الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

إصدار جديد.. كتاب "التراث العمراني بالمغرب بين التحديات والحفاظ وإعادة التأهيل" للمهندس خالد الحروني

إصدار جديد.. كتاب "التراث العمراني بالمغرب بين التحديات والحفاظ وإعادة التأهيل" للمهندس خالد الحروني عزيز بعزي
من الإصدارات الحديثة لمركز طارق بن زياد  للدراسات والأبحاث، كتاب "التراث العمراني بالمغرب بين التحديات والحفاظ وإعادة التأهيل"، (ط1، 2022م)، لمؤلفه المهندس خالد الحروني، وترجمه من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، الدكتور مصطفى تيليوا، رئيس مركز طارق بن زياد  للدراسات والأبحاث، ومدير مجلة واحات المغرب، وهذا المؤَلَّفُ في أصله نتاج أعمال، ودراسات بحثية امتدت طوال العقدين الماضيين.  فهو نتاج جهود مشتركة للطلبة المهندسين، وطلبة الدكتوراه، والأساتذة الباحثين، والمؤسسات العاملة في مجال الهندسة المعمارية، والتهيئة العمرانية، والإسكان، والهندسة الخاصة بالحفاظ على التراث المبني بالمغرب؛ من حيث صيانته، وهندسته المعمارية التقليدية، والمحلية، ومواد بنائه، والممارسات المعمول بها في هذا المجال.
فالتراث المبني هو آثار تاريخية، ومباني قديمة، وهو كذلك محيط حضري يشمل فضاءات عامة وأخرى خاصة، كما أنه إطار حياتي يتكون من مساكن - منازل تقليدية، قصور، رياض،...-، ومباني دينية – مساجد-، ومباني ومنشآت محصنة - أسوار، أبواب أثرية، أبراج، معاقل، ...- تختلف من حيث اهتماماتها الفردية، لكنها تشكل محورا رئيسيا لسياسة المدينة، سواء من حيث الجانب الاجتماعي لإعادة إحياء الأحياء القديمة، أو من حيث الجانب الاقتصادي لتنشيط الحركة التجارية، وتطوير الأنشطة الاقتصادية.
 يبدو أن التراث العمراني، يحمل في طياته أبعادا شتى؛ منها ما هو إنساني وحضاري، ومنها ما يتعلق بالتاريخ والبيئة والاقتصاد والاجتماع، وعليه فهو إرث حضاري وثقافي، تتجسد فيه هوية المجتمع غير المنفصلة عن العادات، والتقاليد، هذا من جهة.
من جهة أخرى، فهذا التراث العمراني، يعبّر عن قدرة الإنسان على التكيف مع بيئته ومحيطه، مما يجعله محط تثمين جماعي من طرف الفاعلين والسياح، والمستثمرين المحليين، والأجانب على حد سواء، ولا يمكن أن نغفل في هذا السياق المعمار المبني بالتراب، الذي استطاع التكيف مع مختلف التحولات السوسيو اقتصادية، والمجالية التي يعرفها المجتمع.
فرغم التحولات التي فرضتها الهجرة، ودورها في تراجع هذا المعمار المحلي لصالح البناء الحديث، نجده قد عاد بقوة من خلال الوظيفة السياحية التي أسهمت بشكل كبير في ترميم عدد من المباني، والمنشآت المبنية بالتراب؛ فعبر تحول هذه الأخيرة إلى مشاريع سياحية، استطاع المعمار المبني بالتراب أن يستعيد قيمته المادية داخل المجتمع المغربي، وهذا الجانب الاقتصادي للسياحة نفسه، أسهم بشتى الصيغ في إنقاذ التراث المعماري بمجموعة من المناطق، عبر ترميمه، وإعادة تأهيله، بعدما تراجعت عدد من وظائفه.
يمكن الوقوف عند عدة قضايا تتعلق بما أسلفنا ذكره، وغيرها في كتاب" التراث العمراني بالمغرب بين التحديات والحفاظ وإعادة التأهيل" للمهندس خالد الحروني، والذي جاء -  إضافة إلى مقدمة عامة، واستنتاج عام كخاتمة - في خمسة فصول، تحمل عدة عناوين فرعية مهمة.
أما الفصل الأول، فهو بمثابة "مدخل لحماية التراث المبني" ، بينما سعى الفصل الثاني إلى رصد " المباني التراثية في المدن العتيقة بين خطر الزلازل وحتمية الصيانة"، في حين تناول الفصل الثالث " التراث المعماري المبني بالطين في المغرب".
بينما الفصل الرابع، أثار ما يسمى بـ " التجريب والنمذجة كنهجين معتمدين لإعادة تأهيل التراب المبني". في حين ركز الفصل الخامس على  قضية  " الهندسة المعمارية التقليدية المستدامة وسيلة للتكيف مع تغير المناخ".
وكيفما كان الأمر، فالدراسات التي يشملها المؤَلَّف، تؤكد أهمية الحفاظ على الموروث العمراني، من خلال دراسة واقع الموروث الإسلامي والعربي وصولا إلى المحلي ... وشرح أهم الأسس، والمبادئ التي تحدد عملية الحفاظ، ومنهجيتها، دون إغفال ذكر أهم الدراسات السابقة في هذا المجال، والتجارب الدولية لأمثلة عالمية، وعربية ومحلية، للاستفادة من كيفية تطبيق الخطط في تلك التجارب.
لذا  قدم البحث أهم القوانين، والمواثيق الدولية، والإستراتيجيات الموضوعة عالميا، والمؤسسات المعنية بوضع تلك الإستراتيجيات، ومدى قيامها بالأدوار المناطة بها، وكيفية تطبيقها من خلال خطط الإدارة العامة للحفاظ عليها ... واستخلاص أهم النتائج، والتوصيات التي يجب التركيز عليها للحاق بما وصلت إليه. وعليه أصبح  تدبير التراث العمراني والثقافي، في وقتنا المعاصر من القضايا التي أثارت انتباه المهتمين بهذا الشأن؛ حيث أثيرت حوله العديد من التساؤلات، ومنها على سبيل المثال، هل المحافظة على النسيج التاريخي، والعمراني وترميمه يشكل عبئا على ميزانية الجماعات المحلية أو عاملا من عوامل التنمية الاقتصادية؟ 
وعلى كل حال، فالغاية من  تلك الدراسات إبراز الأهمية القصوى التي تكتسيها عمليات تعزيز، وإعادة تأهيل التراث العمراني التاريخي، -  كالمدينة العتيقة، القصر، القصبة، الفندق، المدرسة العتيقة، المنزل التقليدي... -، ومواد البناء المحلية، - كالتربة الخام، اللوح، الطوب الطيني، الأحجار، الخشب-، وذلك في سياقات جغرافية، مناخية، وزلزالية، وعليه يتضح أن هذه الدراسة تمثل وثيقة مرجعية في غاية الأهمية لمختلف الباحثين، والمهتمين بالتراث العمراني في المغرب، ومختلف القطاعات المتدخلة في هذا المجال.