الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

تنعقد في فبراير: المجال الجوي الصحراوي المغربي .. على طاولة القمة المغربية الإسبانية

تنعقد في فبراير: المجال الجوي الصحراوي المغربي .. على طاولة القمة المغربية الإسبانية تخضع‭ ‬الطائرات‭ ‬التي‭ ‬تحلق‭ ‬فوق‭ ‬الصحراء ‬لإدارة‭ ‬وسيطرة‭ ‬سلطات‭ ‬الملاحة‭ ‬الجوية‭ ‬الإسبانية‭ ‬والموريتانية
لا‭ ‬يخفي‭ ‬المغرب‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬موضوع‭ ‬مراقبة‭ ‬أجواء‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬خلال‭ ‬القمة المغربية الإسبانية‭ ‬المرتقبة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬فبراير‭ ‬2023، ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليها‭ ‬سلطات‭ ‬البلدين‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬في‭ ‬النقطة‭ ‬السابعة‭ ‬على‭ ‬“إطلاق‭ ‬مباحثات‭ ‬حول‭ ‬تدبير‭ ‬المجالات‭ ‬الجوية”‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬التفاوض‭ ‬حول‭ ‬“تنازل‭ ‬إسبانيا‭ ‬عن‭ ‬مراقبة‭ ‬أجواء‭ ‬الصحراء‭ .
غير‭ ‬أن‭ ‬المثير‭ ‬للانتباه‭ ‬أن‭ ‬إسبانيا،‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬جيدا‭ ‬توجه‭ ‬المغرب‭ ‬ومطلبه‭ ‬لرفع‭ ‬اليد‭ ‬عن‭ ‬الأجواء‭ ‬المغربية‭ ‬بالصحراء‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أعلنت،‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والتعاون‭ ‬الإسبانية‭ ‬أنها‭ ‬“لن‭ ‬تتنازل‭ ‬للمغرب‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬فوق‭ ‬الصحراء”‭. ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“المحادثات‭ ‬بخصوص‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬“تقتصر‭ ‬حصريا‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬لتحقيق‭ ‬قدر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الاتصالات”‭.‬
لاشك،‭ ‬إذن،‭ ‬أن‭ ‬مدريد‭ ‬تدرك‭ ‬أنها‭ ‬تمسك‭ ‬بورقة‭ ‬حساسية‭ ‬تمس‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أجوائه،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اعتراف‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬بعد‭ ‬موقف‭ ‬الرئيس‭ ‬سانشيز‭ ‬الذس‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الأمثل‭ ‬والأكثر‭ ‬واقعية‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أنها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬إبقاء‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬واستمرارها‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬الصحراء‭ ‬لا‭ ‬يتلاءم‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إسبانيا،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬الترخيص‭ ‬لكل‭ ‬الطائرات‭ ‬التي‭ ‬تطير‭ ‬نحو‭ ‬أجواء‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬أو‭ ‬داخلها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الطائرات‭ ‬العسكرية‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬المغربية‭. ‬فعندما‭ ‬غادرت‭ ‬إسبانيا‭ ‬منطقة‭ ‬الصحراء،‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬مدريد‭ ‬الموقعة‭ ‬في 1975،‭ ‬احتفظت‭ ‬بإدارة‭ ‬الأجواء‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬بعدما‭ ‬أوكلت‭ ‬لها‭ ‬منظمة‭ ‬الطيران‭ ‬المدني‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬أربعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مراقبة‭ ‬الأجواء‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬أي‭ ‬خدمة‭ ‬معلومات‭ ‬الطيران‭ ‬والتنبيه‭.‬
وتأسيسا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬سيسعى‭ ‬الطرف‭ ‬المغربي،‭ ‬في‭ ‬مباحثات‭ ‬تدبير‭ ‬أجواء‭ ‬الصحراء،‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬إسبانيا‭ ‬بالتنازل‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التكليف،‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬ثانية‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الطيران‭ ‬المدني‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تذليل‭ ‬العقبات‭ ‬و”السماح”‭ ‬له‭ ‬بممارسة‭ ‬سيادته‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬صحرائه‭.
 ‬غير‭ ‬أن‭ ‬إسبانيا‭ ‬تعتبر‭ ‬هذا‭ ‬“التكليف‭ ‬الدولي”‭ ‬سلاحا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إرغام‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬بخصوص‭ ‬الملفات‭ ‬الخلافية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وذلك‭ ‬بإعلانها‭ ‬المسبق‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬التنازل‭ ‬الإداري‭ ‬عن‭ ‬مراقبة‭ ‬أجواء‭ ‬الصحراء،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أنه‭ ‬يوفر‭ ‬لها‭ ‬نظرياً‭ ‬مراقبة‭ ‬نشاط‭ ‬الطائرات‭ ‬العسكرية‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬حساسة‭ ‬قبالة‭ ‬جزر‭ ‬الكناري‭.‬
وتخضع‭ ‬الطائرات‭ ‬التي‭ ‬تحلق‭ ‬فوق‭ ‬الصحراء،‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬خطوط‭ ‬الطيران‭ ‬انتشارا‭ ‬والتي‭ ‬تغطي‭ ‬الطرق‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬لإدارة‭ ‬وسيطرة‭ ‬سلطات‭ ‬الملاحة‭ ‬الجوية‭ ‬الإسبانية‭ ‬والموريتانية؛‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬السيطرة‭ ‬تشمل‭ ‬أيضا‭ ‬طائرات‭ ‬عسكرية‭ ‬مغربية‭ ‬تنفذ‭ ‬عمليات‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬استعاد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصلاحيات‭ ‬الإدارية‭ ‬من‭ ‬مدريد‭ ‬حول‭ ‬الصحراء،‭ ‬يرغب،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مباحثات‭ ‬القمة‭ ‬الثنائية‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬سيادته‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬أجوائه،‭ ‬وإغلاق‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬بصفة‭ ‬نهائية‭.‬
من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يلعب‭ ‬الحزب‭ ‬الشعبي‭ ‬الإسباني،‭ ‬ومعه‭ ‬حزب‭ ‬“فوكس”‭ ‬(يميني‭ ‬متطرف)‭ ‬دورا‭ ‬مركزيا‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬(وهو‭ ‬دور‭ ‬تقليدي)،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقوية‭ ‬موقف‭ ‬الوفد‭ ‬الإسباني‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬المحادثات،‭ ‬وتذكير‭ ‬الرباط‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬أطرافا‭ ‬إسبانية‭ ‬ترفض‭ ‬التسوية‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬بالبلدين‭ ‬إلى‭ ‬أجواء‭ ‬الصراع،‭ ‬بل‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بخصوص‭ ‬الموقف‭ ‬الجديد‭ ‬لإسبانيا‭ ‬من‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭. ‬
إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬حول‭ ‬تدبير‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬ستتنازعها‭ ‬رؤيتان‭. ‬الأولى‭ ‬مغربية:‭ ‬مفاوضة‭ ‬إسبانيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التخلي‭ ‬بصفة‭ ‬نهائية‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية؛‭ ‬والثانية‭ ‬إسبانية:‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تفويت‭ ‬صلاحيات‭ ‬مراقبة‭ ‬الطيران‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بإشراك‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬المراقبة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سلامة‭ ‬الطيران،‭ ‬وذلك‭ ‬إرضاء‭ ‬للوبي‭ ‬الإسباني‭ ‬المناصر‭ ‬للصحراء،‭ ‬وعدم‭ ‬المساس‭ ‬بورقة‭ ‬انتخابية‭ ‬قد‭ ‬تقلب‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬لصالح‭ ‬اليمين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬عدم‭ ‬إحراق‭ ‬جميع‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬الجزائر،‭ ‬الراعية‭ ‬الرسمية‭ ‬للانفصاليين‭ ‬وخالقة‭ ‬البوليساريو‭ ‬وممولتها‭ ‬والمدافعة‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬مدريد‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تمارس‭ ‬سياسة‭ ‬اليد‭ ‬الممدودة‭ ‬مع‭ ‬الجزائر،‭ ‬رقم‭ ‬إقدام‭ ‬الجنرال‭ ‬شنقريحة‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬معاهدة‭ ‬الصداقة‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وسحب‭ ‬السفير‭ ‬الجزائري‭ ‬من‭ ‬مدريد،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬انتهاج‭ ‬أسلوب‭ ‬“العقاب‭ ‬الطاقي”‭ ‬بغلق‭ ‬الأنبوب‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وأوروبا‭.‬