الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

هل حان الوقت لمراجعة القوانين المنظمة للعمل الجمعوي؟

هل حان الوقت لمراجعة القوانين المنظمة للعمل الجمعوي؟ جانب من أشغال اليوم الدراسي
"جمعيات في الجيب، جمعيات تخدم أجندة معينة، جمعيات تتسول الدعم العمومي، جمعيات يقودها انتهازي، جمعيات للضغط والابتزاز.." هذه هي الأوصاف التي أطلقها رؤساء الفرق النيابية المشكلة الأغلبية البرلمانية خلال اليوم الدراسي حول موضوع: "مراجعة القوانين المنظمة للعمل الجمعوي بالمغرب، مدخل أساسي لتطويره"، الخميس 2 مارس 2023، بمقر مجلس النواب.
أوصاف اعتبرها رؤساء فرق الأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة وكذا الدستوري، بأنها تبقى استثنائية لكنها هي الطاغية والبارزة للعيان، في حين أن هناك جمعيات جادة لها أهداف وتشتغل بآليات قانونية ومنخرطة بفعالية في المجتمع المدني.
من جهته أكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان أن الحاجة ملحة لمجتمع مدني قوي، وفي علاقاته مع الحكومة يطبعها الشراكة والتعاون والشفافية، كاشفا عن مشروع قانون التشغيل الجمعوي وعدد من الملتقيات الجهوية حول العمل الجمعوي..
باقي المداخلات التي أطرها باحثون تناولت الإكراهات المتعلقة بالجانب القانوني وغياب قانون التشاور العمومي، وكذا الإكراهات المتعلقة بالجانب المالي والجبائي..
وتحدث المتدخلون، عن كيف أصبح المجتمع المدني حجة مركزية في رسم السياسات والبرامج العمومية على المستويين الوطني والمحلي، من خلال اقتراح البدائل والتفاوض عليها، أو التأثير في هذه السياسات لإدراج هذه البدائل فيها، ولتحقيق أهدافها، كما أن ديناميته في التحرك ومردودية أدائه التطوعي، يجعلانه يضطلع بدور الشريك من أجل إعداد وتنزيل وتتبع وتقيم السياسات العمومية، ومن خلال المساهمة الفعالة في تقديم الخدمات وتسهيل
الولوج إلى المرافق العمومية حسب المعطيات المتوفرة، وبالتالي، أصبح دوره مكملا لعمل الفاعل العمومي؛ فهو لا يعتبر بديلا له بقدر ما يدعمه، ويسد النقص في أدائه.
وإزاء هذا الطموح وهذا التحدي، تنتصب أمام منظمات المجتمع المدني في المغرب مهمة تأهيل ذاتها، للقيام بمهامها والتأكيد على أهمية امتلاك هذه المنظمات لوعي استراتيجي تبني عليه رؤى استراتيجية واضحة وخطط عمل فعالة نابعة من تحليل عميق لواقع اشتغالها من جهة، ووعي بتطلعات المواطنين من جهة ثانية.
وأكدت مختلف التقارير ومخرجات الحوارات الوطنية، على أن من أكبر العقبات أمام جمعيات المجتمع المدني:
1- ما له علاقة بنقل فعل الحوار والتشاور العمومي من مستوى الدسترة من خلال التنصيص عليه في الوثيقة الدستورية إلى مستوى الفعل الميداني الملموس، أي أجرأة التشاور العمومي كقاعدة قانونية عامة وملزمة، تتضمن مبادئ ومعايير وآليات تنظيم التشاور العمومي وحقوق والتزامات أطراف التشاور.
ومن جهة ثانية، غموض بعض النصوص القانونية الملزمة للسلطات العمومية "خاصة على مستوى الجماعات الترابية"، قصد الوقوف والأخذ بعين الاعتبار آراء وتطلعات وحاجيات المجتمع المدني.
2- منها ما له علاقة بالمنظومة القانونية لعمل الجمعيات بالمغرب، وما تعتريها من ثغرات وكذا الإشكاليات التي يزخر بها القانون المنظم للحق في تأسيس الجمعيات بالمغرب، وهو ما يجعله غير مواكب للأدوار الجديدة للجمعيات.
كما استعرض المتدخلون، تحديات العمل الجمعوي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
▪︎عدم توفر القانون على ديباجة أو تصدر يوضح المبادئ التوجيهية للتشريع، ويحدد الإطار العام لالتزامات السلطات العمومية في التعامل مع الفاعل الجمعوي مع التنصيص على الإطار الدستوري وعلى السياقات الجديدة للفعل الجمعوي.
▪︎عدم استحضار النص الحالي للأدوار المستورية الجديدة للمجتمع المدني، إذ لا ينص صراحة على المقارية التشاركية للجمعيات في رسم السياسات العمومية وتقييمها، وهو ما من شأنه أن يمثل تحولا في العمق داخل الترسانة القانونية المنظمة للجمعيات، وغيرها من التحديات.
3. ومنها ما له علاقة بالجوانب المالية والجبائية الجمعيات: فرغم أن الجمعيات غير الهادفة للحصول على ربح تستفيد من بعض الامتيازات المحدودة في مجال الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة وواجبات التسجيل والتنبر. وكذا فيما يخص الرسم المهني ورسم الخدمات الجماعية إلا أن جمعيات المجتمع المدني، في الواقع، تبقى في نظر التشريع الجبائي مثلها مثل الشركات ملزمة بجميع الواجبات الجبائية المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب خاصة ما يتعلق بتقديم الإقرارات الضريبية ومسك المحاسبة ينضاف إلى ذلك غياب نظام محاسباتي خاص بالجمعيات وإعداد قوائم مالية امتاز بالشفافية والمصداقية.
أضف إلى ذلك، غياب مخصصات إجبارية لدعم المجتمع المدني في الميزانيات العمومية، فوفق ما تم حصره في حدود سنة 2015 أن الدعم المقدم من طرف الدولة ومؤسساتها بلغ أكثر من 6.4 مليارات درهم، موزعة على قطاعات ومؤسسة عمومية، يلاحظ أن القانون التنظيمي رقم 13-130 لقانون المالية لم يشر في مادته 14 إلى اعتبار المخصصات الموجهة إلى الجمعيات هي من ضمن نفقات التسيير، كما هو الشأن بالنسبة لنفقات أخرى، كما لم يعتبر في مادته 48 أن الحكومة يجب أن تضع التقارير المصاحبة لمشروع قانون المالية السنوي تقريرا خاصا بالمجتمع المدني ناهيك عن صعوبة الولوج للتمويل الأجنبي