السبت 20 إبريل 2024
سياسة

القمة المغربية-الإسبانية الاختبار الصعب

القمة المغربية-الإسبانية الاختبار الصعب الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس ورئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز
من‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬تشد‭ ‬الأنظار،‭ ‬مطلع‭ ‬فبراير‭ ،‬2023‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬الرباط‭ ‬التي‭ ‬ستحتضن ‬القمة‭ ‬المغربية-‭ ‬الإسبانية‭ ‬(اجتماع‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬المشتركة)،‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬النقاط‭ ‬13‭ ‬التي‭ ‬حملها‭ ‬"البيان‭ ‬المشترك"‭ ‬الذي‭ ‬وقعه،‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2022،‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬ورئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬اعتراف‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية‭ ‬بمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬كحل‭ ‬واقعي‭ ‬وحيد‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭.‬

وتعد‭ ‬القمة‭ ‬المرتقبة‭ ‬اختبارا‭ ‬حقيقيا‭  ‬للبلدين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬"العلاقة‭ ‬الجديدة"‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬ووحدة‭ ‬المصالح،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الملفات‭ ‬المطروحة‭ ‬للتفاوض‭ ‬تعتبر‭ ‬ملفات‭ ‬شائكة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التباين‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬المعلنة‭ ‬بشأنها،‭  ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية‭ ‬بين‭ ‬البلدية،‭ ‬فضلا‭  ‬عن‭ ‬المطلب‭ ‬المغربي‭ ‬القاضي‭ ‬باستعادة‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬"سبتة‭ ‬ومليلية"‭ ‬المحتلتين‭ ‬اللتين‭ ‬تظلان‭ ‬محل‭ ‬خلاف‭ ‬شديد‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬بسبب‭ ‬ممارسة‭ ‬إسبانيا‭ ‬سياسة‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬وذلك‭ ‬بضخ‭ ‬أموال‭ ‬ضخمة‭ ‬لتنمية‭ ‬المدينتين،‭ ‬وبالتالي‭ ‬منع‭ ‬سكان‭ ‬المدينتين‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬الأم‭ ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬مجلس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬بموازاة‭ ‬مع‭ ‬منح‭ ‬المغرب‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬يورو،‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الشاملة‭ ‬لمدينتي‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية،‭ ‬باستثمارات‭ ‬مجمعة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬711‭ ‬مليون‭ ‬أورو‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2023‭ ‬و‭ ‬2026‭.‬

ومهما‭ ‬يكن،‭ ‬فإن‭ ‬النقاط‭ ‬الخلافية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬ستكون‭ ‬موضع‭ ‬مباحثات‭ ‬حاسمة‭ ‬لوضع‭ ‬النقط‭ ‬على‭ ‬الحروف،‭ ‬باستثناء‭ ‬قضية‭ ‬"سبتة‭ ‬ومليلية"‭ ‬التي‭ ‬يتجنب‭ ‬الطرفان‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنجاح‭ ‬القمة،‭ ‬وأيضا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد،‭ ‬وبخاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬"التعاون‭ ‬الأمني"‭ ‬ومحاربة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تراجعا‭ ‬ملحوظا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬الذي‭ ‬يتصاعد‭ ‬بوثيرة‭ ‬تنحو‭ ‬نحو‭ ‬الارتفاع‭. ‬

لقد‭ ‬علق‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬إسبانيا،‭ ‬خوسي‭ ‬مانويل‭ ‬ألباريس،‭ ‬على‭ ‬القمة‭ ‬قائلا:‭ ‬"القمة‭ ‬تعني‭ ‬دفعة‭ ‬جديدة‭ ‬للعلاقة‭ ‬الثنائية‭ ‬تعود‭ ‬بفائدة‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬للبلدين"،‭ ‬وهو‭ ‬الموقف‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة‭ ‬بقوله:‭ ‬"القمة‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬قوامها‭ ‬برنامج‭ ‬ثنائي‭ ‬مكثف‭ ‬يغطي‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬علاقتنا‭ ‬الثنائية،‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الشفافية‭ ‬والتواصل‭ ‬المستمر‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭. ‬هي‭ ‬مبادئ‭ ‬التعاون‭ ‬الصادق‭ ‬بين‭ ‬شريكين‭ ‬استراتيجيين‭ ‬مثل‭ ‬إسبانيا‭ ‬والمغرب"‭. ‬

لقد‭ ‬قررت‭ ‬إسبانيا‭ ‬النزول‭ ‬بكل‭ ‬ثقلها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحطة‭ ‬الحاسمة‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭  ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسبان‭ ‬(أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة)‭ ‬"لأن‭ ‬كثافة‭ ‬العلاقات‭ ‬ونوعية‭ ‬تلك‭ ‬العلاقات،‭ ‬التي‭ ‬تزداد‭ ‬عمقًا‭ ‬وضيقًا،‭ ‬تفرض‭ ‬عليها‭ ‬ذلك"،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬ألباريس‭.‬

وحرصا‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬القمة،‭ ‬استغنى‭ ‬الرئيس‭ ‬سانشيز‭ ‬عن‭ ‬إحضار‭ ‬وزراء‭ ‬"بوديموس"‭ ‬إلى‭ ‬اجتماع‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬المشتركة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعيد‭ ‬تطور‭ ‬العلاقات‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر،‭ ‬بسبب‭ ‬المواقف‭ ‬المعادية‭ ‬للمغرب‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬حزب‭ ‬"بوديموس"‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناسبات؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬ألباريس‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الوزراء‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬قضايا‭ ‬للتعامل‭ ‬معها‭ ‬أمام‭ ‬نظرائهم‭ ‬المغاربة‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬ستوجهون‭ ‬إلى‭ ‬الرباط‭ ‬لحضور‭ ‬القمة‭ ‬الثنائية‭ ‬يومي‭ ‬1‭ ‬و2‭  ‬فبراير‭ ‬المقبل‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬حضور‭ ‬الوزراء‭ ‬"يعتمد‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال"‭. ‬

هكذا،‭ ‬لا‭ ‬يفصلنا‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬سوى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوعين،‭ ‬فماذا‭ ‬أعد‭ ‬المغرب‭ ‬للخروج‭ ‬رابحا‭ ‬من‭ ‬المباحثات‭ ‬الثنائية،‭ ‬وهل‭ ‬سيتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬باهرة‭ ‬كما‭ ‬يتوقع‭ ‬الملاحظون،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬أقنع‭ ‬إسبانيا‭ ‬بتبني‭ ‬موقف‭ ‬جديد‭ ‬لصالح‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء؟
ذاك‭ ‬ما‭ ‬يحاول‭ ‬ملف‭ ‬العدد‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭.‬
 
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الان"