Saturday 8 November 2025

سياسة

أمينة بوعياش: الدفاع عن الوحدة الترابية مسار إصلاحي متجدد يجعل الإنسان في صلب العدالة والتنمية

أمينة بوعياش: الدفاع عن الوحدة الترابية مسار إصلاحي متجدد يجعل الإنسان في صلب العدالة والتنمية أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان
أكدت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المسار الإصلاحي الذي انخرط فيه المغرب على مدى العقود الماضية يعكس تلازما راسخاً بين الدفاع عن الوحدة الترابية وحماية حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية يشكل امتدادا لمشروع مجتمعي متجدد قوامه الكرامة والمواطنة والمساواة أمام القانون.
 
جاء ذلك خلال كلمتها في لقاء  احتضنته مدينة العيون، نظّمه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، السبت 8 نونبر 2025، بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، بحضور رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، ورئيس المحكمة الدستورية، ورئيس محكمة الاستئناف بالعيون، إلى جانب شخصيات قضائية وحقوقية. 
 
وأعربت بوعياش عن شكرها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على تنظيم هذا اللقاء الذي يواكب تخليد ذكرى المسيرة الخضراء، معتبرة أن الحدث ليس مجرد محطة سياسية بل تجسيد لإرادة جماعية في بناء مسار دولة الحق والمؤسسات.
 
وشددت بوعياش على أن جوهر المسيرة الخضراء يمتد في الزمن ليشكل رؤية تنموية شاملة تضع الإنسان في صلب البناء الديمقراطي، مبرزة أن مشروع الحكم الذاتي المقترح من طرف المملكة يندرج ضمن منطق الشرعية الدولية ويقوم على احترام الحقوق وضمان الكرامة لجميع المواطنين.
وتوقفت المتحدثة عند التحولات الكبرى التي عرفتها الأقاليم الجنوبية، معتبرة أنها كانت فضاءً محورياً للتطور الحقوقي والديمقراطي بالمغرب، وشاهدة على أجيال متعاقبة من الإصلاحات التي كرست بناء مؤسساتي متين ومواطنة فعالة.
واستعرضت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان مسار هذه الإصلاحات من خلال ثلاثة أجيال رئيسية.
 
ففي ما سمته الجيل الأول، سجلت بوعياش أن المغرب، في منتصف سبعينات القرن الماضي، بدأ وضع أسس الدولة الحديثة بإقرار الميثاق الجماعي لسنة 1976 الذي شكل أول خطوة لترسيخ التدبير الترابي واللامركزية، رغم التحديات التي فرضها النزاع الإقليمي حول الصحراء.
أما الجيل الثاني، فقد وُسم بإطلاق ورش العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية خلال تسعينات القرن الماضي، من خلال إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان – المجلس الوطني حالياً – الذي يحتفل بذكراه الخامسة والثلاثين، وصولاً إلى إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة التي اعتبرتها بوعياش منعطفاً في ترسيخ العدالة الانتقالية والمساءلة. 
 
واستحضرت في هذا السياق الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في الندوة الدولية حول الذكرى العشرين لإحداث الهيئة، والتي أبرزت الطابع السيادي والتطوعي لمسار المصالحة باعتباره تعبيراً عن مفهوم جديد للسلطة ومحاسبة المؤسسات.
 
وأكدت بوعياش أن التجربة المغربية في العدالة الانتقالية أرست مبادئ الاعتراف والإنصاف والمعالجة المتكافئة لجميع المناطق، بما فيها الأقاليم الجنوبية، ما يعكس وحدة الوطن كوحدة عدالة وذاكرة ومصير. كما أشارت إلى شجاعة المملكة في التعاطي مع ملفات الانتهاكات التي طالت بعض ضحايا النزاع من أبناء الأقاليم الجنوبية ممن تعرضوا للانتهاكات على يد جبهة البوليساريو.
 
وبشأن الجيل الثالث من الإصلاحات، أبرزت بوعياش أنه يتعلق بترسيخ الطابع المؤسساتي للحقوق وتقريب السياسات العمومية من المواطن، من خلال تبني النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، القائم على مبادئ المشاركة والاستدامة والتنمية البشرية، مؤكدة أن هذه الرؤية مجسدة لمفهوم ديمقراطي متجدد يوازن بين التنمية والحقوق.
 
وأضافت أن المقاربة المغربية في بناء منظومة الحقوق اعتمدت على ثلاث ركائز أساسية هي: التوافق بين مختلف الفاعلين، والابتكار في إيجاد حلول منسجمة مع الخصوصية الوطنية، والشمولية التي تضمن انخراط جميع الجهات ضمن مقاربة تشاركية.واعتبرت بوعياش أن الاستثمار في الإنسان المغربي كمشارك وفاعل في التحول الديمقراطي هو جوهر التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن إعلان عيد الوحدة يمثل تجديداً للإرادة الوطنية المشتركة في ترسيخ قيم المواطنة والحق في التنمية.
 
وختمت كلمتها بالتأكيد على أن الإصلاح في المغرب هو مسار متواصل يتجدد مع كل مرحلة، وأن الدفاع عن الوحدة الترابية لا ينفصل عن حماية حقوق الإنسان، لأن السيادة الوطنية، في المنظور المغربي، تُمارس عبر العدالة واحترام الكرامة وتوسيع فضاءات الحرية.