إن ما يزيد عن سنة من عمر هذه الحكومة يمكن اعتبارها بيضاء بالنسبة للملفات التي كان من الضروري معالجتها بالنظر لأهميتها بالنسبة للمواطنين والمواطنات هذه الملفات التي يتمّ التغاضي عنها أو مقاربتها مقاربة سطحية وظرفية و يمكن اعتبار خمس ملفات ذات الأهمية القصوى ونحن نستقبل سنة جديدة.
الملف الأول ويتعلق بالقدرة الشرائية لعموم المغاربة، وهو الملف الذي كان من المفروض معالجته السنة الماضية، خصوصا وأن الجميع يقر أن الغلاء وصل إلى مستويات غير مسبوقة وأن ارتفاع الاثمان وأثمان المواد الأساسية بالخصوص فاق كل ما عرفناه في السّابق حيث فاقت نسبة الارتفاع 40 و 50، بل 70 إلى 80 في المائة بالنسبة لبعض المواد الشيء الذي كان له الأثر البارز على حياة الملايين من المواطنات والمواطنين فازدادت رقعة الفقر والهشاشة وضرب المستوى المعيشي لما تبقى من الطبقة الوسطى دون أن تتخذ الحكومة التدابير والإجراءات الضرورية لوقف هذا الإرتفاع والحد من آثاره، خصوصا وأن هذه الزيادات في جزء كبير منها نتيجة جشع المضاربين وتغوّل لوبيات الإحتكار والريع؛ كان من الممكن تحديد هوامش الرّبح بالنسبة لبعض الموادّ وتسقيف أثمنة مواد أخرى وإعادة النظر في الضّريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمواد الأساسية وإعادة النظر في منظومة الأجور والمعاشات..
إلا أن هذه الحكومة المرتهنة الرأسمال الإحتكاري والرّيعي تركت المغاربة يكتوون بنار الغلاء مردّدة الأسطوانة المشروخة حول حرية الأسعار وقوانين السّوق، وهو ما لا معنى له في اقتصاد احتكاري تسطير بعض مقاولات على القطاعات الأساسية بالبلاد.
الملف الثاني ويتعلق بملف التشغيل ببلادنا، وهو ملف لا يمكن تأجيله أو معالجته بنفس الوصفات الجاهزة والتي لم تعطي أية نتائج (التشغيل الذاتي ـ إدماج...) . إن العجز في ميدان التشغيل وخصوصا تشغيل النّساء والشباب كبير جدّا وفي تزايد وهو ما يتطلّب سياسات جريئة في ميدان الإستثمار الصّناعي خصوصا وكذا سياسات عمومية تنطلق من حاجيات المجتمع في القطاعات المختلفة، وخصوصا الخدمات العمومية، وهو ما من شأنه خلق مناصب شغل تساهم في امتصاص البطالة.
الملف الثالث ويتعلق بالخدمات العمومية من تعليم وصحّة وسكن وغيرها. فخوصصة هذه القطاعات بالموازاة مع تراجع جودة الخدمة العمومية أدى إلى تفكيك المدرسة والمستشفى العمومي وأصبح التعليم والصحة سلعة كباقي السلع وتكونت لوبيات كبرى بهذه القطاعات تحارب أيّ إصلاح حقيقي يعيد الثّقة للقطاع العام.
إن الإصلاح في هذه المجالات ليس إجراءات تقنية أو قرارات معزولة، لأنّ الأمر يتطلّب تعبئة المجتمع بفاعليه السّياسيين والاجتماعيين والمدنيين وكلّ المواطنين و المواطنات حول برنامج واضح للإصلاح وهو ما يصعب على حكومة مثل هاته القيام به.
إن الإصلاح في هذه المجالات ليس إجراءات تقنية أو قرارات معزولة، لأنّ الأمر يتطلّب تعبئة المجتمع بفاعليه السّياسيين والاجتماعيين والمدنيين وكلّ المواطنين و المواطنات حول برنامج واضح للإصلاح وهو ما يصعب على حكومة مثل هاته القيام به.
الملف الرابع يتعلق بالحريات الفردية والجماعية بصفة عامة وملف الإعتقال السّياسي على وجه الخصوص . فهناك اليوم ببلادنا العديد من المعتقلين على خلفيات سياسية أذكر منهم معتقلي الحراكات الشّعبية والصحفيين و المدونين وغيرهم . ونحن نعتبر أن إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين و إقرار الحقوق والحريات من الأولويات التي لا تقبل التّأجي.
الملف الخامس وهو ملف الفساد الذي أصبح جزء من البنية السّياسية في بلادنا. ويمكن القول أن هذه الآفة المجتمعية تعمّمت و أصبحت تنخر كلّ مناحي الحياة ولعلّ ما يقع في الجامعة المغربية وما عرفه امتحان الأهلية للمحاكمات يؤكّد اتساع رقعة الفساد وتناسل المفسدين.
إن معالجة هذه الملفات يقتضي حكومة قوية ذات امتداد شعبي وذات رؤية واضحة للإصلاح وهو غير متوفر مع كامل الأسف.
ولتوفير ذلك لابدّ من إصلاحات دستورية وسياسية عميقة ترجع الثّقة في السّاسة وتمكّن من التباري الحرّ والنزيه حول برامج اقتصادية واجتماعية وتسمح للأحزاب التي تدبر الشأن العام من تطبيق برامجها.
عبد السّلام العزيز: عضو المكتب السياسي لحزب فيدرالية اليسار الدّيمقراطي