الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: المحاماة وحقوق الإنسان

الحسين بكار السباعي: المحاماة وحقوق الإنسان الحسين بكار السباعي
إن سمة الطبيعة الحرة لمهنة المحاماة، إلى جانب ما تفرضه من تحصيل علمي قانوني وتكويني مستمر، فإنها تفرض كذلك مواقف شجاعة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان.  كيف لا وهي الرسالة النبيلة والانسانية، ومواقف المحامي ضلت بهذا الخصوص حازمة وثابتة، وآرائه في كل قضايا مجتمعه يطبعها  التبصرة والحكمة، إنها مواقف تقوم على أمرين أساسين يستدعيان حرص المحامي، على الموازنة بين حقه في الدفاع عن المصالح الخاصة لموكليه، وواجبه في الدفاع عن  الحرية والمساواة امام القانون ورفع الضلم والحيف عن المجتمع .

فكما سلف فالمحامي لا يقتصر واجبه  فقط في الترافع نيابة عن الأطراف ومؤازرتهم و الدفاع عنهم وتمثيلهم أمام المؤسسات القضائية والادارية و التأديبية ، وعلى تقديم الإستشارات في الميدان القانوني، بل أنه في اداء واحبه فهو ملزم في هذا الشأن بالتقيد بإستقلاليته و الطبيعة الحرة لمهنته. 

والمحامي لا يمارس نشاطه فقط داخل المحاكم بل رسالته تفوق ما ذكر بكثير، فتجده مساهما في الأعمال الجمعوية وكذا الحياة السياسية بل له حضور كبير في مختلف الأنشطة الاجتماعية و العلمية و الثقافية والدبلوماسية ودوره أكبر وأجل داخل المؤسسات الحقوقية الوطنية والدولية.
 
أما تأصيل دور المحامين ضمن منظومة حقوق الإنسان، فإنه لا  يقتصر على  مقتضى تشريعي موحد. ففي القانون الدولي يؤصل له على صعيد منظومة حقوق الإنسان، ويمكن استنباط ادواره السامية من خلال المواثيق و العهود الدولية المتنوعة. أولها  مقتضيات المنظومة الدوليــــــة، حيث جاء مؤتمر هافانا المنعقد بتاريخ 7-01-1990 بعدة توصيات اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة بخصوص العدالة الجنائية وضمان تفعيل دور المحامون ، فكان أولها إبلاغ الشخص المتهم بحقه في تعيين محام للدفاع عنه ولو في إطار المساعدة القضائية، وثانيها في ضمان الحق في المؤازرة والمخابرة مع المتهم داخل المعقل أو المؤسسة السجنية.

كما أوصى هذا المؤتمر الثامن كذلك، على الزام المحامين بمجموعة من الالتزامات المهنية وهي في أساسها المتعلقة بنبل رسالة المحاماة وهي  الدفاع عن سمو الحقوق التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ 10 دجنبر 1948 ، بما يضمن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بلا تمييز بسبب الأصل أو الجنس أو اللغة أو الدين، كما أكدت على تجسيد مبادئ المساواة أمام القانون وقرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة ،  إضافة الى الحقوق والحريات المعلن عليها في ميثاق حقوق الإنسان،  وهي التي تشكل أسس الدساتير الوطنية من قبيل الحقوق الشخصية والمدنية  كالحق في الحياة و الحرية و السلامة الصحية و منع الرق و الإستعباد و حظر التعذيب وكل ما يتعلق بالمعاملة الخاصة بكرامة الإنسان.

أضف اليها الحقوق السياسية كالحق في اللجوء وحرية الرأي والتعبير وإنشاء الجمعيات وحق الإنسان في المشاركة السياسية كناخب ومنتخب و المساواة في تقلد الوظائف العامة.
دون التغافل عن الحقوق الاقتصادية والإجتماعية  والتربوية وحق العمل وحق الإنضمام للنقابات والحق في الراحة والحق في العيش مع الأسرة و الحق في السكن اللائق و الحق في التعليم.....
 
ومن خلال القانون والتشريع الوطني فالمحامي يستمد دوره من القوانين الوطنية وخاصة التشريعات المتعلقة بمهنته وفي المملكة المغربية نجد علر أس هذه القوانين، القانون المنظم لمهنة المحاماة  الصادر بتاريخ 10 يناير 1924 والذي  عدل بظهير 18 فبراير 1950 وبعدها بظهير 1959 لينص لأول مرة على تنظيم هيئة المحامين ومزاولة مهنة المحاماة، ثم القانون رقم 65/816 بتاريخ 19 دجنبر 1968 وبعدها ظهير 8 نونبر 1978 و ظهير 10 سبتمبر 1993 و الظهير الشريف المعمول به حاليا والمعتبر بمثابة قانون لمهنة المحاماة ل 20 أكتوبر 2008 في انتظار اخراج قانون المهنة الجديد الذي اشغل فتيل النقاش الحامي بين المحامين وهيآتهم وجمعيتهم ووزارة العدل الذي ضربت بعرض الحائط المقاربة التشاركية في اعادة صياغة هذا القانون ،املا في اخراج قانون من صنع المحامين انفهم يحترم جميع التوصيات التي راكمتها مؤتمرات جمعية هيئات المحامين بالمغرب والتي طعمها الرؤساء والنقباء والقيدومون بتجاربهم المهنية، وعززها المحامون من خلال ممارساتهم اليومين بردهات المحاكم ومختلف الادارات العمومية والمؤسسات الرسمية وداخل التنظيمات المهنية والسياسية والحقوقية.

إنه القانون الذي يحدد دور المحامي الأساس في  الترافع نيابة عن الأطراف ومؤازرتهم و الدفاع عنهم وتمثيلهم أمام المؤسسات القضائية الادارية والتأديبية وتقديم الإستشارات في الميدان القانوني مع  تقيد المحامي في مهامه بالابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بإستقلاليته وعن الصبغة الحرة لمهنة المحاماة.

فالمحامي لا يمارس نشاطه فقط داخل المحاكم، بل رسالته تفوق ما ذكر، فهو المساهم في الأعمال الجمعوية و كذا الحياة السياسية، زد على ذلك حضوره الكبير  في مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والدبلوماسية، وكذلك الأنشطة التشريعة وفي مختلف المؤسسات الحقوقية الوطنية والدولية.

وعمل المحامون من خلال نظالهم المستمر على ضمان  أدائهم  لدورهم الأسمى في مجال الحقوق والدفاع عن الحريات، والتقييد في السلوك المهني بمبادئ الإستقال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وكل ما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف و تقاليد المهنة .

وستضل المحاماة رسالة العظماء حرة مستقلة رغم كل الأزمات .
 
ذ. الحسين بكار السباعي/ محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان