الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: التعمير و"لكريمة" وحقوق تهدر.. أين العدالة

إدريس الأندلسي: التعمير و"لكريمة" وحقوق تهدر.. أين العدالة إدريس الأندلسي
أعتبر كإنسان قدر له أن يقرأ  ويفهم بعض مبادىء تدبير  وإدارة المجال الترابي أن أكبر الأخطاء التي ارتكبت منذ  1977 هي إعطاء سلطة القرار التعميري للمجالس المحلية في المدن وفي المراكز القروية. كثير من فقراء المستشارين الجماعيين تحولوا إلى أغنياء لمجرد توليهم لمناصب اعتطهم سلطة القرار في مجال الترخيص بالبناء  شكلا  ومضمونا.  لو رجعنا عقودا من الزمن إلى الوراء لتأكدنا كيف تغير شكل أناس ووضعهم من مجرد منتخبين إلى أغنياء قيل أنهم "اجتهدوا  ونالوا نصيبهم من الثروات. لعنة الله على الكذابين والأفاقين وناهبي خيرات هذه البلاد. المهم هو أن كثير من الأحزاب والنقابات والجمعيات تعرف الكثير إلى جانب الإدارات ذات الصلة بالمعلومة السياسية  والعقارية حفريات  وأصل ثروات هي في الأصل حرام في حرام.  ويأتيك أصحاب الدفاع عن الباطل ليقولوا أن تلك النكرة وذلك "المخلوض" نجح  وأن انتقاد قرارته  والسؤال عن ثرواته معاداة للنجاح.  هكذا تتسلل الميكروبات إلى جسم المجتمع لغرس الباطل ودالتغني بأفعال صناع اليأس وممتهني السرقة واستغلال السلطة  وكبح إرادة بناء دولة المؤسسات. 
 
صناع اليأس يعيثون فسادا في الفضاء العام ويظهرون عضلاتهم وسطوتهم  وقدرتهم على قمع كل من خالفهم.  هؤلاء لا يحملون ثقافة  ولا علما  ولا أصلا  ولا يهمهم إن زرعت الأرض باليابس لكي لا تجني إلا  الحنظل.  تركوهم يدمرون قيم الثقة  وأوصلوهم إلى مناصب القرار  وسخروا لهم سبل السيطرة  وكادوا أن  يحيطوهم بالقداسة.  وهذا المسلسل المدمر هو الذي يؤدي في الأول  والأخير إلى تدمير المؤسسات  وإفراغ كل المشاريع من مكوناتها  وأهدافها  ومضامينها ومن مفعولها على المواطنين.  هل قرأ من لهم سلطة داخل الأحزاب ما خلص إليه تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد.  أشك في ذلك وبكثير من اليقين. 

صناع اليأس ليسوا شبابا يائسا ولافئات تكتوي بنار التهميش والهشاشة. أنهم زمرة من المنتفعين بالريع  والمراكمين للثروات ذات المصدر المجهول  والعابثين بمستقبل الوطن. يقابلهم شباب وشيب لا زالوا مؤمنين بضرورة صنع الأمل بالعمل  والجهد وبذل الغالي والنفيس من أجل تحصين سقف الوطن وأركان الوطن  وحدود الوطن. إنه العار الأكبر حين يقف صناع اليأس أمام المستثمر  ومغاربة العالم  وحاملي المشاريع والشباب  ويقولون لهم كونوا مثلنا وانتهزوا الفرص  واستولوا على المجالس. أكاد أعترف أنني لا اردد إلا بديهيات ولكن  تغيير الواقع واجب وطني مقدس.  
 
ليس مهما أن ينتصر حزب على آخر  ويستولي على مؤسسات البلاد.  ولكن الأهم هو أن ينتصر المغرب بقوة مواطنيه المخلصين القادرين على خلق الثروات  وليس اهدارها أو سرقتها. يحز في القلب أن تكون في بلدي فئات تعيش على الريع.  أغنياء لهم  "اكريمات " في مجالات النقل  والرمال  والصخور والطاقة ومواطنين مجتهدين يجدون أنفسهم مجرد خدام لديهم و لمصالحهم.  ولأنني من مستعملي وسائل النقل العمومية أشارك السائقين المهنيين للتاكسي همومهم  وأرى أن أغنياء " الكريمات" عار على بلادي.  لا أتكلم على من مصدر عيشه كراء رخصة نقل حصل عليها ولكن أتكلم عن من يراكمون العديد من الرخص ويجنون من  وراءها الملايين كل شهر. إنه العار بعينيه  وإنه وجه قبيح في زمن البحث عن الوسائل المؤدية إلى نموذج تنموي جديد. الإختيار الأول والأوحد هو القطع النهائي مع كل أوجه استغلال النفوذ للاغتناء عبر الريع  والرشوة  وغياب المنافسة  وتغييب الشفافية.
 
يخالجني شعور بأن الديمقراطية في شكلها الحالي تحتاج إلى وقفة أو  حتى انتكاسة لأن الممارسة أدت إلى مغالطات تاريخية. أريد ديمقراطية هجينة صارمة في المحاسبة وصاحبة مشروع تنويري لمدة حتى تتضح صورة نخبة قادرة على محاربة كل أوجه الانغماس في انتهاز الفرص والاغتناء السريع بإسم ممارسة الفعل السياسي. وقد ظهر جليا أن  هذه الممارسة لها ارتباط وثيق بأهمية تدبير المجال والإستفادة مما يتيحه العقار من لاتغتفر.