التي سيفتح فيها الصرع على أشده بين الطامعين في الهيمنة على جزائر المستقبل.

ولئن حاول البعض التقليل من أهمية هذا الملف من خلال الحديث عن تصفيه جناح المخابرات ممثلة في "رب الجزائر" أو نعالرؤساء، الجنرال التوفيق، وعودة واحد من أبرز المتهمين بالفساد، وواحد من أهم المقربين من الرئيس الحي ـ الميت، فإن الحقيقة أن مستقبل الحكم يبدو مظلما ومجهولا، لا لطبيعة الخلافات وتعدد الطامحين لقيادة البلاد في ظل وضع أمني واقتصادي وسياسي بالغ السوء والتعقيد محليا وإقليميا ودوليا، وإنما لأن طموح الأقليات في التحرر من هيمنة الأغلبية، أو لنقل طموح الأمازيغ للتحرر من هيمنة طغمة عسكرية تحت يافطة العروبة أحيانا والإسلام حينا آخر والوطنية في بعض الأحيان، هذا الطموح بدا في التعاظم.

ومما لا شك فيه أن جزائر المستقبل، لنتكون كالحاضر ولا يمكن لقواعد الماضي أن تستمر في الهيمنة على مستقبل الجزائر، حتى وإن تم اللجوء إلى الإرهاب كما جرى في عين صالح، وربما يتكرر في مناطق أخرى.