الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

تسبب في استنزاف الموارد المائية..أسعار البصل بعاصمة إنتاجه بالمغرب تفوق التوقعات

تسبب في استنزاف الموارد المائية..أسعار البصل بعاصمة إنتاجه بالمغرب تفوق التوقعات صورة أرشيفية
ارتفعت أثمنة البصل بشكل مهول لتصل أسعارا قياسية مع بداية شهر رمضان، حيث وصلت الى 20 درهما في بعض المناطق، ولعل من جملة المفارقات هو وصول ثمن البصل بعاصمة إنتاجها بالحاجب الى 15 درهما، علما أن إنتاج البصل يستنزف كميات هائلة من الموارد المائية الباطنية بإقليم الحاجب، مما تسبب في الإجهاد المائي والذي قد يهدد بالعطش وبنزوح جماعي لساكنة الإقليم نحو المدن المجاورة (فاس، مكناس، صفرو، تازة..).
إن الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية بسبب التجاوزات الحاصلة على مستوى حفر الآبار العشوائية الغير المرخصة من لدن الجهات المخول لها منح رخص التنقيب على الماء يطرح العديد من التساؤلات عن فعالية المراقبة للوقوف على التجاوزات الحاصلة بالإضافة الى عدم احترام تقنيات الري بالتنقيط مما ساهم في هدر المياه واستنزاف الفرشة المائية بصورة تهدد استقرار الفلاحين والكسابة بالمنطقة، علما أن مسؤولية إدارة حوض سبو على مستوى متابعة واحصاء ومراقبة رخص حفر الآبار والاستغلال الجائر والمستنزف للفرشة المائية بإقليم الحاجب وكذا بالأطلس المتوسط سيفقد هذه المناطق الجبلية صفة الخزان الطبيعي للماء بالمغرب.
ولعل ما يجعل آلام ومعاناة ساكنة إقليم الحاجب تتضاعف بشكل كبير هو الارتفاع المهول لأسعار الخضروات، وضمنها البصل، فبدل أن تحظى ساكنة الحاجب بوضع اعتباري على مستوى سعر البصل على الأقل مقارنة مع باقي المناطق، وهي تعاين استنزاف مواردها المائية من طرف كبار الملاكين، هاهي تكتوي بنار الغلاء الفاحش هي الأخرى، علما أن إقليم الحاجب يمتاز بسلسلة البصل التي تضم مابين 6000 و 7000 هكتار، بإنتاج يتراوح ما بين 40 إلى 60 طن في الهكتار، مما يعني أن منتوج المنطقة يفوق 400 ألف طن ويمثل 12 في المائة من الإنتاج الوطني لزراعة الخضروات، حيث يأتي نصف محصول البصل بالمغرب، من جهة فاس- مكناس، ويبلغ متوسط المردودية 20 قنطارا في الهكتار في البور و50 طن في الهكتار في المدارات المسقية، مما يجعلها أول منتج للبصل في المغرب، ورغم كون تكلفة الإنتاج بإقليم الحاجب تعد جد متدنية اذا استحضرنا كلفة الشحن والنقل فإن ساكنتها هي الأخرى تتجرع مرارة الغلاء الفاحش، أمر يربطه العديد من المهتمين بالشأن الفلاحي بالإقليم بالمضاربات والاحتكار والذي يجعل الفلاح الصغير الرقم الضعيف في المعادلة، وأشارت مصادرنا أن البصل والذي لا يقتصر على إقليم الحاجب بل يشمل أيضا إقليم إفران يتم تخزينه منذ شهر ستنبر داخل ما يسمى ب " الكراير " تمهيدا لاستغلاله من طرف المحتكرين الذي أصبحوا يتحكمون في الأسعار بشكل كبير مستغلين الأعياد الدينية والمناسبات وخاصة منها شهر رمضان وعيد الأضحى .
في نفس السياق أكد فلاحو البصل بإقليم الحاجب، أن هناك عدة عوامل تقف وراء الزيادة في أسعار البصل في الأسواق، الأول منها يتعلق بضعف التساقطات المطرية وما رافقه من شح في المياه الجوفية المستعملة في سقي الأراضي المخصصة لزراعة البصل، أما العامل الثاني فيرتبط بتسجيل ارتفاع مهول في أسعار المواد الفلاحية المستعملة في زراعة البصل كالأسمدة التي تضاعف ثمنها بنسبة تجاوزت 300 في المائة.
كما ربط آخرون ارتفاع سعر البصل بضعف الإنتاج على اعتبار أن الفلاح لم يتمكن من إنتاج الكمية التي كان ينتجها في السابق، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى سببين اثنين: الأول يتعلق بضعف التساقطات المطرية التي أترث بشكل كبير على الفرشة المائية وتسببت في نضوب الآبار والموارد المائية المستعملة في سقي هذه المادة.
وأضاف المصدر ذاته، أن هذا السبب، أي ندرة المياه، كان لها انعكاس سلبي يتمثل في ضعف الإنتاج، الأمر الذي دفع ببعض الفلاحين إلى التخلي عن أراضيهم المزروعة من البصل، بينما اضطر آخرون إلى ترك نصف المزروعة، فيما لم يتمكن سوى عدد قليل من الفلاحين من استكمال عملية الزراعة والإنتاج.
أما السبب الثاني، فيتعلق بتسجيل ارتفاع مهول في أسعار المواد الفلاحية، خاصة المواد الكيماوية والأسمدة المستعملة في زراعة البصل، كمادة "الأزوت" التي كانت تباع في الموسم الفلاحي الفارط بثمن 300 و350 درهم للقنطار، بينما ارتفع ثمنها في الموسم الحالي إلى 1500 درهم للقنطار الواحد، قبل أن ينخفض ثمنها في نهاية الموسم إلى 600 درهم، وهو الأمر الذي يتطلب دخل المسؤولين على القطاع لوضع حد لظاهرة التلاعب بأسعار هذه المواد في الأسواق.
ويشير عبد النبي الزيراري، رئيس جمعية منتجي البصل بالحاجب وبوفكران إلى أنه بسبب ضعف الموارد المائية في سياق الجفاف، تراجع متوسط الإنتاج في الهكتار الواحد في المناطق المسقية إلى 50 طن، مقابل 80 طن في سنة ممطرة، وأفضى مستوى الإنتاج المحلي، حسب الزيراري، إلى ارتفاع أسعار البصل الأصفر والأحمر بمناطق الإنتاج .
في حين ربطت مصادر أخرى الغلاء الفاحش للبصل في الأسواق بارتفاع صادرات المغرب من البصل في الفترة الأخيرة في ظل زيادة الطلب الخارجي الناجم عن تراجع الإنتاج العالمي بسبب ضعف التساقطات المطرية.
وإضافة الى الغلاء الفاحش للبصل سجلت زيادات مهولة في جل الخضروات، وخاصة الأساسية التي تعول غليها جميع الفئات الشعبية في مطبخها، إذ يتراوح ثمن الطماطم وفق البيانات التي قامت بتجميعها " الوطن الآن " مابين 10 و 12 درهما و كذلك بالنسبة للبطاطس التي صار ثمنها أيضا بين 12 و 14 درهما، ولعل ما يزيد من تفاقم هذه المعاناة خلال شهر الصيام هو ارتفاع أثمنة الأسماك واللحوم، في ظل تفشي الفقر وقلة فرص الشغل واستشراء البطالة، الأمر الذي يتدخل تدخلا حكوميا لمساعدة الأسر الفقيرة على غرار ما تم في عدد من البلدان وضمنها اسبانيا التي قررت إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على السلع الأساسية بهدف دعم الأسر الأكثر فقرا والحد من ارتفاع الأسعار، ضمن ضمن سلسلة تدابير أعلنتها الحكومة الإسبانية في أواخر دجنبر 2022 بقيمة 10 مليارات يورو لمكافحة التضخم، لترتفع بذلك قيمة التدابير التي اتخذتها الحكومة لمساعدة المواطنين في مواجهة تداعيات التضخم إلى 45 مليار يورو.