الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: شفاء جارنا الشرقي.. هدف إستراتيجي 

إدريس الأندلسي: شفاء جارنا الشرقي.. هدف إستراتيجي  إدريس الأندلسي
أعلم بكثير من اليقين أن كثيرا من الأشقاء الجزائريين يمتلكون الخلق الطيب والعقل الرزين  والعلم بكل ما يحيط بهم من عوامل الإحباط. تسلط عليهم خدام الإستعمار الذين قتلوا واغتالوا أكثر بكثير مما قتله جنود المستعمر. الكل يعرف جيدا أن أسطورة مليون ونصف مليون شهيد صناعة إعلام من خرب اقتصاد مصر  والذي سخر كل شيء من أجل زعامة ظهرت هشاشتها في 1967. واستمر عبد الناصر المنهزم رغم  كل شيء. الخيانة أتت من داخل فريق " الثوار" الذين خانوا شعبهم واعتقلوا نشطاء كل التيارات الفكرية التي كانت تصول وتبدع حين كانت أم الدنيا ملكية وحين كان للعمل السياسي والنقابي معنى ومضمونا وفعلا في المجتمع. عسكر الثورة خنقوا الحريات وملئوا  السجون بكل من خالفهم  وتضخمت الأنا لدى جمال عبد الناصر حتى هزيمة مذلة و وصل إلى مركز القرار من أظهروا أن العقل هو سيد العارفين. لكن اللواء الذي اشترى الأسلحة الفاسدة لا حق له في إدانة الملك فاروق. ورغم الهزيمة تحول كل لواء إلى رئيس شركة عامة أو سفيرا في كثير من دول الإمبريالية. 

يوم الجزائر هو استمرار لوهم الزعامة الناصرية مع فارق كبير إسمه الانتهازية والسيطرة على خيرات بلاد المغرب الأوسط. أن تكون عالما أو مهندسا أو خبيرا أو طبيبا في تلمسان و وهران وقسطنطينة أو في العاصمة فسيظل وضعك في مرتبة الهشاشة وحلمك في غد أفضل أقصى متمنياتك. قال لي أحد الأصدقاء الجزائريين أن المسلك إلى شيء من العيش الكريم يقتضي واسطة توصلك إلى مرتبة عليا في جيش، يوصف خطأ  أنه "شعبي". 

حبا الله جارنا الشرقي بخيرات كان بالإمكان أن تضع الشعب في أعلى المراتب عالميا. كان من الممكن أن تكون الأسواق مثل أسواق الخليج و القدرة الشرائية للمواطن الجزائري مثل مستوى مواطني الخليج. وكان بالإمكان أن يكون اقتصاد الجزائر المظلومة قاطرة في كل المجالات للقارة الأفريقية. ولكن الجهل وضعف ثقافة الانتماء للوطن وشيوع سلوكات الاستغلال والاغتناء غير المشروع طغت على قيادات ما كان يسمى بالجيش الشعبي الجزائري. خلال العقدين الأخيرين خصص كابرانات الجيش أكثر من 300 مليار دولار لشراء خردة الأسلحة الروسية  وما رافقها من عمولات وصلت إلى السماء في حسابات سرية في سويسرا و كثيرا من الجنات الضريبية. ولن يستفيد كل سارق مما سرق من عمولات ورشاوي لأن الغرب ومؤسساته لها القدرة على تحويل الأموال إلى مداخيل عمومية. 

من حق كل جزائري أن ينتفع بخيرات بلاده.  من حقه الولوج إلى "أفضل منظومة صحية" كما وصفها المدعو عبد المجيد تبون الذي يفرض عليه العسكر مستشفيات استعمارية. من حق المواطن الجزاءري الدخول إلى كل الأسواق واقتناء اللحوم والأسماك والخضر والفواكه والزيوت والألبان والدواء بأسعار في متناوله. لك الله يا شعب الشقيقة الشرقية. لن نتباهى بكون أسواق المغرب منفتحة وغنية بكل المواد، لكننا نعترف أن إرتفاع الأسعار خلال الشهور الأخيرة كان لها تأثير على القوة الشرائية لكثير من المغاربة. ولذلك نعيش على إيقاع مظاهرات يومية ضد غلاء المعيشة.  نتواجه مع قوات الأمن ونتعامل بيننا بمسؤولية، لكننا نصر على مواجهة الحكومة بكل الوسائل. ثقافة الاحتجاج في المغرب لا يمكن أن تخضع للمنع.

ورغم هذا الإقرار بالصعوبات، فلا يمكن لأي عاقل أن يفهم العلاقة بين تزايد مداخيل دولة الجزائر  و بين ضيق العيش وتراجع القدرة الشرائية للشعب. لا يفهم كل ذي عقل تراجع الدينار الجزائري في ظل ميزان مدفوعات متوازن ومستوى مخزون كبير من العملات الأجنبية. لعلمكم إخواني الجزائريين، فالقانون يسمح لكل مواطن مغربي أن يحصل على ما يعادل 4 آلاف يورو خلال تنقلاته خارج الوطن خلال السنة. وأتمنى لكم كل التسهيلات التمويلية والاستهلاكية و زيادة في القدرة الشرائية لأن بلدكم غني مثل دول الخليج. من حقكم المطالبة بالتوزيع العادل لثروات بلدكم  و أكثر. أفلست ميزانياتكم بفعل أموال حولت إلى عصابات البوليساريو في تندوف  وفي أوروبا  وحتى في أمريكا اللاتينية. لو كلفت بإدارة أموال الجزائر التي تجاوز احتياطيها عتبة 100 مليار دولار،  لتدفقت السلع بأبخس الأسعار في أسواق مدن وقرى الجزائر. لكن فلسفة الكابران الكرغولي هي ممارسة "الحكرة" على المواطن. ولكن ممارسة الظلم لن تدوم وأن غدا لناظره لقريب.