الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

رشيد حمّوني: حكومة أخنوش مغرورة تكذب على نفسها وملزمة بأن تجد حلاّ  لا أن تصمت

رشيد حمّوني: حكومة أخنوش مغرورة تكذب على نفسها وملزمة بأن تجد حلاّ  لا أن تصمت رشيد حمّوني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النّواب
تعمقت مأساة المغاربة أمام الوعود الوردية التي أطلقتها حكومة عزيز أخنوش، إذ لم يتوقف نزيف الغلاء المتفاقم، فغابت الحلول الآنية المستعجلة التي ينتظرها المغاربة لوقف لهيب جيوبهم التي استنزفت ولم تعد قادرة على تحمل المزيد من إهانات الجشع والإحتكار والوساطة.. ورصدا لهذا الاحتقان الجماعي، استقت أسبوعية "الوطن الآن" آراء خبراء وفاعلين لتنوير الرأي العام وتفسير ماحصل ويحصل، مقدمة للحكومة وصفة هؤلاء الخبراء من أجل تجاوز الاحتباس الحكومي، والبدائل العمومية المفتقدة لتجاوز الإحتقان الإجتماعي الذي ينذر بالمجهول..
 
إن‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬المهول‭ ‬في‭ ‬جل‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬خطير‭ ‬وخطير‭. ‬واليوم‭ ‬نتابع‭ ‬تصريحات‭ ‬المواطنين‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفي‭ ‬لقاءاتنا‭ ‬مع‭ ‬المواطنين،‭ ‬الكل‭ ‬يحتج‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الغلاء‭ ‬ويقف‭ ‬عاجزا‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الغلاء‭ ‬لقوته‭ ‬اليومي‭ ‬ولإطعام‭ ‬أطفاله،‭ ‬خاصة‭ ‬الطبقة‭ ‬الهشة‭ ‬والفقيرة‮ ‬‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬أي‭ ‬80‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬ساكنة‭ ‬المغرب‭.‬

فمنذ‭ ‬كورونا‭ ‬وجدنا‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬عائلة‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬هشاشة،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬اجتماعية‭ ‬بلا‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬يصعب‭ ‬عليها‭ ‬مواجهة‭ ‬احتياجاتها‭ ‬اليومية،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬مع‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬هاته‭ ‬العائلات‭.‬

فالحرب‭ ‬الروسية‭ ‬والأوكرانية‭ ‬وتزامنا‭ ‬مع‭ ‬موجة‭ ‬كورونا،‭ ‬العالم‭ ‬شهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬البترولية،‭ ‬خاصة‭ ‬المحروقات،‭ ‬والمغرب‭ ‬تأثر‭ ‬بهذا‭ ‬الغلاء،‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الأثمنة‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬الإرتفاع،‮ ‬‭ ‬وأدى‭ ‬لانقطاع‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬مثل‭ ‬القمح،‭ ‬لكن‭ ‬بشكل‭ ‬طفيف‭. ‬وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‮ ‬‭ ‬فوجئنا‭ ‬بهاته‭ ‬المواد‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬رغم‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬البترول‭ ‬دوليا‭ ‬وفي‭ ‬وضعية‭ ‬مستقرّة،‭ ‬الكازوال‭ ‬بنفس‭ ‬الثمن‭ ‬العالمي‭ ‬وبعض‭ ‬المواد‭ ‬البترولية‭. ‬كما‭ ‬تفاجئنا‭ ‬بتصريح‭ ‬الناطق‭ ‬الرّسمي‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭ ‬ومعه‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬يعزي‭ ‬هذا‭ ‬الإرتفاع‭ ‬إلى‭ ‬موجة‭ ‬البرد،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المبرّر‭ ‬صار‭ ‬أضحوكة‭ ‬على‭ ‬المغاربة،‭ ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬أول‭ ‬سنة‭ ‬تجتاج‭ ‬فيها‮ ‬‭ ‬موجة‭ ‬البرد‭ ‬المغرب،‭ ‬فمرة‭ ‬تتذرع‭ ‬الحكومة‭ ‬بالحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ومرة‭ ‬بكورونا،‭ ‬ومرة‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المحروقات‭.. ‬عيب‭ ‬أن‭ ‬تضحك‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬المغاربة‭.‬

عيب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬‮ ‬التي‭ ‬صوّت‭ ‬عليها‭ ‬الشعب‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أحزاب،‭ ‬لها‭ ‬برنامج‭ ‬انتخابي‭ ‬ويتباهون‭ ‬بأنهم‭ ‬منسجمون،‭ ‬دورها‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬حلاّ‭ ‬لاستقرار‭ ‬هاته‭ ‬الأثمنة‭ ‬وأن‭ ‬تبرر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬بذرائع‭. ‬الحكومة‭ ‬ملزمة‭ ‬بأن‭ ‬تجد‭ ‬حلاّ،‭ ‬وأن‭ ‬تضع‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬مستقرة،‭ ‬وقد‭ ‬قدمنا‭ ‬للحكومة‭ ‬حلولا‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬مرة‭.‬

‮ ‬وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬غلاء‭ ‬اللحوم،‭ ‬فقد‭ ‬أقر‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬مجلسه‭ ‬الحكومي‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬النقطة‭ ‬السابعة،‭ ‬بأنه‭ ‬ألغى‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬‮ ‬وعددا‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬على‭ ‬الأبقار‭ ‬المستوردة،‭ ‬فلماذا‭ ‬لم‭ ‬يباشر‭ ‬نفس‭ ‬الإجراء‮ ‬‭ ‬على‭ ‬المحروقات؟‭. ‬لماذا؟‭ ‬فهذه‭ ‬نفس‭ ‬الحكومة‭ ‬وهذا‭ ‬مطلبنا‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬حذفت‭ ‬هاته‭ ‬الرسوم‭ ‬على‭ ‬المحروقات،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سينعكس‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أثمنة‭ ‬باقي‭ ‬المواد‭. ‬لم‭ ‬أفهم‭ ‬لما‭ ‬هذا‭ ‬التمييز‭ ‬وفي‭ ‬الكازوال‭ ‬لا‭ ‬يمسّ‭.‬

لم‭ ‬نر‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬باشرته‭ ‬الحكومة‭ ‬لوقف‭ ‬نزيف‭ ‬غلاء‭ ‬الخضر‭. ‬اليوم‭ ‬الطماطم‭ ‬التي‭ ‬ننتجها‭ ‬وصرفت‭ ‬عليها‭ ‬مئات‭ ‬الملايير‭ ‬على‭ ‬مخطط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭ ‬ولم‭ ‬نحقق‭ ‬الإكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬هاته‭ ‬المادة‭ . ‬هذا‭ ‬شيء‭ ‬خطير‭ ‬جدا،‭ ‬لأن‭ ‬الحكومة‭ ‬اليوم‭ ‬ننتظر‭ ‬منها‭ ‬الخروج‭ ‬بقرارات‭ ‬جريئة‭ ‬وعملية‭ ‬يلمسها‭ ‬المواطن،‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬تضحك‭ ‬عليها،‭ ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬وجهت‭ ‬تعليمات‭ ‬للعمال‭ ‬والولاة‭ ‬بأن‭ ‬يخرجوا‭ ‬ويراقبوا‭ ‬الأسعار‭ ‬؟‭. ‬هل‮ ‬‭ ‬هذا‭ ‬الاجراء‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يجتمع‭ ‬عليه‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ووزراءه؟‭. ‬هذا‭ ‬إجراء‭ ‬روتيني‭ ‬عادي‭ ‬يومي،‭ ‬لا‭ ‬تنتظر‮ ‬‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬فكأنما‭ ‬يجتمع‭ ‬مع‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬مداواة‭ ‬المرضى‭ ‬والاهتمام‭ ‬بعلاجاتهم‭. ‬هذه‭ ‬اللجن‭ ‬الإقليمية‭ ‬صلب‭ ‬عملها‭. ‬فهل‭ ‬مراقبة‭ ‬الأسعار‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ستخفض‭ ‬الأسعار‭ ‬والأثمنة؟‭.‬

اليوم‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تبشر‭ ‬بخير‭. ‬فعلى‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬بإجراءات‭ ‬تخفيض‭ ‬الأثمنة‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬مستقرة،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وتشرح‭ ‬للمواطن‭ ‬هاته‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬سيلمسها‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬الأسعار‭ ‬وتتكلم‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬سكوت‭ ‬الحكومة‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬البلد،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬احتقان‭ ‬اجتماعي‭ ‬كبير‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬كلفة‭ ‬أمنيّة‭ ‬خطيرة‭.‬
فرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬يفتخر،‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬حزبه‭ ‬الوطني،‭ ‬بالإنجازات‭. ‬وهذا‭ ‬غرور‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالواقع‭. ‬الحكومة‭ ‬نشهد‭ ‬له‭ ‬ببعض‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية،‭ ‬لكن‭ ‬المواطن‭ ‬لم‭ ‬يلمس‮ ‬‭ ‬أي‭ ‬أثر‭. ‬تقول‭ ‬الحكومة‭ ‬بأنها‭ ‬دعمت‭ ‬النقل‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬أي‭ ‬أثر،‭ ‬أين‭ ‬صارت‭ ‬الملايير؟

الحكومة‭ ‬مغرورة‭ ‬تكذب‭ ‬على‭ ‬نفسها،‭ ‬وإن‭ ‬سارت‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬النهج‭ ‬سيكون‭ ‬لذلك‭ ‬انعكاسات‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬لا‭ ‬نريدها،‭ ‬فعلى‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬حسّ‭ ‬اجتماعي،‭ ‬لا‭ ‬شركة،‭ ‬تنصت‭ ‬لنبض‭ ‬الشارع‭ ‬واحتجاجات‭ ‬الشارع،‭ ‬وتبحث‭ ‬بسرعة‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬مستعجلة‭.‬