الثلاثاء 23 إبريل 2024
فن وثقافة

احتفاء به في "مدارات ": محمد الميموني الرجل الذي كان ينظر إلى العالم من زاوية الشعر

احتفاء به في "مدارات ": محمد الميموني الرجل الذي كان ينظر إلى العالم من زاوية الشعر الراحل محمد الميموني
رحلة محمد الميموني في جغرافية الشعر
في حلقته المذاعة مساء يوم الثلاثاء 18 اكتوبر 2022، على أمواج الاذاعة الوطنية من الرباط ، احتفى البرنامج الثقافي "مدارات" ، الذي يعده ويقدمه الإعلامي عبدالاله التهاني ، بمسار الشاعر المغربي الراحل محمد الميموني ، من خلال استعراض لمحات من تجربته الابداعية،  وسيرته الثقافية والانسانية ، ودوره وأستاذيته في المجال التعليمي والتربوي وفي العمل المدني، مع استحضار  دوره الريادي في التأسيس للحداثة الشعرية المغربية ، كما عكستها إنتاجاته الشعرية، بداية من أول قصيدة نشرها سنة 1958، مرورا بديوانه الاول  "آخر أعوام العقم"، الصادر عام 1974، لتتوالى مع مطلع التسعينات ، وتيرة صدور دواوينه الشعرية التالية ، كما استعرضها معد ومقدم البرنامج :  ( الحلم في زمن الوهم - طريق النهر  -  شجر خفي الظل ) ، علما يقول معد البرنامج ، أن وزارة الثقافة  قامت عام 2002 ، بطبع الجزء الاول من أعماله الشعرية التي كان كتبها إلى حدود تلك السنة . كما قامت  نفس الوزارة سنة  2007  ، بطبع ونشر  الجزء الثاني من أعماله الكاملة ، حيث صدر  تحت عنوان: "صيرورات تسمي نفسها" ، وضم دواوينه التالية : 
( مقام العشاق - أمهات الاسماء - محبرة الاشياء - ماألمحه وأنساه - متاهات التأويل.)
وسيصدر له أيضا عن منشورات سليكي  إخوان بطنجة، سنة  2008  ديوان شعري جديد، تحت عنوان:  "موشحات حزن متفاءل" ، متبوعا بإصدارين شعريين آخرين : ظهر الاول منهما سنة 2012 ، بعنوان "الإقامة في فسحة الصحو" ، بينما صدر الديوان الثاني  سنة 2017 ، تحت عنوان "بداية ما لاينتهي " .
 
محمد الميموني الشاعر والمترجم والدارس الادبي
وفي ورقته التقديمية ، أشار الزميل الاعلامي عبدالاله التهاني ، إلى أن المرحوم محمد الميموني، كان قد زاوج بين مساره كشاعر ، وبين صفته كدارس وباحث في مجال الدراسات الأدبية ، مستحضرا في هذا الباب كتابه حول الشعر المغربي المعاصر ، فضلا عن اهتمامه وشغفه بالترجمة الأدبية، ولاسيما ترجماته لمختارات من الشعر الاسباني الحديث .ف 
ومن أجل تأمل أوسع في مسار الشاعر المغربي الراحل محمد الميموني، استضاف البرنامج أسماء بارزة في الحقل الأدبي والثقافي المغربي ، لها معرفة عميقة بالتجربة الابداعية لهذا الشاعر شعرية ، وكذا بسيرته الانسانية .
ويتعلق الامر بالكاتب والدارس الادبي رضوان احدادو ، والشاعر والدارس الادبي الدكتور أحمد زنيبر ، إضافة إلى الاستاذ مخلص الصغير رئيس دار الشعر في تطوان . 
 
شهادة الكاتب رضوان احدادو
وفي مداخلته،  رسم  الكاتب والدارس الأدبي رضوان احدادو، صورة لمحمد الميموني الإنسان ، حيث ذكرىفي هذا الصدد ، أن "محمد الميموني  الإنسان ، كان رجلا بسيطا ومتواضعا وشفافا ومتفائلا، بسيطا في علاقته بالآخرين، مهما اختلفت مواقعهم ومراتبهم، وبسيطا في أحاديثه، بحيث يجعل المرء ينجذب إليه."  وأضاف رضوان احدادو  بأن الميموني وهو مدير لاحدى الثانويات بتطوان ، كان بمثابة أب للتلاميذ  وأخ للأساتذة، وأن بساطته وتواضعه انعكسا أيضا على علاقته بأبنائه وزوجته، والتي كانت تتسم بالعطف والمودة .
أما عن الميموني رجل السياسة،  فيذكر  رضوان احدادو، بأنه كان يتحلى بروح وطنية عالية، وأنه بالرغم من ولوجه إلى الحقل السياسي( الحزبي طبعا )  في وقت مبكر من حياته ، وما تقلده فيه من مهام  ، إلا أنه كان ينظر للعالم كشاعر وليس كسياسي، فقد كان شاعرا أكثر منه رجل سياسة .
وواصل احدادو شهاداته قائلا: "لعل أبرز وأجمل ما كان يتمتع به هو التفاؤل والبشاشة، فرغم كم الاحباطات التي واجهته، ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، لم ينسلخ عن شخصيته الثقافية، فبعد فترة السبعينات،  كان يعيش هموم الناس وظل متفائلا، ومحافظا على مبادئه".
 
شهادة الشاعر أحمد زنيبر
وفي شهادته ، ركز  الشاعر والدارس الأدبي أحمد زنيبر حديثه،  عن  سيرة محمد الميموني كشاعر، إذ  اعتبر أن الراحل كان شاعرا،  بكل ما تحمله الكلمة من معنى،  وأنه شخصية بصمت حضورها في المجال الشعري والنقدي، مبرزا أنه كان  علما من أعلام الشعر المعاصر ، ورائدا من رواد الحداثة الشعرية بامتياز، ومشيرا إلى أن تجربته التي دامت لنصف قرن ،  تتيح إمكانية التأريخ للشعر المغربي، وأنه يعكس بصورة أو بأخرى، 
جانبا من الحركة الشعرية المغربية في فترة السبعينات. 
وأضاف الاستاذ أحمد زنيبر قائلا: " أول ديوان له بعنوان "آخر أيام العقم"، يعكس نظرته لتلك المرحلة الشعرية، إذ ظل مسكونا باللغة وبالمكان، المتمثل في مدينته الأم شفشاون، وكذا بالطبيعة" ، مسجلا  أن محمد الميموني كان من المدافعين بشعره عن قضايا وطنية وعربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فهو من بين الشعراء الذين ظلوا متمسكين بعروبتهم، ونلمس ذلك في كثير من عناوين أشعاره، مع الحرص على عدم التفريط في اللغة، باعتبار أنها ليست مجرد جسر للعبور، ليجعلها قادرة على تحريك الإيقاع الشعري للقصيدة. 
وتحدث  أحمد زبير أيضا عن  انفتاح محمد الميموني  على الشعر الإسباني، مبرزا أنه ترجم من اللغة الإسبانية ، قصائد للشاعر غارسيا لوركا . 
كما أشار إلى تركيزه على الجانب الإيقاعي، مستحضرا كيف أنه  كتب وأبدع في الشعر العمودي،  قبل أن يتحول إلى الشعر التفعيلي ، مسجلا أيضا أنه كان شديد الحرص على تطوير
 البناء الشعري لقصيدته ، من خلال عناية خاصة باللغة  وبالصورة الشعرية.
وتوقف أحمد زنيبر في ختام شهادته ، عند استعمال الشاعر الميموني للضمائر ، وكذا توظيفه للخيال والمجاز والاستعارة،  وعودته إلى الأسطورة في كتاباته.
 
شهادة الاستاذ مخلص الصغير عن دار الشعر بتطوان
 وتضمنت الموعد الإذاعي لبرنامج "مدارات "، المخصص لاستعراض سيرة الشاعر المغربي الراحل محمد الميموني، شهادة الاستاذ مخلص الصغير، مسؤول دار الشعر بتطوان، الذي اعتبر الفقيد أباه الشعري، وأنه لم يكن مجرد شاعر،  بل كان أستاذا ومربيا شعريا ، لأجيال عديدة ، مضيفا أنه " كان زعيم تنظيم شعري، يأخذ بأيدينا إلى طريق الشعر" . واعتبر قصيدة الراحل الميموني،  قصيدة فكر وشعر، لان الميموني بنظره كان رجل فكر وفلسفة، لذلك كانت أعماله الشعرية عميقة، نظرا لحضور الملمح الفلسفي فيها . 
واستطرد  مخلص الصغير يقول في شهادته : "بيت الشاعر الميموني، كان بيتا للشعر في المغرب، وكنا نخطط بين أركانه للمهرجانات الشعرية، دون أن نغفل أنه كان نافذة على الشعر المغربي، فهو لم يكن شاعرا لذاته فقط، بل كان يريد  أن يسجل الشباب تقدما في مجال الشعر ، وأنه كانت له قناعة بأن الشعر والفن، هما السبيل للارتقاء بالإنسان.
وأوضح  مخلص الصغير  أن انفتاح الميموني على الشعر، تعدى حدود بلده و الوطن العربي ، إلى الصعيد الإسباني من خلال ترجمته  لديوان للشاعر الاسباني غارسيا لوركا "، إذ كان أول مترجم له".