
لم يكن من باب الصدفة أن يجتمع «التحالف الدولي ضد داعش» بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بمدينة مراكش بالمغرب، في 11 ماي 2022، إذ لولا «الحصاد المغربي الكاسح» في مجال ملاحقة الإرهابيين وتفكيك خلاياهم وإبطال مخططاتهم الإجرامية لما هب مسؤولو 85 دولة، فضلا عن مسؤولي منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي وتجمع الساحل والصحراء، للمشاركة في أكبر تجمع عالمي مناهض للتمدد الإرهابي الذي تمثله دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام، كما تمثله التنظيمات الجهادية في إفريقيا التي حولت أراضي دول الساحل وجنوب الصحراء إلى محاضن طبيعية للمقاتلين الجهاديين المتطرفين.
وتبعا لذلك، ومع تحول المغرب إلى رائد دولي في محاربة الإرهاب، مازال الإرهابيون يحاولون بإصرار كبير القيام بعمل إرهابي نوعي يخلط الأوراق ويربك الحسابات، بينما ما زال المكتب المركزي للشرطة القضائية (التابع لجهاز الديستي)، يقيم في لحظة اليقظة التامة لإحباط هذه المحاولات، مثلما وقع قبل أقل من أسبوعين حين تمكنت الديستي، بتعاون مع المفوضية العامة للاستعلامات التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية، من تفكيك خلية تنشط في كل من الناظور ومليلية المحتلة. حيث أسفر التدخل الأمني المشترك عن «توقيف شخصين بمدينة الناظور، بينما أوقفت السلطات الإسبانية المختصة تسعة أعضاء آخرين ينشطون في إطار نفس الخلية الإرهابية بمدينة مليلية». وكان كل هؤلاء «ينشطون في نشر وترويج الفكر المتطرف عبر بث خطب ومحتويات رقمية بواسطة الأنظمة المعلوماتية، أو عبر التواصل المباشر، وذلك بغرض تجنيد واستقطاب الأشخاص الراغبين في الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية».
وفي 25 و26 أكتوبر 2022، أي قبل أقل من شهرين، تمكن «البسيج» من توقيف 5 أشخاص موالين لتنظيم «داعش»، تتراوح أعمارهم ما بين 20 و45 سنة، حيث باشرت عناصره إجراءات التدخل والتوقيف في عمليات متفرقة، استهدفت المشتبه فيهم بالأماكن التي ينشطون بها في كل من دوار «هباطة بنمنصور» بإقليم القنيطرة، وسيدي يحيى زعير، و"الدشيرة" بإنزكان أيت ملول، وبجماعة بوعبود بإقليم شيشاوة ، فضلا عن مدينة البيضاء. وكان الموقوفون يحملون مشاريع إرهابية تتمثل إما في تنفيذ عمليات تخريبية ضد مصالح حيوية بالمغرب باستخدام أجسام متفجرة، أو تستهدف عناصر ومؤسسات أمنية.
وفي نهاية عشت 2022، أوقفت الشرطة بولاية أمن طنجة شخصا مواليا لتنظيم «الدولة الإسلامية»، بعد إقدامه على محاولة تصفية شخص يقيم معه بورش للبناء، تعزيرا، بدعوى أنه يخالف تعاليم الدين، حيث عرضه لاعتداء جسدي باستعمال آلة ثاقبة تقذف مسامير حادة عن طريق الضغط، مما تسبب له في جروح على مستوى العنق.
وسبق لـ»البسيج» أن أوقف، في مارس 2022 بضواحي مدينة طاطا، عنصرا متطرفا مواليا لداعش كان منهمكا في «الإعداد لتنفيذ مخططات إرهابية لها امتدادات وتقاطعات عابرة للحدود الوطنية، وذلك في إطار مشروع جماعي يهدف للمس الخطير بالنظام العام». وأوضحت التحريات أن ذلك الشخص كان «يحضر لتنفيذ مشروعه الإرهابي بإيعاز وتنسيق مع شخص متطرف ينشط خارج المغرب، له ارتباط بأحداث إرهابية بأوروبا، والذي تكلف بمهمة توفير الإمداد المالي والدعم اللوجيستيكي لاقتناء الأسلحة ومستلزمات صناعة المتفجرات».
وكان الهدف هو «مهاجمة مواطنين أجانب بالمغرب، وبعض المسؤولين السامين في مؤسسات وزارية وأمنية، علاوة على العديد من المنشآت الحكومية والمصرفية والبنايات الأمنية الحساسة».
إن هذه التوقيفات تظهر أن المغرب طورا سلاحا استخباراتيا ناجعا من أجل مواجهة التحديات الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية التي تواجهه، لاسيما المتعلقة بتأمين مؤسساته من الضربات الإرهابية، خاصة في ظل جوار عدائي مضطرب، وفي ظل حواف جغرافية هشة تنشط داخلها عصابات التهريب والاتجار في البشر، وفي ظل أيضا تهديدات إرهابية عابرة للحدود، حيث تنشط جماعات مسلحة متطرفة بعضها موال لتنظيم القاعدة وبعضها الآخر موال لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث تضم «القارة الإفريقية 6000 مقاتل إرهابي ينتمون إلى تنظيم القاعدة الإرهابي، 3500 مقاتل منهم يوجدون في غرب إفريقيا».
لقد اعتمد المغرب في حربه على الإرهاب استراتيجيةً متعددة الأبعاد تنبني أساسا على الاستباقية، وعلى العمل المخابراتي، والتنسيق بين الأجهزة الأمنية الوطنية، فضلا عن بنك معلومات يجري تحيينها وتحليلها على مدار الساعة من أجل منع أي مخطط إرهابي موثوق أو محتمل من بلوغ مرحلة النضج، مما مكن من شل حركة الإرهابيين.
ويراهن المغرب، أيضا، على الحفاظ على سلامة البيت الداخلي، من خلال تحصين الوجود الأمني والعسكري على الحدود، وسد الفجوات الأمنية التي يمكن أن تتسلل منها الشبكات الإرهابية، خاصة وأن الجماعات الجهادية في دول الساحل تنشط بكثافة لتجنيد الشباب الصحراوي اليائس من «زعمائه» في مخيمات تندوف بالجزائر. كما أنه لا يكتفي بالانكماش خلف دفاعاته، بل يتجاوزها إلى الدفاع الإقليمي والدولي، ويؤكد من خلال شراكاته المتعددة على ضرورة الانتباه إلى «العلاقات الوثيقة بين الجماعات الإرهابية والانفصالية والدول الناشرة لأسلحة الدمار الشامل في منطقة الساحل والصحراء»، حيث سلط المغرب الضوء، خلال اجتماع بباريس لمبادرة المتوسط نظمته فرنسا وألمانيا، على التجربة المغربية في هذا المجال، حيث شكل مجموعة من الخبراء الوطنيين المدربين في مجال اعتراض الاتجار غير المشروع بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والباليستية والمواد التي يمكن استخدامها في تصنيع واستخدام مثل هذه الأسلحة، وتعزيز ترسانتها القانونية في هذا المجال. كما تستضيف الرباط المكتب الإقليمي لمراكز الامتياز المعنية بتقليص المخاطر النووية والإشعاعية والبيولوجية والكيميائية لدول الساحل الأطلسي الإفريقي، المسؤول عن تنسيق عمل 9 دول في المنطقة للتعامل مع خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، علما بأن هذه المبادرة تضم 105 دول.
إضافة إلى كل هذه الخطوات العملية، عمل المغرب على إطلاق سلسلة دورات تكوينية في مجال مكافحة الإرهاب، ينظمها مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، ويشرف على تأطيرها خبراء دوليون، وتستهدف تعزيز قدرات مجموعة من الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب، مثل البنين، وبوركينافاسو، وتشاد، ومالي، ونيجيريا، والسنغال.
ويعتبر مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، الذي يوجد مقره بالرباط، الأول من نوعه في افريقيا، حيث يطمح لأن يكون قطبا للتكوين والتدبير وإعادة التأهيل، وبناء القدرات والمساهمة في حفظ السلم والأمن ، على المستوى الإفريقي
والعالمي. كما يعمل على تطوير وتنفيذ البرامج المعتمدة ،التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تطوير وتعزيز القدرات والمهارات في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما في ما يتعلق بأمن الحدود وإدارتها والتحقيقات والمتابعات وإدارة السجون وفك الارتباط وإعادة التأهيل والإدماج.
إلى جانب كل ذلك، أنشأ المغرب مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا Africa Focus Group بقيادة مشتركة بين المغرب والنيجر وإيطاليا وأميركا، وذلك لإجراء تقييمات مستمرة للتهديدات الإرهابية، وبناء القدرات المدنية للمساعدة في مكافحة الإرهاب، وتنسيق هذه الجهود مع المبادرات القائمة في الميدان.
يتضح جليا، إذن، أن المغرب مخرط تمام الانخراط في تحقيق ريادته الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، حيث يحرص على تسخير الخبرة التي اكتسبها في هذا المجال، أوروبيا وإفريقيا وعربيا، وتحديدا على المستوى الإفريقي الذي أصبح يعيش على وقع العديد من التهديدات الإرهابية، في الساحل ودول جنوب الصحراء، وأيضا في صحراء ليبيا والجزائر. وهذا بالفعل هو ما انتهى إليه المؤتمر الوزاري الذي عقده «التحالف الدولي ضد داعش» بمراكش (ماي 2022)، إذ لفت الانتباه إلى تصاعد التهديد الإرهابي لتنظيم داعش في القارة الإفريقية، وخصوصًا في منطقة الساحل والصحراء، التي تتسم بعدم الاستقرار الأمني، وهو ما أدى بالتحالف إلى المساندة المالية واللوجيستية لجهود مكافحة الإرهاب التي يقودها الأعضاء الإفريقيون في التحالف، وتشمل تلك الجهود ما يلي: تبادل التقييمات حول التهديدات الإرهابية في إفريقيا؛ والتنسيق والتعاون بشأن دعم القدرات وبحث الطرق الأكثر فعالية وكفاءة في مكافحة داعش والتنظيمات الأخرى، بما في ذلك تبادل المعلومات وإدارة الحدود بشكل استباقي؛ وتحقيق وتأمين الاستقرار في المناطق التي تُحرَّر من الجماعات الإرهابية، وتطوير مداخل للردع، ثم الوقاية من التطرف العنيف وتفكيك خطاباته.
لقد قدم المغرب الدليل على أنه رقم صعب في معادلة مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي، وذلك بفضل اليقظة الكبيرة لأجهزته الأمنية، فضلا عن تجربته المهمة في التنسيق والتعاون الدولي والإقليمي على مستوى وضع الاستراتيجيات والخطط، وعلى المستوى العملياتي كذلك، أدل على ذلك من استمراره في تفكيك الخلايا، وفي الإشراف المباشر على ملاحقة الإرهابيين في مختلف الدول، بتنسيق مع أجهزتها الاستخباراتية والأمنية.
وتبعا لذلك، ومع تحول المغرب إلى رائد دولي في محاربة الإرهاب، مازال الإرهابيون يحاولون بإصرار كبير القيام بعمل إرهابي نوعي يخلط الأوراق ويربك الحسابات، بينما ما زال المكتب المركزي للشرطة القضائية (التابع لجهاز الديستي)، يقيم في لحظة اليقظة التامة لإحباط هذه المحاولات، مثلما وقع قبل أقل من أسبوعين حين تمكنت الديستي، بتعاون مع المفوضية العامة للاستعلامات التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية، من تفكيك خلية تنشط في كل من الناظور ومليلية المحتلة. حيث أسفر التدخل الأمني المشترك عن «توقيف شخصين بمدينة الناظور، بينما أوقفت السلطات الإسبانية المختصة تسعة أعضاء آخرين ينشطون في إطار نفس الخلية الإرهابية بمدينة مليلية». وكان كل هؤلاء «ينشطون في نشر وترويج الفكر المتطرف عبر بث خطب ومحتويات رقمية بواسطة الأنظمة المعلوماتية، أو عبر التواصل المباشر، وذلك بغرض تجنيد واستقطاب الأشخاص الراغبين في الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية».
وفي 25 و26 أكتوبر 2022، أي قبل أقل من شهرين، تمكن «البسيج» من توقيف 5 أشخاص موالين لتنظيم «داعش»، تتراوح أعمارهم ما بين 20 و45 سنة، حيث باشرت عناصره إجراءات التدخل والتوقيف في عمليات متفرقة، استهدفت المشتبه فيهم بالأماكن التي ينشطون بها في كل من دوار «هباطة بنمنصور» بإقليم القنيطرة، وسيدي يحيى زعير، و"الدشيرة" بإنزكان أيت ملول، وبجماعة بوعبود بإقليم شيشاوة ، فضلا عن مدينة البيضاء. وكان الموقوفون يحملون مشاريع إرهابية تتمثل إما في تنفيذ عمليات تخريبية ضد مصالح حيوية بالمغرب باستخدام أجسام متفجرة، أو تستهدف عناصر ومؤسسات أمنية.
وفي نهاية عشت 2022، أوقفت الشرطة بولاية أمن طنجة شخصا مواليا لتنظيم «الدولة الإسلامية»، بعد إقدامه على محاولة تصفية شخص يقيم معه بورش للبناء، تعزيرا، بدعوى أنه يخالف تعاليم الدين، حيث عرضه لاعتداء جسدي باستعمال آلة ثاقبة تقذف مسامير حادة عن طريق الضغط، مما تسبب له في جروح على مستوى العنق.
وسبق لـ»البسيج» أن أوقف، في مارس 2022 بضواحي مدينة طاطا، عنصرا متطرفا مواليا لداعش كان منهمكا في «الإعداد لتنفيذ مخططات إرهابية لها امتدادات وتقاطعات عابرة للحدود الوطنية، وذلك في إطار مشروع جماعي يهدف للمس الخطير بالنظام العام». وأوضحت التحريات أن ذلك الشخص كان «يحضر لتنفيذ مشروعه الإرهابي بإيعاز وتنسيق مع شخص متطرف ينشط خارج المغرب، له ارتباط بأحداث إرهابية بأوروبا، والذي تكلف بمهمة توفير الإمداد المالي والدعم اللوجيستيكي لاقتناء الأسلحة ومستلزمات صناعة المتفجرات».
وكان الهدف هو «مهاجمة مواطنين أجانب بالمغرب، وبعض المسؤولين السامين في مؤسسات وزارية وأمنية، علاوة على العديد من المنشآت الحكومية والمصرفية والبنايات الأمنية الحساسة».
إن هذه التوقيفات تظهر أن المغرب طورا سلاحا استخباراتيا ناجعا من أجل مواجهة التحديات الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية التي تواجهه، لاسيما المتعلقة بتأمين مؤسساته من الضربات الإرهابية، خاصة في ظل جوار عدائي مضطرب، وفي ظل حواف جغرافية هشة تنشط داخلها عصابات التهريب والاتجار في البشر، وفي ظل أيضا تهديدات إرهابية عابرة للحدود، حيث تنشط جماعات مسلحة متطرفة بعضها موال لتنظيم القاعدة وبعضها الآخر موال لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث تضم «القارة الإفريقية 6000 مقاتل إرهابي ينتمون إلى تنظيم القاعدة الإرهابي، 3500 مقاتل منهم يوجدون في غرب إفريقيا».
لقد اعتمد المغرب في حربه على الإرهاب استراتيجيةً متعددة الأبعاد تنبني أساسا على الاستباقية، وعلى العمل المخابراتي، والتنسيق بين الأجهزة الأمنية الوطنية، فضلا عن بنك معلومات يجري تحيينها وتحليلها على مدار الساعة من أجل منع أي مخطط إرهابي موثوق أو محتمل من بلوغ مرحلة النضج، مما مكن من شل حركة الإرهابيين.
ويراهن المغرب، أيضا، على الحفاظ على سلامة البيت الداخلي، من خلال تحصين الوجود الأمني والعسكري على الحدود، وسد الفجوات الأمنية التي يمكن أن تتسلل منها الشبكات الإرهابية، خاصة وأن الجماعات الجهادية في دول الساحل تنشط بكثافة لتجنيد الشباب الصحراوي اليائس من «زعمائه» في مخيمات تندوف بالجزائر. كما أنه لا يكتفي بالانكماش خلف دفاعاته، بل يتجاوزها إلى الدفاع الإقليمي والدولي، ويؤكد من خلال شراكاته المتعددة على ضرورة الانتباه إلى «العلاقات الوثيقة بين الجماعات الإرهابية والانفصالية والدول الناشرة لأسلحة الدمار الشامل في منطقة الساحل والصحراء»، حيث سلط المغرب الضوء، خلال اجتماع بباريس لمبادرة المتوسط نظمته فرنسا وألمانيا، على التجربة المغربية في هذا المجال، حيث شكل مجموعة من الخبراء الوطنيين المدربين في مجال اعتراض الاتجار غير المشروع بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والباليستية والمواد التي يمكن استخدامها في تصنيع واستخدام مثل هذه الأسلحة، وتعزيز ترسانتها القانونية في هذا المجال. كما تستضيف الرباط المكتب الإقليمي لمراكز الامتياز المعنية بتقليص المخاطر النووية والإشعاعية والبيولوجية والكيميائية لدول الساحل الأطلسي الإفريقي، المسؤول عن تنسيق عمل 9 دول في المنطقة للتعامل مع خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، علما بأن هذه المبادرة تضم 105 دول.
إضافة إلى كل هذه الخطوات العملية، عمل المغرب على إطلاق سلسلة دورات تكوينية في مجال مكافحة الإرهاب، ينظمها مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، ويشرف على تأطيرها خبراء دوليون، وتستهدف تعزيز قدرات مجموعة من الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب، مثل البنين، وبوركينافاسو، وتشاد، ومالي، ونيجيريا، والسنغال.
ويعتبر مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، الذي يوجد مقره بالرباط، الأول من نوعه في افريقيا، حيث يطمح لأن يكون قطبا للتكوين والتدبير وإعادة التأهيل، وبناء القدرات والمساهمة في حفظ السلم والأمن ، على المستوى الإفريقي
والعالمي. كما يعمل على تطوير وتنفيذ البرامج المعتمدة ،التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تطوير وتعزيز القدرات والمهارات في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما في ما يتعلق بأمن الحدود وإدارتها والتحقيقات والمتابعات وإدارة السجون وفك الارتباط وإعادة التأهيل والإدماج.
إلى جانب كل ذلك، أنشأ المغرب مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا Africa Focus Group بقيادة مشتركة بين المغرب والنيجر وإيطاليا وأميركا، وذلك لإجراء تقييمات مستمرة للتهديدات الإرهابية، وبناء القدرات المدنية للمساعدة في مكافحة الإرهاب، وتنسيق هذه الجهود مع المبادرات القائمة في الميدان.
يتضح جليا، إذن، أن المغرب مخرط تمام الانخراط في تحقيق ريادته الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، حيث يحرص على تسخير الخبرة التي اكتسبها في هذا المجال، أوروبيا وإفريقيا وعربيا، وتحديدا على المستوى الإفريقي الذي أصبح يعيش على وقع العديد من التهديدات الإرهابية، في الساحل ودول جنوب الصحراء، وأيضا في صحراء ليبيا والجزائر. وهذا بالفعل هو ما انتهى إليه المؤتمر الوزاري الذي عقده «التحالف الدولي ضد داعش» بمراكش (ماي 2022)، إذ لفت الانتباه إلى تصاعد التهديد الإرهابي لتنظيم داعش في القارة الإفريقية، وخصوصًا في منطقة الساحل والصحراء، التي تتسم بعدم الاستقرار الأمني، وهو ما أدى بالتحالف إلى المساندة المالية واللوجيستية لجهود مكافحة الإرهاب التي يقودها الأعضاء الإفريقيون في التحالف، وتشمل تلك الجهود ما يلي: تبادل التقييمات حول التهديدات الإرهابية في إفريقيا؛ والتنسيق والتعاون بشأن دعم القدرات وبحث الطرق الأكثر فعالية وكفاءة في مكافحة داعش والتنظيمات الأخرى، بما في ذلك تبادل المعلومات وإدارة الحدود بشكل استباقي؛ وتحقيق وتأمين الاستقرار في المناطق التي تُحرَّر من الجماعات الإرهابية، وتطوير مداخل للردع، ثم الوقاية من التطرف العنيف وتفكيك خطاباته.
لقد قدم المغرب الدليل على أنه رقم صعب في معادلة مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي، وذلك بفضل اليقظة الكبيرة لأجهزته الأمنية، فضلا عن تجربته المهمة في التنسيق والتعاون الدولي والإقليمي على مستوى وضع الاستراتيجيات والخطط، وعلى المستوى العملياتي كذلك، أدل على ذلك من استمراره في تفكيك الخلايا، وفي الإشراف المباشر على ملاحقة الإرهابيين في مختلف الدول، بتنسيق مع أجهزتها الاستخباراتية والأمنية.