في صمت يغلف معاناتهم اليومية، خرجت تنسيقية أعوان السلطة بالمغرب لتدق ناقوس الخطر، رافعة صوتها باسم الآلاف من الأعوان، خصوصاً في العالم القروي، حيث يواجه هؤلاء جنود الظل واقعاً قاسياً بعيداً عن الأضواء.
يصف أعوان السلطة في بلاغهم الذي تم نشره في صفحتهم بالفايسبوك بعنوان "تنسيقية أعوان السلطة بالمغرب"، وضعيتهم بأنها "حكرة واستغلال وتجاهل مقصود"، بعدما ظلوا لعقود يشتغلون دون أبسط مقومات الحماية الاجتماعية، محرومين من التقاعد، ومن التغطية الصحية، ومن تعويضات عائلية تحفظ كرامة أسرهم. ورغم الدور الحيوي الذي يقومون به في السهر على النظام العام، والتواجد في الصفوف الأمامية خلال الأزمات والانتخابات والطوارئ الصحية، ما زالوا يواجهون هشاشة مهنية تضعهم على هامش الدولة التي يخدمونها.
الأصوات الصادرة عن التنسيقية لم تكن مجرد شعارات مطلبية، بل صرخة إنسانية تحمل وجع رجال تجاوز بعضهم سن السبعين، ولا يزالون مرغمين على مواصلة العمل الميداني بلا تقاعد يضمن لهم شيخوخة كريمة. بالنسبة لهم، القضية لم تعد مسألة دراهم معدودة أو حلول ترقيعية، بل حق أصيل في الكرامة والاعتراف بمكانتهم كـ"رجال دولة حقيقيين" ساهموا في خدمة المواطنين من داخل أصعب الظروف.
وتلخص مطالبهم في نقاط أساسية: إدماجهم في الوظيفة العمومية، إقرار قانون أساسي عادل، تمكينهم من التقاعد والتغطية الصحية، وتعويضات لأسرهم، إضافة إلى إحالة كبار السن على التقاعد بكرامة. وهي مطالب إنسانية قبل أن تكون اجتماعية أو مهنية، لأنها تعكس جوهر الحق في حياة لائقة بعد سنوات من العطاء.
وفي رسالتهم الموجهة إلى وزارة الداخلية، شدد أعوان السلطة على أن الصبر بلغ مداه، وأن الاحتقان الاجتماعي مرشح للتفاقم إذا استمر التجاهل. فالمطلوب، حسبهم، ليس إصلاحاً سطحياً أو مؤقتاً، بل إصلاح حقيقي يعيد الاعتبار لهؤلاء الجنود المجهولين الذين ظلوا في الميدان بوجوه مرهقة وأجساد مثقلة، لكن بوفاء كبير للدولة والمواطنين
