Friday 12 September 2025
مجتمع

ماء العينين: احتفاء بإرث رجل دولة ورمز وطني

ماء العينين: احتفاء بإرث رجل دولة ورمز وطني ذكرى الأربعين لمحمد ماء العينين: الوطنية الصادقة والدبلوماسية الفاعلة
لم تكن الأمسية التي نظمها حزب الاستقلال، مساء يوم الخميس 11 شتنبر 2025 بالمركز العام للحزب، مجرد حفل تأبيني تقليدي، بل تحوّلت إلى لحظة سياسية ووطنية جامعة لاستحضار مسار أحد أعلام الحزب والدبلوماسية المغربية، الراحل محمد ماء العينين. بحضور الأمين العام نزار بركة، وأفراد أسرة الفقيد، وأعضاء اللجنة التنفيذية، وبرلمانيين ومنتخبين، ودبلوماسيين بارزين، بدا واضحاً أن ذكرى الأربعين تحولت إلى منصة لتجديد العهد بقيم الوطنية الصادقة التي حملها الراحل طوال مساره.
 
الحضور الدبلوماسي اللافت، الذي ضمّ عميد السلك الدبلوماسي العربي بالمغرب، السفير اليمني عز الدين الأصبحي، وسفير فلسطين جمال الشوبكي، والأمين العام لاتحاد المغرب العربي طارق بن سالم، إضافة إلى ممثلين عن وزارة الشؤون الخارجية ومنظمات دولية، منح للأمسية بعداً يتجاوز الإطار الحزبي، ليعكس ما مثّله الراحل من قيمة مشتركة بين الوطني والديبلوماسي، بين الانتماء الحزبي والرسالة الدولية للمغرب.
 
في كلمته، قدّم الأمين العام للحزب نزار بركة قراءة سياسية وشخصية لمسار الفقيد، معتبراً أن محمد ماء العينين لم يكن مجرد إطار حزبي أو دبلوماسي، بل مدرسة في الوطنية الصادقة. وأكد أن الرجل مثّل جيلاً ربط مصيره بمصير الوطن، وجعل من الدفاع عن وحدته الترابية قضية حياة. استحضر بركة كيف كان الفقيد وفياً للعرش وللمبادئ الاستقلالية، متشبّعاً بفكر الزعيم علال الفاسي، ومؤمناً بأن العمل السياسي والدبلوماسي وجهان لعملة واحدة: خدمة الوطن.
 
تحليل مسار الفقيد يكشف عن نموذج نادر في الجمع بين النضال الحزبي والممارسة الدبلوماسية والمهنية الإعلامية. فقد بدأ مساره من بوابة الصحافة في شركة الرسالة، ثم انتقل للعمل في ديوان الزعيم محمد بوستة، قبل أن يتدرج في هياكل الحزب من اتحاد طلبة المغرب إلى اللجنة التنفيذية، في مسار صاغ شخصيته السياسية على قيم الالتزام والانضباط والجدية. هذا العمق الحزبي انعكس على أدائه كسفير للمغرب في الأردن وأستراليا والأرجنتين، حيث برع في تعزيز إشعاع القضية الوطنية، خصوصاً مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وربط الجالية المغربية بالخارج بوطنها الأم، ما جعل منه أحد حراس الهوية الوطنية في المحافل الدولية.
 
الأمسية التأبينية لم تكن مجرد وقفة للترحّم، بل تحولت إلى لحظة للتفكير في معنى الاستمرارية الحزبية والسياسية. فقد أعاد نزار بركة التأكيد على أن إرث محمد ماء العينين ليس فقط ذكرى عاطفية، بل هو منارة يهتدي بها الجيل الحالي من مناضلي الحزب، ودعوة إلى استلهام مساره في ظل التحولات الإقليمية والدولية التي تشهدها قضية الصحراء المغربية.
 
لقد شكّلت أربعينية محمد ماء العينين مناسبة لتجديد الوصل بين الماضي والحاضر، وللتذكير بأن الحزب، وهو يودّع أحد رجالاته الكبار، إنما يرسّخ مساراً من الوفاء لقيم الوطنية الصادقة والدبلوماسية الفاعلة، وهو ما يجعل من ذكرى الراحل لحظة سياسية بامتياز، تتجاوز حدود العزاء إلى فضاء التفكير الاستراتيجي في مستقبل الوطن والحزب على حد سواء.