كشف تقرير حديث للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن الأوساط الاستخباراتية الغربية تشك بأن "عبد القادر مؤمن"، زعيم فرع تنظيم "داعش" في الصومال، هو ذاته من يتزعم العمليات الدولية للتنظيم المتطرف تحت الاسم الحركي "أبو حفص الهاشمي القرشي".
هذا ما أكده تقرير صادر عن فريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة، الذي كشف أن هناك "ثقة متنامية" بين عدد من الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بأن مؤمن هو "الخليفة" الحالي لداعش، بعد أن تم تعيينه سابقًا رئيسًا للمديرية العامة لـ"الولايات" داخل التنظيم، وهو منصب يُخول له الإشراف على الفروع التابعة لداعش، خاصة في القارة الإفريقية.
وبحسب التقرير، فإن انتقال مسؤوليات القيادة من معاقل التنظيم التقليدية في العراق وسوريا إلى مناطق أخرى، مثل الصومال، يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو هيكل أكثر لامركزية، ما يعزز فرص بقاء التنظيم في ظل الضربات المتواصلة التي تستهدف قياداته. غير أن هذا الطرح لا يحظى بإجماع تام بين أجهزة الاستخبارات، إذ ترى بعض الأطراف أن داعش لم يتخلّ بعد عن طموحه في استعادة السيطرة على أراضٍ داخل العراق وسوريا.
ويرى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنه منذ مقتل زعيمي التنظيم السابقين، أبو بكر البغدادي (2019) وخليفته (2022)، اعتمد داعش على سياسة التعتيم الكامل بخصوص هوية قياداته، واكتفى بالإشارة إلى زعيمه الحالي باسمه الحركي، دون الكشف عن هويته أو ظهوره العلني، في محاولة لإرباك عمليات التتبع والرصد.
في هذا السياق، قال إدموند فيتون براون، المستشار البارز في مشروع مكافحة التطرف ومسؤول سابق بالأمم المتحدة، إن التنظيم اعتاد على غياب "الخليفة" عن المشهد العام، مشيرًا إلى أن الاسم الحركي "أبو حفص الهاشمي القرشي" قد يخفي وراءه شخصية من أصول إفريقية لا يُراد لها أن تُكشف.
وبحسب معطيات التقرير الأممي، فإن عبد القادر مؤمن نجا على ما يبدو من غارة جوية أمريكية في ماي 2024، كانت تستهدفه في جبال "جوليس" شمال شرق الصومال، وهي منطقة وعرة يُعتقد أنه لجأ إليها وشيد فيها شبكة من الكهوف والتحصينات لتأمين نفسه من الهجمات الجوية. ومنذ تلك الضربة، أفادت المعلومات الاستخباراتية بأن مؤمن اتخذ إجراءات مشددة للحد من تعرّض التنظيم للمراقبة والتسلل.
لكن تلك المنطقة، وتحديدًا "بور ديهكساد"، عادت إلى واجهة الاستهداف في فبراير 2025، حين شنت القوات الأمريكية جولة جديدة من الغارات الجوية، أسفرت عن مقتل أحد كبار قادة داعش المكلّفين بالعمليات الخارجية، إلى جانب 13 عنصرًا آخرين، وفق ما أعلنته واشنطن.
وخلص تقرير المركز إلا أن فرع داعش في الصومال واصل، تحت قيادة مؤمن، تعزيز نفوذه على الأرض، بفضل تمويلات متزايدة وأنشطة ابتزاز في المناطق الخاضعة له. وتشير تقارير استخباراتية إلى استثمار هذه الأموال في تطوير القدرات العسكرية، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار، وتكثيف الهجمات الانتحارية.
لكن التنظيم يواجه في المقابل تحديات داخلية، من أبرزها صعوبات اندماج المقاتلين الأجانب في البنية القبلية المحلية، إلى جانب الحواجز الثقافية والظروف القاسية، ما أدى إلى تزايد حالات الانشقاق في صفوفه مؤخرًا. كما أن الجهود الدولية الرامية لاعتراض المقاتلين الأجانب قبل وصولهم إلى الصومال ساهمت في كبح جماح نموه.
رغم هذه التحديات، يحذر مراقبون من أن فرع داعش في الصومال قد بات يشكل إحدى البؤر الأكثر خطورة في شبكة التنظيم، وأن عبد القادر مؤمن، إن صحّت التقديرات، يمثل اليوم رجل داعش الأول عالميًا، وإن كان يختبئ في الكهوف.