السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

الدكتور امحمد مالكي في برنامج "مدارات": نظرات في إشكاليات النهضة العربية الحديثة ( 1 )

الدكتور امحمد مالكي في برنامج  "مدارات":  نظرات في إشكاليات النهضة العربية الحديثة ( 1 ) الدكتور امحمد مالكي
حل الباحث الأكاديمي المغربي الدكتور امحمد مالكي، ضيفا في برنامج  "مدارات"  بالإذاعة الوطنية من الرباط، يوم السبت 29  أكتوبر2022، حيث حاوره  الإعلامي عبد الاله التهاني، حول " العديد من القضايا الفكرية الحيوية التي انشغل بها، وجعلها موضوعا لدراساته وأبحاثه، سواء تعلقت  بأدبيات الفكر النهضوي العربي المعاصر، والتحديات التي يطرحها بناء الدولة العربية الحديثة ، أو بالمآلات التراجيدية لمشروع الوحدة المغاربية" .
■ بين علم السياسة وقضايا الفكر المعاصر: 
في تقديمه لضيف هذه الحلقة من برنامج " مدارات"،  أوضح معد ومقدم البرنامج ،  " أن الاستاذ امحمد مالكي، يمثل شخصية أكاديمية بارزة، في مجال العلوم السياسية والاجتماعية والعلاقات الدولية، حيث أصدر مؤلفات عديدة من قبيل: "القانون الدستوري والمؤسسات السياسية"، و"محاضرات في تاريخ المؤسسات والوقائع الإجتماعية"، و"النظم السياسية المعاصرة"، و"الأنظمة الدستورية الكبرى"، و كذا دراسته حول "الدولة في المغرب: الإرث التاريخي وأنماط المشاركة السياسية".

كما أضاف بأن في نفس السياق أن " الخزانة المغربية تحفظ له  إنجازين علميين مهمين، هما أطروحته الجامعية حول "الحركات الوطنية والاستعمار في بلدان  المغرب العربي"، الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية في  بيروت، ورسالته الجامعية السابقة عليها،  والتي عالج فيها  إشكالية وحدة المغرب العربي ".

وأبرز في ورقته التقديمية  بأن  "امحمد مالكي،  راكم سنوات طويلة في التدريس الجامعي كأستاذ للتعليم العالي، قضاها محاضرا ومؤطرا للعديد من الرسائل والأطروحات الجامعية، وأن أستاذيته المتميزة اقترنت لديه بشغف التأليف والكتابة، حيث كان من ثمرات ذلك الشغف سلسلة من مؤلفاته القيمة وكتاباته الفكرية الغزيرة التي ظل ينشرها في مجلات عربية متخصصة، وكذا على أعمدة الصفحات الثقافية لصحف مغربية وعربية.
 
وعن مساره التدريسي، أوضح الزميل التهاني، بأن امحمد مالكي  عمل أستاذا للعلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، لأكثر من ثلاثين سنة،  وأسس مع عدد من زملائه، مركز الدراسات الدستورية والسياسية الذي ترأسه لفترة جاوزت خمسة عشرة سنة، خاتما مساره الوظيفي وليس العلمي، أستاذا ثم عميدا لكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس في مسقط بسلطنة عمان.

وسجل الزميل عبد الإله التهاني  أنه " بالموازاة مع كل ذلك،  بات  الأستاذ الدكتور امحمد مالكي وجها علميا وخبيرا بارزا في كبريات الندوات والملتقيات الفكرية بالمغرب والعالم العربي، وفي عدد من البلدان الغربية" .  
في سياق متصل أورد معد ومقدم البرنامج بأن الدكتور امحمد مالكي قد حظي بعدة تكريمات وجوائز تقديرية وازنة، في عدد من الأقطار العربية

■  النهضة المعطوبة والسؤال المعلق: 
وجوابا عن سؤال يتعلق بتقييمه لإشكاليات الفكر النهضوي العربي في الفترة الحديثة والمعاصرة، والمعيقات والتحديات التي اعترضت طريق هذا النهوص، قال الدكتور امحمد مالكي بأن موضوع النهضة العربية أو النهوض العربي، هو موضوع تناوله باحثون وأكاديميون كثر، وعقدت حوله ندوات،  وهو سؤال نهاية القرن التاسع عشر  وبداية القرن العشرين، مضيفا بأنه من اللافت للإنتباه، من باب  الصدفة أو من مكر التاريخ، أننا بدأنا القرن العشرين بسؤال "لماذا العالم العربي لم ينهض؟" أو "لماذا تقدم آخرون وتأخرنا نحن؟"، وأننا أنهينا القرن العشرين بنفس السؤال،  حيث أنه ما بين ثورة القرنفل في البرتغال عام 1975 إلى 1984، انعطفت أربعون دولة، من وضع إلى وضع ، بينما نحن ختمنا القرن العشرين بنفس السؤال.
 
وعن خلاصاته التي انتهى إليها  حول هذا الموضوع ، أوضح الباحث امحمد مالكي، بأن هناك تأرجحا بين الدعوة إلى النهضة والتمسك بها تارة، وطورا هناك دخول هذا الموضوع إلى دائرة النسيان، أو على الأقل داءرة  الفتور.

ولاحظ أنه في كل حقبة معينة من التاريخ العربي،  يطرح هذا السؤال من جديد، وبالتالي اعتبر أن موضوع النهضة، هو موضوع قديم متجدد .
وعن الخلاصة الثانية المرتبطة بالموضوع، فيرى الدكتور مالكي  أن كل التيارات الفكرية التي تناولت موضوع النهضة العربية وكتبت عنه في العشرين سنة الأخيرة، كلها لم تخلق للاسف،  قاعدة شعبية واسعة حول أفكارها وأطروحاتها، فبقي هذا الموضوع  بعيدا عن إحداث التأثير المطلوب منه،  في الواقع العربي.

وعن سؤال الخيط الناظم بين كل التيارات الذي شكل انشغالا أساسيا  لدى كل هذه التيارات الفكرية العربية، رغم اختلاف الرؤى والمرجعيات بين أقطاب الفكر النهضوي العربي الحديث، أكد امحمد مالكي  أن التيارات  التي تناولت موضوع النهوض العربي في الفكر العربي المعاصر، هي متنوعة ولها مصادرها المختلفة، وكل تيار  يعتد بمصدره ومرجعيته، مبرزا أن القارئ لنصوص هذه التيارات، لا يجد استعدادا ولا إرادة في أن ينصت هذا التيار لتيار آخر. وأنه لم تنسج  جسور فكرية ومعرفية بين هذه التيارات،  للبحث عن المشترك ، وأن  كل تيار يعتقد أن الحقيقة معه، وغير مستعد لأن ينفتح على التيار الآخر، علما أن هناك هوامش للمشترك.
 
■ حالة العالم العربي وغياب النقد الذاتي:  
وعن سؤال حول حالة التمزق والتشتت والتوتر، وكذا المشاهد التراجيدية في مناطق من العالم العربي، أوضح الدكتور امحمد مالكي بالقول، أنه عندما ينظر الإنسان للمآلات التراجيدية  لسؤال النهضة العربية،  يشعر بحزن كبير، لأن العالم العربي توزعته عدة تيارات فكرية،  بلبوسات إيديولوجية،  ومنها من استطاع أن يصل إلى مراكز السلطة، ولكن مع ذلك في المحصلة لم يحدث التغيير المطلوب، وأسبابه كثيرة، لا يسمح المجال بالتعرض إليها. واعتبر أن المقاربات التي اعتمدتها هذه المصادر والمراجع الفكرية لموضوع النهضة ، وكل ما يتفرع عنه ويرتبط به من قضايا،  تطرح العديد من الأسئلة، وأنه قلما وجدنا تيارا من هذه التيارات ، قدم نقدا ذاتيا أواستطاع أن يراجع مواقفه.
 
و في سياق أجوبته، سجل بأن التيار القومي في نهاياته ، بدأ يطرح أسئلة،  في فق تجديد مصادر تفكيره، ولكن لم تذهب إلى أبعد مدى، موضحا بأن العالم العربي مع نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة، أصبح منكشفا أمام العالم، وحصل فيه ما حصل، وآلت إليه أوضاع العديد من الدول إلى ما آلت إليه. 
 
■ الربيع العربي حركته العاطفة وليس العقل: 
وفي سياق متصل، قال محمد مالكي  بخصوص مايسمى بالربيع العربي، بأنه يمكن أن نسميه بالربيع أو باليقظة، لكننا عندما نستقرىء التاريخ ـ يضيف مالكي ـ  تاريخ التغيير في العالم ، وتحديدا خلال الثورات الكبرى، لا نجد أن ما حصل في العالم العربي، يشبه  الأمور التي وقعت في التاريخ، موضحا بأن الذي أعطى إمكانية لتلك الأحداث الكبرى في العالم، أن تنعطف وترسخ وتبني وضعا جديدا ، هو أولا وجود قيادة، ووجود عقل، يلعب دور الفكر وعقل للتغيير، عقل يخطط ويرسم ويقود ويشرف ويمثل قدوة، ثم هناك جسر بين هذا العقل والقواعد والمجتمع، ثم المناخ الدولي الذي ينبغي ألا ننساه.
 
وقال امحمد مالكي بأن الحراك خلال ما يسمى بالربيع العربي،  شمل 17 دولة عربية من أصل 22 دولة، لكن كل هذه الحراكات حركها الجانب العاطفي، وليس الوعي والعقل ، إضافة إلى طبيعة المناخ الدولي، على اعتبار أن المنطقة العربية، عليها "فيتو "منذ سنوات، ولا يستطيع التغيير العميق أن يقع فيها، لأنها منطقة جيو ستراتيجية خطيرة جدا، وفيها موارد كثيرة .
 
( يتبع)