الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

بوعياش: المساواة والقضاء على العنف ضد النساء رهين بإدراك طبيعة العقلية الذكورية السوسيو- ثقافية

بوعياش: المساواة والقضاء على العنف ضد النساء رهين بإدراك طبيعة العقلية الذكورية السوسيو- ثقافية أمينة بوعياش
أكدت أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن المغرب حقق تقدما كبيرا في مجال حماية حقوق النساء، حيث تميزت السنوات الأخيرة باعتماد تشريعات، واستراتيجيات وطنية تتضمن تدابير تعزز الحقوق الإنسانية للنساء، وتضمن حمايتهن من الانتهاكات، وتمكنهن من الولوج إلى حقوقهن الاقتصادية، والاجتماعية وإلى سبل الانتصاف والعدالة، مستدركة في كلمة لها خلال اللقاء التي نظمته مساء أمس الأربعاء 30 مارس 2023 وزارة التضامن حول الذكورة الإيجابية، أن الواقع يبين أن الجوانب القانونية، والمؤسساتية وحدها لا تكفي لتحقيق فعلية حقوق النساء، وتحقيق المساواة، والقضاء على التمييز ضد النساء.
وفيما نوهت بوجاهة اختياركم لموضوع الذكورة الإيجابية كمنهج مبتكر يسعى لتغيير العقليات، والمواقف، والسلوكيات المناهضة للمساواة، أوضحت بوعياش أنه من خلال عملية رصد وضعية حقوق المرأة التي يقوم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مختلف المجالات باعتبارها قضية جوهرية في عمله، وترافعه كمؤسسة وطنية تسهر على حماية حقوق الإنسان، والنهوض بها، فإننا نؤكد اليوم  أننا إلى جانب ضرورة سن التشريعات وتجويدها المستمر، والرفع من مستوى السياسات العمومية في هذا المجال نحتاج  لآليات موازية لتحقيق التوازن داخل مجتمع يحمي نساءه من انتهاك حقوقهن، ويدعم المساواة، ومناهضة التمييز، والعنف ضدهن.
وهي آليات-تضيف المتحدثة ذاتها- ذات أبعاد اجتماعية، وثقافية تأخذ بعين الاعتبار، العادات، والتقاليد النمطية الضاغطة، والمتوارثة، والتي تحدد أدوار كل من الرجل والمرأة، وتعيد إنتاج نموذج مجتمعي يحتفظ  فيه الرجال بأدوار اجتماعية مهيمنة على النساء، فيكفي أن ننظر إلى الأرقام التي تشير إليها الدراسات حول العنف ضد النساء و الحقائق التي تكشف عنها. 
وفي السياق ذاته، أبرزت بوعياش أن مخرجات الحملة التي قادها المجلس طيلة سنة و التي 2022أسفرت عن تقرير يوضح فيه الكثير من أوجه العنف المستمر حيث قد تصل جرائم العنف إلى أبشع صورها، والتي تعرف منحى تصاعديا يحتكر الرجال ارتكابها، إلى جانب الصعوبات التي تواجه الناجيات من العنف في التبليغ والخوف من انتقام المعنِّف ناهيك عن المعيقات السوسيو-ثقافية المتعددة الأبعاد والمرتبطة أساسا ببنية المجتمع وقواعده التي تضغط عليهن ولا تدعمهن في مسار تحقيق الانتصاف. 
وخلصت إلى أن استمرار نماذج الهيمنة المجتمعية الذكورية السلبية المؤدية إلى العنف، والإقصاء، والتمييز ضد النساء مكلفة للمجتمع لأنها تسلب الإرادة الإنسانية للنساء، وتحرمهن من ممارسة أدوارهن الريادية، ومساهمتهن الكاملة والفعالة في النمو، كما أفادت بأن الأدوار المهيمنة السلبية للرجل تؤدى إلى وجود تراتب اجتماعي يولد العنف والتمييز، باعتبار أن الرجل المسيطر، والمهيمن هو الذي يمثل الصورة الأمثل لما يجب أن يكون عليه الرجل الحقيقي والتي تتمثل بالعنف، وكبت العواطف، والخوف من التعاطف، وهي الصورة التي يسعى الذكور لتبنيها للحصول على القبول الاجتماعي، وهو في نفس الوقت نموذج الرجل الذي يسعى للعيش وفقا للصور النمطية والقوالب الاجتماعية التي تمنع مسيرة التطور.
وفي السياق ذاته، أبرزت بوعياش أن تحقيق المساواة، والقضاء على العنف، والتمييز ضد النساء، رهين بإدراك طبيعة العقلية الذكورية السوسيو- ثقافية المهيمنة داخل المجتمع واستمرار نماذج الذكورة المهيمنة السلبية وإمكانيات تغيير سلوك الأفراد رجالا ونساء وتحسيس المجتمع بأهمية الأدوار الإيجابية للرجال والجيل الناشئ من الشباب. 
وزادت قائلة:" وإذا ما أردنا إنهاء مظاهر هاته الثقافة السائدة لزم علينا كسر الآليات التي تعيد إنتاج نماذج الذكورة المناهضة للمساواة وعدم التميز وتعميق فهم المعاني التي تحملها الذكورية الإيجابية وتعميمها في المجتمع بمختلف مكوناته كنهج يقدم نمطا جديدا للرجولة ومقاربة مختلفة للعلاقات الإنسانية تجعل من الرجال شركاء في التغيير وفي بناء مشروع مجتمعي يقوم على المساواة بين الجنسين ومناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي. ولعل بروز مبادرات شبابية تحمل هذا المشروع وملتزمة بالسير قدما لتحقيقه مؤشرا إيجابيا بازدياد الوعي ويحمل أملا في تحقيق نموذج المجتمع المنشود الذي تسوده العلاقات المبنية على المساواة والاحترام بين النساء والرجال والفتيات والفتيان".
ولتعزيز هذه الجهود، تشدد بوعياش على ضرورة معالجة جذرية للثقافة الخاطئة من خلال قنوات التربية على قيم المساواة وعدم التمييز والتنشئة الصحيحة من خلال تطوير أدوات بيداغوجية تترجم مفهم الذكورة الإيجابية التي من شأنها أن تكسب الجيل الناشئ سلوكا مواطنا يعزز الممارسات السليمة ويرفض كل السلوكيات الخاطئة الممارسة ضد المرأة داخل المجتمع.