Tuesday 5 August 2025
سياسة

ميمونة الحاج داهي ترد على القيادي الاتحادي مصطفى عجاب

 
ميمونة الحاج داهي ترد على القيادي الاتحادي مصطفى عجاب ميمونة الحاج داهي توسط مصطفى عجاب وادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي
تحت عنوان: "الاتحاد.. ورد وأشواك بين ظل وظلال"، ردت الصحافية ميمونة الحاج داهي، في صفحتها على "فايسبوك"، على مصطفى عجاب، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي. وقالت إن رده على مقالتها المنتقدة لمآل الحزب في عهد كاتبه الأول إدريس لشكر، يتضمن مغالطات تستحق التفكيك بهدوء، ليس من باب العداء، إنما من باب احترام العقل الحزبي، وتحرير الاتحاد من فخاخ القداسة والاختزال...
في ما يلي نص الرد:
 
قرأت باهتمام رد السيد مصطفى عجاب، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، على ما اعتبره هجوما على الحزب. وقد جاءت كلماته راقية موزونة، معتدلة، تنضح بلغة أدبية جميلة، تستحضر التاريخ وتستند إلى مناقب القادة السابقين، في محاولة واضحة لإعادة تعريف "المشروعية" الاتحادية، لا على أسس الإنجاز السياسي الراهن، بل على حقبة مجيدة يستحيل محوها من ذاكرة المغاربة.
لكن الخطاب، رغم أناقته، يتضمن مغالطات تستحق التفكيك بهدوء، ليس من باب العداء، إنما من باب احترام العقل الحزبي، وتحرير الاتحاد من فخاخ القداسة والاختزال..
أولا بين التاريخ والمشروعية: من يملك الحق  في الانتقاد؟
افتتح السيد عجاب خطابه باقتباس فولتير عن حرية التعبير، لكنه سرعان ما اشترط "العضوية التنظيمية" شرطا للتعبير عن الرأي. وهذا منطق معيب من أساسه.
فالاتحاد الاشتراكي، كما يردد قادته أنفسهم، حزب وطني لا طائفة تنظيمية مغلقة. ومن ثم، فكل مواطن معني بمصير اليسار، وكل مهتم بالحياة السياسية، وكل من مر ذات يوم من بوابة الاتحاد، يملك حقًّا في السؤال والتقييم والانتقاد.
فهل من يملك بطاقة العضوية أولى بالحقيقة ممن يملك الذاكرة؟
وهل الإصلاح حكر على من يشارك في المؤتمرات، حتى لو كانت مغلقة النتائج؟
الانتماء ليس امتيازا بل مسؤولية، والذاكرة الحزبية لا تُحتكر.
تساؤلي الثاني من يسائل من؟ وهل التاريخ يبرئ الواقع؟
استدعاء القادة المؤسسين (بوعبيد، اليوسفي...) في كل مرة يوجَّه فيها انتقاد للوضع الراهن، لا يُعد حجة بقدر ما يكشف عن عجز بنيوي عن إنتاج شرعية حاضرة.
التاريخ لا يبرر الحاضر، بل يُحاسبه عليه.
فما قيمة استحضار "قطار عبد الرحيم" إذا كان القطار اليوم يتحرك في حلقة مفرغة، تحت قيادة واحدة منذ أكثر من عشر سنوات، بينما تُغلق النوافذ على كل من يُحاول الصعود؟
ثم إن المجاهد عبد الرحمن اليوسفي، نفسه،حين قبل بالتناوب التوافقي، كتب وثيقة عنوانها: "من أجل الديمقراطية"، ليعبر عن ألمه من خيانة الروح الديمقراطية داخل الحزب والدولة على السواء. فهل يحق لنا أن ننتقي من تراثه ما يناسب التبرير، ونقصي منه ما يحرج القيادة؟
ثالثا بين الزعيم والمؤسسة: أين تقف الديمقراطية الداخلية؟
أهم ما لم يجب عنه خطاب السيد عجاب، هو الآتي:
لماذا لم تُفتح مؤسسات الحزب لتجديد القيادات منذ سنوات؟
أين ذهبت قاعدة التناوب؟ هل ماتت بموت بوعبيد؟
لماذا تدار مؤتمرات الحزب بقبضة مغلقة، وتنتهي دائما بتزكية الزعيم؟
إذا كان الحزب مؤسسة، فلماذا يختصر كل شيء في شخص الكاتب الأول؟
وإذا كانت القيادة جماعية، فلماذا لم نسمع 
رأيا مخالفا واحدا داخل المكتب السياسي؟
الإجماع، حين يكون صامتا ومصنوعا، هو الوجه الآخر للسلطوية.
التساؤل الرابع هل من يعارض القيادة خارج عن الملة الحزبية؟
حين يقول السيد عجاب إن الغاضبين لا يملكون "أخلاق المروءة"، أو أن "من لا يعجبه الحزب فليؤسس حزبا آخر"، فهو يكرس منطقا خطيرا:
إما أن تكون معي، أو أنت دخيل.إما أن تصفق، أو أنت عدوّ.
وهذا، ببساطة، نفي كامل لمبدأ التعددية الذي قامت عليه الفكرة الاتحادية منذ نشأتها.
في الاتحاد، لطالما عاش المختلفون تحت سقف واحد: أنصار بوعبيد ، الطليعيون والمؤسساتيون، الإصلاحيون والراديكاليون...أين الشبيبة الاتحادية؟؟؟؟  اليوم لا مكان إلا للمصفقين..
التأمل الخامس عن لشكر بين الكفاءة والانغلاق
لا أحد ينكر أن إدريس لشكر شخصية سياسية ذكية، صاحب تجربة، ومكانة، وقدرة خطابية. لكنه في السنوات الأخيرة حاد عن المشروع الاتحادي الأصلي:
حاصر البدائل، أقصى المعترضين، ورط الحزب في معارك شخصية وأدخل الاتحاد في منطق المقاعد لا المبادئ.
إن زعامة بدون تداول، هي زعامة هشة.
وحنكة بلا نقد ذاتي، تتحول إلى مأزق دائم.
القناعة السادسة الزعيم الذي يمكنه أن يصحح
ليس ضروري أن نطلب من إدريس لشكر  الرحيل بقدر ما نطالبه بالتجديد.
نطالبه بأن يعيد النظر في أسلوبه، أن يحرر الحزب من الحاشية التي تخنقه، أن يستدعي الاتحاديين الغاضبين، لا ليقصيهم، بل ليعيدهم إلى تشكيلةالفريق.
فالولاية الرابعة يمكن أن تكون محطة إحياء، لا امتدادا للجمود.
يمكن أن تكون بداية تصحيح، بدل أن تكون نهاية مشروع.
 سابعا هو إيماني أن الإتحاد حزب للمغاربة لا لبطاقات العضوية
فالاتحاد الاشتراكي ليس ملكا للقيادة، ولا للمنخرطين وحدهم، بل ذاكرة وطنية، ومشروع مجتمعي، وبيت للغاضبين قبل الراضين.
ومن حق أي مواطن أن يسائل أداء الحزب، دون أن يتم اعتباره عدو، بل لأنه كان يوما شريكا في الحلم.
وإن كنا نكتب اليوم، فليس لنُسقط أحدا، إنما نسعى لنرفع الاتحاد من حالة الوهن.
وإن كنا نغضب، فذلك لأن الحزب لا يزال يعني لنا الكثير.
إنه بيتٌ لا نغلقه و لا نسمح بإغلاقه، حتى لو ضاق بنا و بأهله.
 لا يسعني في ختام ردي إلا أن أستحضر  مقولة لمحمد عابد الجابري
"الوعي بالواقع هو الخطوة الأولى لتغييره، أما الأوهام فهي مجرد مهرب من المسؤولية." وهذا بالضبط ما لا أمارسه في كتابتي: الهروب. بل مواجهة ما نراه، لا ما نُحب أن نراه.