من المنتظر أن تشد الأنظار، مطلع فبراير ،2023 إلى مدينة الرباط التي ستحتضن القمة المغربية- الإسبانية (اجتماع اللجنة العليا المشتركة)، للنظر في النقاط 13 التي حملها "البيان المشترك" الذي وقعه، في السابع من أبريل 2022، الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في أعقاب اعتراف الحكومة الإسبانية بمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وحيد لتسوية نزاع الصحراء.
وتعد القمة المرتقبة اختبارا حقيقيا للبلدين من أجل الانتقال إلى "العلاقة الجديدة" المبنية على الشراكة ووحدة المصالح، خاصة أن الملفات المطروحة للتفاوض تعتبر ملفات شائكة في ظل التباين الواضح في المواقف المعلنة بشأنها، وعلى رأسها ترسيم الحدود البحرية بين البلدية، فضلا عن المطلب المغربي القاضي باستعادة السيادة على الأجواء في الصحراء المغربية، ناهيك عن قضية "سبتة ومليلية" المحتلتين اللتين تظلان محل خلاف شديد بين البلدين، بسبب ممارسة إسبانيا سياسة الهروب إلى الأمام، وذلك بضخ أموال ضخمة لتنمية المدينتين، وبالتالي منع سكان المدينتين من العودة إلى الوطن الأم وليس أدل على ذلك من إعلان مجلس الحكومة الإسبانية، بموازاة مع منح المغرب 30 مليون يورو، عن خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة لمدينتي سبتة ومليلية، باستثمارات مجمعة تزيد على 711 مليون أورو بين عامي 2023 و 2026.
ومهما يكن، فإن النقاط الخلافية بين البلدين ستكون موضع مباحثات حاسمة لوضع النقط على الحروف، باستثناء قضية "سبتة ومليلية" التي يتجنب الطرفان الحديث عنها في الوقت الحالي من أجل إنجاح القمة، وأيضا من أجل المضي قدما في التعاون الثنائي على أكثر من صعيد، وبخاصة على مستوى "التعاون الأمني" ومحاربة الهجرة غير الشرعية التي شهدت تراجعا ملحوظا، فضلا عن التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري الذي يتصاعد بوثيرة تنحو نحو الارتفاع.
لقد علق وزير خارجية إسبانيا، خوسي مانويل ألباريس، على القمة قائلا: "القمة تعني دفعة جديدة للعلاقة الثنائية تعود بفائدة غير عادية للبلدين"، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه وزير الخارجية ناصر بوريطة بقوله: "القمة مرحلة جديدة قوامها برنامج ثنائي مكثف يغطي جميع جوانب علاقتنا الثنائية، قائم على أساس الشفافية والتواصل المستمر والاحترام المتبادل. هي مبادئ التعاون الصادق بين شريكين استراتيجيين مثل إسبانيا والمغرب".
لقد قررت إسبانيا النزول بكل ثقلها في هذه المحطة الحاسمة في علاقتها مع المغرب، إذ من المتوقع أن يشارك فيها العديد من الوزراء الإسبان (أكثر من عشرة) "لأن كثافة العلاقات ونوعية تلك العلاقات، التي تزداد عمقًا وضيقًا، تفرض عليها ذلك"، بحسب ما صرح به ألباريس.
وحرصا على نجاح القمة، استغنى الرئيس سانشيز عن إحضار وزراء "بوديموس" إلى اجتماع اللجنة العليا المشتركة، حتى لا يعيد تطور العلاقات إلى نقطة الصفر، بسبب المواقف المعادية للمغرب التي عبر عنها حزب "بوديموس" في الكثير من المناسبات؛ وهو ما أكده ألباريس حين قال إن الوزراء الذين لديهم قضايا للتعامل معها أمام نظرائهم المغاربة هم الذين ستوجهون إلى الرباط لحضور القمة الثنائية يومي 1 و2 فبراير المقبل مضيفا أن حضور الوزراء "يعتمد على جدول الأعمال".
هكذا، لا يفصلنا عن القمة سوى أقل من أسبوعين، فماذا أعد المغرب للخروج رابحا من المباحثات الثنائية، وهل سيتمكن من تحقيق نتائج باهرة كما يتوقع الملاحظون، خاصة أنه أقنع إسبانيا بتبني موقف جديد لصالح مقترح الحكم الذاتي لتسوية نزاع الصحراء؟
ذاك ما يحاول ملف العدد تسليط الضوء عليه.
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الان"