Wednesday 4 June 2025
سياسة

حسن عبد الخالق: تزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي..الموقف البريطاني يربك النظام الجزائري

حسن عبد الخالق: تزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي..الموقف البريطاني يربك النظام الجزائري حسن عبد الخالق، سفير سابق
عززت بريطانيا الزخم الدولي الداعم لإيجاد حل للنزاع الإقليمي حول قضية الصحراء ،باعتبارها في بيان مشترك وقعه، يوم الأحد في الرباط، وزيرها للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي ونظيره  المغربي ناصر بوريطة "مقترح الحكم الذاتي المقدم من المغرب في سنة 2007،بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع"، مؤكدة أنها "ستواصل العمل على الصعيد الثنائي،لا سيما  في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع".
  
وجاء  الموقف الجديد للمملكة المتحدة بعد تسجيلها الزخم الإيجابي الحالي للملف تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس وإدراكها أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، معلنة أن تسوية هذا النزاع الإقليمي "من شأنها أن توطد استقرار شمال إفريقيا وتعزز الدينامية الثنائية والاندماج الإقليمي".
 
تنامي التأييد الدولي للحكم الذاتي
وتعززت مشروعية الموقف المغربي لحل النزاع المفتعل بكون بريطانيا ثالث دولة عضو دائم في مجلس الأمن ،بعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا تدعم إيجاد حل سياسي لقضية الصحراء ،بتطبيق الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية وإعلان أكثر من 110 دولة في المنتظم الدولي تأييدها مبادرة الحكم الذاتي.

والمؤكد أن التحاق بريطانيا بدائرة الدول المؤثرة في صنع القرار الدولي المؤيدة للحكم الذاتي أربك النظام الجزائري، الذي أصدرت وزارته في الخارجية بيانا قائما على التضليل والتناقض  والافتراء، في محاولة يائسة للتغطية على عزلته في الساحة الدولية،وفشله في ترويج موقفه المعادي لوحدة المغرب الترابية. 

الحكم الذاتي يعني السيادة المغربية
ويتجلى التناقض والتضليل في أن الجزائر "أعربت عن أسفها لقيام المملكة المتحدة بدعم مُخطط الحكم الذاتي المغربي"،لتدعي في البيان نفسه أن "المملكة المتحدة لم تتطرق للسيادة المغربية المزعومة على إقليم الصحراء الغربية ولم تُقدّم أي دعم لها"، والحال أن الحكم الذاتي هو ضمن السيادة المغربية وبالتالي فإن بريطانيا تدعم سيادة المغرب في الصحراء. 

وتجسد الافتراء في أن وزارة الخارجية الجزائرية زعمت في بيانها إنّ" مقترح الحكم الذاتي، وطوال الثمانية عشر سنة التي أعقبت تقديمه، لم يتم عرضه على الصحراويين كأساس للتفاوض، مثلما لم يتم التعاطي معه يوما على محمل الجدّ من قبل مبعوثي الأمم المتحدة الذين تداولوا على هذا المنصب. فقد أقرّ جميعهم بأنّ المبادرة المغربية فارغة المحتوى وغير قادرة على الإسهام في التوصل إلى تسوية جادة وذات مصداقية للنزاع في الصحراء الغربية".

النظام الجزائري يوجه الانفصاليين لرفض المبادرة
غير أن الواقع ينطق بأن المغرب عرض مخطط الحكم الذاتي للتفاوض في الجولات الأربعة  لمفاوضات مانهست في يونيو 2007 إلى مارس 2008 ،وكان النظام الجزائري يوجه في تلك المفاوضات انفصاليي البوليساريو لرفض  مناقشة المبادرة المغربية .

وتعرضت المائدتان المستديرتان حول قضية الصحراء اللتين انعقدتا في جنيف في دجنبر 2018 ومارس 2019،لنفس العراقيل من النظام الجزائري الذي فرض على الانفصاليين عدم الموافقة على التفاوض على الحكم الذاتي إطارا لحل النزاع المفتعل . 

الإشادة بجدية ومصداقية جهود المغرب
وافترى النظام المعادي للمغرب ولوحدته الترابية ،بأن نسب إلى المبعوثين الأممين في قضية الصحراء اعتبارهم أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي فارعة المحتوى ولا تساهم  في أيجاد تسوية جادة وذات مصداقية للنزاع المفتعل، علما أنه لم يسبق لأي مبعوث أممي أن أطلق في إحاطته أمام مجلس الأمن مثل هذه الأوصاف على تلك المبادرة ،بل على العكس من ذلك دأب مجلس الأمن في كل قراراته الصادرة منذ  سنة 2007،على الإشادة بجهود المملكة لحل النزاع،واصفا إياها ب"الجدية وذات المصداقية"،وسجل في قراره الأخير رقم 2756 الزخم الذي شهده الملف بالدعم المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي،مؤكدا أن "الحل السياسي لا يمكن أن يكون إلا واقعيا وبراغماتيا ودائما وقائما على التوافق".  

ووضع النظام الجزائري نفسه  في مواجهة تزايد الدعم الدولي للمبادرة المغربية،زاعما بخلاف مواقف مجلس الأمن والمنتظم الدولي أنّ "الغاية من مُخطط الحكم الذاتي المغربي لم تُكن يوما الاستناد إليه كأساس حلّ سياسي لهذا النزاع".

ويتهاوى الافتراء الجزائري بحقيقة أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أقبر في إحاطته  نصف السنوية التي قدمها أمام مجلس الأمن في 14 أبريل الماضي مخطط التسوية لسنة 1990 ومقترح تقسيم  الصحراء،مشيرا إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا مخطط الحكم الذاتي.

وفي سياق تركيزه على هذه المبادرة كخيار وحيد للحل ،أعلن دي مستورا أنها  "تحتاج إلى تفسير بتفصيل أكثر وأن يتم توضيح الصلاحيات التي تعود للصحراء الغربية المتمتعة بالحكم الذاتي"، وضمن هذه الرؤية ،من المفروض أن تبادر الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن إلى تأكيد وحدانية خيار الحكم الذاتي  لحل قضية الصحراء ،ليتم التفاوض  لاحقا حول تفاصيله في إطار السيادة المغربية، علما أن  مبادرة الحكم الذاتي  التي قدمها المغرب للأمين العام للأمم المتحدة في 11 أبريل 2007  تتضمن تفاصيل قابلة للتفاوض حول تمكين سكان المنطقة من تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية ،في إطار السيادة الوطنية. 

تقرير المصير في صلب المبادرة المغربية
وتماديا في التضليل، اعتبرت الجزائر أن الوزير البريطاني" أكد بمُناسبة الندوة الصحفية، بشكل علني ورسمي تمسك المملكة المتحدّة بمبدأ الحق في تقرير المصير"،في محاولة يائسة لجعل هذا الموقف في تعارض مع دعم بلاده مقترح الحكم الذاتي، متناسية أن الحق في تقرير المصير يوجد صلب المبادرة المغربية التي تنص  في مادتها 27 على أن" یكون نظام الحكم الذاتي للجھة موضوع تفاوض،  ویطرح على السكان المعنیین بموجب استفتاء حر، ضمن استشارة دیمقراطیة. ویعد ھذا الاستفتاء، طبقاً للشرعیة  الدولیة  ومیثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعیة العامة ومجلس الأمن، بمثابة ممارسة حرة من لدن ھؤلاء السكان، لحقھم في  تقریر المصیر".

ويتجسد اعتراف بريطانيا بالسيادة المغربية في الأقاليم الجنوبية بشكل جلي في تأكيدها أن "الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات قد تنظر في دعم مشاريع في الصحراء ،ضمن التزام الهيئة بتعبئة 5 مليارات جنيه إسترليني لدعم مشاريع اقتصادية جديدة في جميع أنحاء البلاد".

ويعزز الموقف البريطاني الدينامية الإيجابية ،التي تواكب تدبير ملف القضية الوطنية بقيادة جلالة الملك، في أفق أن يكرس مجلس الأمن الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، حلا سياسيا وواقعيا وحيدا للنزاع المفتعل، الذي استمر نصف قرن وآن الأوان لكي يدرك النظام الجزائري أن من باب الواقعية مسايرة المجتمع الدولي في إيجاد الحل المنشود وأن دعمه مشروع الانفصال لضرب وحد المغرب الترابية،لن يجني منه سوى المزيد من الانكسارات.
حسن عبد الخالق، سفير سابق