Wednesday 10 December 2025
مجتمع

عمق الاختلالات في تدبير الشأن التعليمي بإقليم سطات كما كشفها لقاء نقابة بالمدير الإقليمي

عمق الاختلالات في تدبير الشأن التعليمي بإقليم سطات كما كشفها لقاء نقابة بالمدير الإقليمي
يبدو أن الوضع التعليمي بإقليم سطات بات يستدعي وقفة جادة ومسؤولة، بعدما تراكمت "اختلالات" تدبيرية أصبحت تعيق السير العادي للمؤسسات التعليمية، وتنعكس مباشرة على جودة التعلمات وعلى الحقوق المهنية لنساء ورجال التعليم. اللقاء الذي جمع المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي بالمدير الإقليمي، وما صدر بعده من بلاغ، كشف عن أعطاب عميقة تفند كل محاولات التجميل عبر صور الواجهة أو الخطابات الإنشائية.
 
فالمشهد التعليمي، خاصة بالوسط القروي، يعاني من مظاهر تدهور للبنيات التحتية، حجرات دراسية مهترئة، ساحات تتحول إلى برك مائية وأوحال مع أولى زخات المطر، ومؤسسات محرومة من أبسط شروط السلامة والاشتغال. وقد شكل الفيديو المتداول الذي كشف عن تدهور الحجرات الدراسية، صور صادمة، ورسالة واضحة عن واقع لم يعد يحتمل الصمت. المكتب النقابي حمل المسؤولية للجهة المعنية بتأهيل المؤسسات، وطالب بإنصاف الأستاذة التي وجدت نفسها في قلب الحدث وهي تؤدي واجبها المهني وفق ما يحدده القانون، في ظل غياب أعوان الحراسة والنظافة الذين تحتاجهم مؤسسات الإقليم بشكل ملح.
 
كما كشف اللقاء، عن غياب مقاربة تشاركية حقيقية في تدبير الفائض والخصاص، بما في ذلك التكليفات المرتبطة بالخصاص العرضي وتقاسم المعطيات المحينة. شغيلة تتلقى تكليفات مباغتة لا تراعي الاستقرار المهني ولا العدالة في التكليفات، مع ضعف قنوات التواصل التشاركي، مما ينتج احتقانا مزمنا داخل القطاع.
 
ومن أبرز ما طرح أيضا تفاقم الاكتظاظ داخل عدد من المؤسسات التعليمية بالإقليم، وهي ظاهرة تنسف كل حديث عن تحسين جودة التعلم. أقسام تغص بتلاميذ فوق طاقتها الاستيعابية، فتتحول العملية التعليمية إلى مجهود استثنائي بالنسبة للأطر التربوية، وتحد من قدرة المتعلمين على التفاعل والمتابعة، مما يساهم في تراجع التحصيل وارتفاع نسب الهدر المدرسي.
 
كما وقف المكتب النقابي عند غياب ضوابط شفافة في إسناد جداول الحصص بالثانوي، الأمر الذي خلق شعورا متزايدا باللامساواة والحيف.

المقاربة التشاركية تستبدل في أحيان كثيرة باجتهادات فردية، تربك العمل وتفتح الباب أمام تظلمات وحيف في ظل غياب الحكامة التدبيرية.
 
ولم تغب عن النقاش أيضاً مسألة تكليف أساتذة السلك التأهيلي بالتدريس بالإعدادي دون سند قانوني، في تجاوز صريح للنظام الأساسي والمذكرات المنظمة. هذا الوضع، الذي تحول من استثناء إلى ممارسة متكررة، يربك الأداء البيداغوجي، ويحمل الأطر التربوية أعباء إضافية خارج مهامها الأصلية.
 
كما اعتبر المكتب النقابي أن معالجة بعض النزاعات داخل المؤسسات تتم أحيانا بمنطق يفتقر إلى الموضوعية واحترام المساطر القانونية، مما يجعل عددا من الأطر يشعرون بأن حقوقهم المهنية معرضة للتجاهل أو الانتقاص. وفي السياق ذاته، أثار اللقاء الظروف الصعبة التي يخضع لها الأساتذة خلال مسطرة الفحص المضاد، خاصة أولئك الذين يشتغلون في مناطق بعيدة عن مدينة سطات، وهو ما يشكل عبئا نفسيا وجسديا. 

وتوقف المكتب مطولا عند التأخر غير المفهوم في صرف تعويضات الامتحانات الإشهادية، إلى جانب مستحقات الترقية الخاصة بأفواج 2017 وما بعدها، وهو تأخر يثير تساؤلات جدية حول تدبير الملفات المالية والإدارية داخل بعض المصالح المختصة.
 
إن ما كشفه اللقاء ليس مجرد اختلالات طارئة، بل منظومة من الأعطاب التي تسائل النموذج التدبيري داخل الإقليم، وتستدعي إرادة إصلاح حقيقية تعيد ترتيب الأولويات وتعيد الثقة بين الإدارة والشغيلة التعليمية. فالارتقاء بالمدرسة العمومية يبدأ من تحسين أوضاع العاملين فيها، ومن ضمان بيئة تعليمية تحفظ كرامة المتعلمين وتوفر لهم الحد الأدنى من الشروط اللائقة.

وبينما يجدد المكتب الإقليمي التزامه بمتابعة هذه الملفات والدفاع عن حقوق الشغيلة، يظل السؤال المركزي قائما: هل ستستوعب الجهات المسؤولة حجم هذه الانتقادات وتتحرك لمعالجتها بجدية؟ أم سيظل الوضع على حاله، مرشحا لمزيد من التدهور في غياب إرادة حقيقية تجعل مصلحة التلميذ والمدرسة العمومية في صدارة الأولويات.