الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الغلوسي: مفارقات التشريع المغربي..   

محمد الغلوسي: مفارقات التشريع المغربي..    محمد الغلوسي، محام رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام
أن المادة 64 من القانون التنظيمي 14-113 المتعلق بالجماعات المحلية تفيد (أنه إذا ارتكب رئيس الجماعة أو عضو فيها أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل قام عامل الإقليم بمراسلته للإدلاء بإيضاحات داخل أجل عشرة أيام، ويحق للعامل أن يحيل القضية بعد ذلك على المحكمة الإدارية المختصة للنظر في طلب عزل عضو الجماعة أو رئيسها، ويترتب عن تلك الإحالة إيقاف العضو أو الرئيس عن ممارسة مهامهما إلى أن يصدر حكم نهائي في القضية عن القضاء الإداري).
 
المثير في هذه المادة أن واضع النص حرص على ترتيب الجزاء على مجرد إحالة العضو أو الرئيس على المحكمة الإدارية وهو توقيف العضو أو الرئيس عن مزاولة مهامهما، وهو سلوك يستبطن تكريس سلطة وزارة الداخلية على الجماعات الترابية؛ وإفتراض أن تقارير وزارة الداخلية التي تحال على القضاء هي ذات حجية قوية حتى قبل أن يقول هذا الأخير كلمته في المعطيات والوقائع التي كيفت من طرف العامل بأنها تشكل مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، والحال أن الذي يتمتع بسلطة تكييف تلك الوقائع وما إذا كانت تشكل فعلا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل هو القضاء وحده ،هذا فضلا عن كون وزارة الداخلية لا تحيل كل تقاريرها المنجزة بخصوص تدبير الجماعات الترابية على القضاء في سلوك إنتقائي وتمييزي وهدر لقاعدة المساواة أمام القانون سواء في إطار المادة 64 موضوع هذه التدوينة أو المادة 65 من ذات القانون أعلاه والتي تتعلق بتنازع المصالح!؟
 
لكن الغريب أن عضو الجماعة أو رئيسها إذا توبع جنائيا من أجل جرائم خطيرة ومشينة تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية والرشوة والتزوير، فإنه يستمر في مزاولة مهامه بشكل عادي بل إنه يستمر في أداء أدواره الوظيفية ويخطب على الناس من قبة البرلمان في الشفافية والنزاهة!! حتى إذا صدر ضده حكم قضائي إستئنافي بعقوبة سالبة للحرية ويتم الإحتجاج بقرينة البراءة وأن الحكم غير نهائي، في حين تهدم قرينة البراءة ويتم توقيفه عن مزاولة مهامه إذا تعلق الأمر بمجرد تقرير صادر عن وزارة الداخلية أحيل بموجبه العضو أو الرئيس المعني على المحكمة الإدارية ..
 
إنها إحدى مفارقات التشريع ومكانة وأهمية السلط في المغرب!!