Tuesday 3 June 2025
كتاب الرأي

سعيد ودغيري حسني: المغرب يكتب التاريخ وبريطانيا تختمه بالختم الملكي

سعيد ودغيري حسني: المغرب يكتب التاريخ وبريطانيا تختمه بالختم الملكي سعيد ودغيري حسني
ونحن نقترب من الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المجيدة.. تتجدد ملحمة الوطن وتزهر الأرض بسيادة لا تغيب عنها الشمس
فخور بمغربيتي
فخور بأنني أنتمي لوطن اسمه المغرب
وطن لا يُساوم على ترابه
ولا يقايض ذرة رمل من صحرائه
منذ عقود والصحراء ليست قضية حدود بل قضية وجود
وجود يتجدد كل يوم
وإرادة تتجسد في كل موقف ملكي وكل التفاف شعبي
في مثل هذه الأيام من سنة 1975
وقف الملك الحسن الثاني أمام شعبه خطيبًا واثقًا رؤيويًا
وقال كلمته التاريخية
“غدًا ستفتحون الباب وستدخلون إلى الصحراء”
لم تكن كلمات عادية
بل كانت قصيدة سيادية نزلت على الوطن بردًا ويقينًا
ومنها انطلقت المسيرة الخضراء
مسيرة لم تشهدها أرض من قبل
شعب يحمل المصاحف لا البنادق
ويمشي على رمال وطنه ليسترجعها بالسلام لا بالسلاح
الملك الحسن الثاني لم يكن فقط صانع حدث
بل كان مؤسس رؤية
رؤية جعلت من الوحدة الترابية قضية أمة لا قضية نظام
وزرع في الأجيال معنى الوفاء للأرض
ومعنى أن الوطن لا يُهدى بل يُنتزع بالحكمة
جاء محمد السادس فحمل الأمانة كما تُحمل الأعلام في لحظات المجد
وأكمل المسار بنفس العزم
فأعاد رسم خارطة الدبلوماسية بعين استراتيجية وروح وطنية
أطلق مقترح الحكم الذاتي ليس كتنازل بل كحل نهائي واقعي منفتح
لا يُقصي أحدا ولا يُفرط في شيء
فكان هذا المقترح هو المنارة التي تقود القوافل السياسية نحو السلام الحقيقي
وبين يديه تحولت الدبلوماسية إلى طوفان حكيم
جعل من مبدأ السيادة ركيزة ومن الجهوية المتقدمة وسيلة
وأثبت للعالم أن الصحراء ليست ورقة تفاوض بل أرض تنبض بالحياة
بُنيت فيها المدارس والموانئ والمطارات
وانطلقت منها مشاريع التنمية كما تنطلق القصائد من قلب الشاعر
وبينما كانت جبهة الانفصال تفقد أنصارها وتتآكل من الداخل
كان المغرب يربح ثقة العالم دولة بعد أخرى
وكانت البداية الكبرى مع الولايات المتحدة الأمريكية
التي في عهد الرئيس ترامب اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه
تبعها موقف إسبانيا التاريخي الذي حوّل خارطة السياسة الأوروبية
ثم لحقتها فرنسا بعد سنوات من التردد
وفي أكتوبر 2024 خلال زيارة ماكرون
أعلنت دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية
ولم تتأخر بريطانيا
مهد الدبلوماسية العريقة وصاحبة الختم الملكي
قالتها بوضوح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الأمثل
وكان موقفها تتويجًا لكل المواقف السابقة
comme une cerise sur le gâteau
ولكنها كرز الملكية على كعكة التاريخ المغربي
وامتدت قائمة الدول المؤيدة لتشمل أكثر من ثلاثين دولة إفريقية
ودولًا من أمريكا اللاتينية والكاراييب
ثم جاءت المواقف العربية
وكانت دولة الإمارات أول من افتتح قنصليتها في مدينة العيون
تلتها البحرين ثم الأردن ثم جيبوتي
كما افتتحت جزر القمر قنصلية في العيون وكانت سباقة بذلك
كل قنصلية كانت علمًا مرفوعًا فوق رمال الصحراء
وكانت توقيعًا جديدًا على وثيقة السيادة المغربية
وكانت صفعة ناعمة على وجه كل من لا يزال يراهن على سراب الانفصال
ونحن نقترب من نونبر 2025
حيث تمر خمسون سنة على أعظم مسيرة شهدها العصر
مسيرة خضراء ألهمها الملك الحسن الثاني وقادها شعب وفيّ
لم تكن مجرد مشهد وطني
بل كانت أسطورة مشي جماعية على درب التحرير
خمسون سنة تمر والراية لم تسقط
والصحراء لم تتراجع
والوطن يمضي قدمًا على خطى من رسموا الطريق بالحب والحكمة
وها هو العالم بعد نصف قرن
يعترف بأن ما فعله المغرب سنة 1975
كان بداية العدالة
وكانت المبادرة بالحكم الذاتي هي الخاتمة المنطقية لهذه المسيرة
زبدة القول
إن ما يحدث اليوم ليس نهاية نزاع بل نهاية وهم
وليس مجاملة دبلوماسية بل عدالة تاريخية
المغرب يكتب التاريخ بمداد الشهداء والملوك والرجال
ويختمه بالختم الملكي
ليقول للعالم
الصحراء في القلب
والمملكة في مكانها
والأمة تمضي بثقة نحو المجد