الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

يونس التايب: نهاية وزير غير ديبلوماسي لن يفتقده أحد...

يونس التايب: نهاية وزير غير ديبلوماسي لن يفتقده أحد... يونس التايب
كما توقعت ذلك منذ مدة، تأكد قبل قليل أن أحد أعضاء جبهة العداء للمغرب، أقيل من منصبه وغادر معادلة تدبير الديبلوماسية في نظام البلد الجار، بعد أن راكم سلسلة من الإخفاقات في مساعيه للتحريض ضد بلادنا.
للإشارة، قبل أكثر من سنة، أصوات عديدة كانت قد ارتفعت داخل الجزائر تقول بأن وزير الخارجية رمطان لعمامرة لم يعد رجل المرحلة، إلا أن علاقات هذا الأخير مع الجنرال القوي في النظام، جعلت رئيس الدولة يؤخر قرار إقالته. وقد برزت بعد ذلك حالة جفاء ملحوظ بين الوزير ورئيسه، خفت قليلا أثناء القمة العربية الأخيرة، قبل أن تعود الأمور كما كانت إثر تأكد فشل الوزير لعمامرة في جعل القمة العربية تحقق أهدافها.
في مقالين سابقين، قلت أن قرار السحب الكلي من التداول في مناصب المسؤولية قد اتخذ في حق وزير خارجية الجزائر، و لم يبق سوى تنفيذه و تعيين اسم جديد، ربما توكل إليه مهمة إقناع ما تبقى من أنظمة سياسية لازالت تحن إلى ديبلوماسية السبعينيات، لتساعد الجزائر في تزوير تاريخ النزاع المفتعل بشأن الصحراء المغربية، مقابل رشاوي من أموال الشعب الشقيق الذي لا زال يقف في طوابير لاقتناء حاجياته الغذائية الأساسية.
للأسف، كان بإمكان لعمامرة ممارسة عمله بشكل إيجابي وعقلاني، لكنه اختار أسلوب التدليس والمكابرة، ولم يتحل بالكياسة الديبلوماسية اللازمة في عدة مناسبات، كان آخرها تعاطيه الفج وغير اللائق مع الأخبار التي تحدثت عن وجود وساطة سعودية لتخفيف التوتر بين المملكة المغربية و الجزائر. وهو ما أغضب القيادة السعودية حينها، التي رأت في رد الفعل ذاك، نموذجا مشينا وقلة كياسة غريبة عن أعراف التعامل بين دول الجامعة العربية.
لن نفتقد "الشقيق" لعمامرة وهو يغادر منصبه، و الأمل معقود على أن يسير خلفه على نهج أكثر حكمة لإقناع أركان نظام الحكم في الجزائر بأن لا يضيعوا مزيدا من الوقت في محاولاتهم لمحاصرة المغرب والتضييق عليه، و أن يستوعبوا أن المساعي العدوانية التي فشلت منذ 47 سنة، لن تحقق أي جديد حتى لو استمرت، ولن تنجح في النيل من وطن مجيد اسمه المغرب، مد يده بالتعاون على الخير للأشقاء الجزائريين، و لازال يأمل في وعي مستجد يجنبنا تضييع كل فرص بناء مستقبل مشرق متاح بشرط توفر استقلالية القرار السياسي و الديبلوماسي عن قوة استعمارية يبدو أنها لا تريد لمشاكل المنطقة أن تنتهي، و تتحرك وراء الكواليس حتى لا يبرز مغرب كبير موحد بدوله المتعاونة من أجل السلام والتنمية لشعوبها.
من يقرأ التاريخ، يفهم جيدا أن الأمة المغربية التي صمدت على امتداد 4500 سنة، أمام الجبابرة وإمبراطوريات الأرض، وحافظت على استقلالها وسيادتها، وقاومت المحتلين لأراضيها، لا يمكن بتاتا أن تنال منها 47 سنة إضافية من الدعم الجزائري السخي لمرتزقة الانفصال، ولا شيء يمكنه أن يمس بوحدتها الترابية. هذه هي الحقيقة التي كان المفروض على رمطان لعمامرة استيعابها والعمل بها في وزارته التي يبدو أن الفعل الديبلوماسي كان يتجاوزه بسبب توزعه بينه وبين الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية بشكل أكثر من الطبيعي.
من دون شك، سيذكر التاريخ للوزير غير الديبلوماسي المنتهية صلاحيته، أنه عمق عداوة مجانية ضد المغرب في قلوب الجزائريين بتصريحاته الجوفاء، وهدر الزمن التنموي للبلدين الجارين وللشعبين الشقيقين. ولو أنه استثمر ملكاته في التنبيه إلى أن ما لم يتحقق خلال سنوات التحريض التي مضت، يستحيل أن يتحقق مع مغرب اليوم الذي يختلف كثيرا عن مغرب الأمس على كل المستويات، لكان خيرا له وأفضل للجميع.