Sunday 8 June 2025
سياسة

طرد المغاربة من الجزائر: قناة "العيون" تسلط الضوء على "المسيرة السوداء".. مأساة إنسانية لم تندمل جراحها

طرد المغاربة من الجزائر: قناة "العيون" تسلط الضوء على "المسيرة السوداء".. مأساة إنسانية لم تندمل جراحها ضيوف بلاطو "مع الناس" بقناة العيون
لا تزال جراح المغاربة المطرودين تعسفا من الجزائر في سنة 1975 نازفة، بعد مرور قرابة نصف قرن على واحدة من أفظع المآسي الإنسانية في تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية.

ففي مثل هذه الأيام، وبينما كان المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يحتفلون بعيد الأضحى، أقدمت السلطات الجزائرية، بشكل مفاجئ وصادم، على اعتقال عشرات الآلاف من المغاربة المقيمين على ترابها، وتجميعهم في مخافر الشرطة، ثم ترحيلهم قسرا نحو الحدود الغربية، في اتجاه التراب المغربي.

حوالي 45 ألف أسرة مغربية طُردت في ظروف حاطة بالكرامة، رافقتها انتهاكات جسيمة شملت التنكيل، التعنيف، الاحتجاز، مصادرة الممتلكات، الضغط النفسي وكذلك الترهيب.

شهادات الضحايا تروي فصولا مأساوية من التجويع، والتشريد في عز الشتاء، والفصل القسري بين الأسر، مما جعل هذه الحادثة توصف بـ"المسيرة السوداء"، مقابل المسيرة الخضراء التي نظمها المغرب في السادس من نونبر 1975 لاسترجاع أقاليمه الجنوبية.

الجزائر، التي كانت آنذاك تستشعر ضيقًا من تحركات المغرب في ملف الصحراء، أقدمت على هذه الخطوة الانتقامية غير المبررة قانونيًا ولا إنسانيًا، وهو ما يجعل هذا الفعل إلى اليوم موضع إدانة ورفض واسع، فبشهادات الضحايا وأصوات منظمات حقوقية، يعدّ ما حدث جريمة ضد الإنسانية، ويستلزم اعتذارًا رسميًا من الدولة الجزائرية وتعويضا ماديا ومعنويا للضحايا وجبرا للضرر، في أفق طي صفحة مؤلمة من الذاكرة المغاربية.

في هذا السياق المتجدد من الترافع والتحسيس، خصص برنامج "مع الناس"، الذي تبثه قناة العيون، حلقته الأسبوعية الأخيرة لموضوع ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، حيث استضاف كلا من الأستاذ محمد لكبيري، المحامي بهيئة الشرق وعضو جمعية ضحايا الطرد، والأستاذ جمال العثماني، الكاتب وأحد الضحايا الناجين.

الحلقة التي وُصفت بالقوية والمؤثرة، عرفت تقديم شهادات حية مؤلمة تكشف بوضوح فداحة الانتهاكات التي تعرض لها المطرودون، كما تم خلالها عرض وثائق وأدلة دامغة تُبرز حجم مساهمة المغاربة في دعم الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وكذلك في بناء الدولة الجزائرية في سنوات الاستقلال الأولى، مما يطرح علامات استفهام كبرى حول النكران الذي ووجهوا به لاحقًا.

لقد أعادت هذه الحلقة التلفزيونية الجدل العمومي إلى واجهة النقاش الإعلامي والحقوقي، وذكّرت بضرورة إعطاء هذا الملف ما يستحقه من اهتمام رسمي ومجتمعي، بالنظر إلى بعده الإنساني والسياسي، وارتباطه المباشر بالعدالة التاريخية والإنصاف.

إن مأساة "المسيرة السوداء" لا يجب أن تُنسى، فهي ليست فقط مأساة إنسانية عاشها جيل كامل من المغاربة، بل هي أيضًا ملف حقوقي بامتياز يجب أن يظل حاضرًا في المحافل الوطنية والدولية، إلى أن يتحقق الاعتراف، والإنصاف، وجبر الضرر، ويُطوى هذا الجرح المفتوح في جسد الذاكرة المغربية الجماعية.