السبت 20 إبريل 2024
خارج الحدود

أغلبية الدول العربية لا تساير مواقف النظام الجزائري.. طريق قمة نونبر العربية معبدة بالفشل

أغلبية الدول العربية لا تساير مواقف النظام الجزائري.. طريق قمة نونبر العربية معبدة بالفشل الجنرال شنقريحة والرئيس عبد المجيد تبون
يواصل النظام العسكري الجزائري بواجهته المدنية الممثلة في الرئيس عبد المجيد تبون، تماديه في تشتيت الصف العربي، في أفق استضافته القمة العربية في بداية نونبر 2022 ،بإمعانه في التحامل على المغرب وانتقاد الدول العربية، التي لم تساير أطروحاته في الاجتماع الأخير لمجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية في 6 شتنبر 2022 في القاهرة، وأظهرته معزولا، لا قدرة له على التحكم في نتائج وقرارات القمة المقبلة، بما يخدم أهدافه وفي مقدمتها تغذية سياسته العدائية للمغرب وتوطيد تحالفاته مع دول غير عربية، من قبيل إيران وتركيا وإثيوبيا، ضدا على مصالح بعض الدول العربية.
وفي إطار انضباطه لبروتوكول استضافة القمة، قررالنظام التعامل مع المغرب على قدم المساواة مع بقية الدول العربية، بإيفاده وزير العدل عبد الرشيد طبي، مبعوثا لتسليم الدعوة له لحضور القمة، لكنه حرك في الوقت نفسه المدعو عمار بلاني المبعوث المزعوم إلى الصحراء والمغرب العربي، للتهجم على بلادنا، ردا على كلمة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج ناصر بوريطة، في الاجتماع الوزاري الأخير للجامعة العربية، التي أبرز فيها رؤية المغرب لطريقة العمل التي يجب أن تحكم مجريات القمة العربية المقبلة.
لقد اختار النظام وزيره في العدل لتسليم سلطات بلادنا دعوة الحضور في القمة، علما أن هذا المبعوث سبق له أن مثل الجزائر  بصفته الرئيس الأول للمحكمة العليا في المؤتمر الدولي للعدالة، الذي احتضنته بلادنا في أكتوبر 2019، في مراكش. وبخلاف عدد من المسؤولين الجزائريين، امتلك حينها في كلمته أمام المؤتمر جرأة الحديث بموضوعية عن العلاقات المغربية الجزائرية، بقوله أن "ما يجمع الجزائر والمغرب من روابط دينية وثقافية ولغوية ومصير مشترك صاغ مشاعرنا الأخوية صياغة تفاعلية"، مشددا على أنه "لا فكاك لوثاقها المادي والروحي مهما كانت صروف الدهر وأحواله".
وفي الوقت الذي حاول سدنة النظام الجزائري إخفاء دعم المغرب للثورة الجزائرية من أجل طرد المستعمر الفرنسي، خاطب  عبد الرشيد طبي الحضور في مؤتمر مراكش بالقول: "أو لم يكن المغرب أيها السادة الحضور الحصن الحصين لثورتنا العظيمة وسندها في جهادها الباسل حتى تحقيق الجزائر لنصرها ونيل حريتها وسيادتها؟"، موردا أن هذا "يعزز تقديرنا الدائم لوحدة القيم الإنسانية والاجتماعية المشتركة ووحدة المصير، لأننا على يقين أن الذي يجمعنا أكثر مما يفرقنا".
وفي هذا الصدد، رفع عبد الرشيد طبي  في كلمته إلى جلالة الملك محمد السادس "أسمى ما يجود به البيان وأرقى ما يتلطف به اللسان وأنبل ما يعرب عن كوامن ما في الجنان من عبارات الشكر والعرفان"، مذكرا "بما شملنا به من رعاية وعناية وما لمسناه من حسن الاستقبال وكرم الضيافة ولطف الوفادة منذ أن وطئنا أرض المملكة المغربية الشقيقة، هذه الأرض الطيب أهلها، الزكي مقامها"، معربا عن تقديره "العالي لروح الأخوة التي تجمع بيننا والتي ستبقى إلى أن يرث الله الأرض وما عليها".
وقال إن روابط الأخوة التي تجمع بين الشعب الجزائري والشعب المغربي الشقيق روابط ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، متجذرة إنسانيا وروحيا وحضاريا، متجانسة جغرافيا، أو لسنا بناة حضارة خالدة واحدة أبلغنا مثلها وقيمها كل الآفاق ؟" .
لكن نظام العسكر قرر محو صدى كلمة عبد الرشيد طبي، ليس فقط بما اتخذه لاحقا  من قرارات، من بينها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ووقف العمل بخط أنبوب المغرب العربي للغاز ومنع تحليق الطائرات المغربة أو المسجلة في المغرب في الأجواء الجزائرية، بل بتصعيد عدائه ضد مصالح المغرب ووحدته الترابية في جميع الواجهات والميادين، ومن ذلك تحريض الرئيس التونسي قيس سعيد أخيرا على اقتراف خطأ جسيم وغير مقبول باستقباله الانفصالي إبراهيم غالي في اجتماع تيكاد 8 الإفريقي الياباني ،فضلا عن مواصلة تهجماته الدنيئة ضد المغرب .
وإذا ما قررت بلادنا الاستجابة  لدعوة حضور القمة، فلا بد أن ينفذ النظام الجزائري ما تتطلبه هذه الاستجابة ومن ذلك على الأقل  فتحه المجال الجوي الجزائري أمام الطائرة المغربية التي تقل الوفد المغربي إلى الجزائر، علما أن المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني أخبر المبعوثين الجزائريين اللذين أوفدهما الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد لتسليمه دعوة الحضور للقمة العربية في يونيو 1988، بأنه يتعذر عليه الحضور شخصيا في القمة ما دامت العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين البلدين، لتتحرك الاتصالات بين البلدين بسرعة، لإصدراهما بيانا مشتركا يعيدان به العلاقات الدبلوماسية، مما يسر مشاركة  الحسن الثاني رحمه الله في القمة .
ولا يبدو النظام الجزائري حاليا في وارد اتخاذ خطوة مماثلة، لأنه لا يزال ينزع نحو تصعيد العداء ضد بلادنا، بإطلاقه بوقه المدعو عمار بلاني ،الذي زعم قبل يومين أن المغرب حاول إفشال القمة العربية التي ستحتضنها الجزائر، بعد كلمة وزير الخارجية ناصر بوريطة في الاجتماع الوزاري في القاهرة، التي دعا فيها إلى "قراءة موضوعية لواقع العالم العربي، المشحون بالنزاعات، ومخططات التقسيم ودعم الانفصال وإشعال الصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية، واستنزاف المنطقة وتبديد ثرواتها". وأعلن أن " السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، وتوطيد الثقة اللازمة، والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف".
وذكر أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، حرص على الانخراط في صلب العمل العربي المشترك، سواء من داخل الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية، أو من خلال الهيئات المتفرعة عنها، والذي تجسد في احتضان المملكة المغربية لسبع قمم عربية، ساهمت في جمع الكلمة العربية وإعطاء زخم جديد للعمل العربي المشترك.
و باعتبار أن "اللي فيه الفز كيقفز"، عندما يتعلق الأمر بإدانة من يغذي نزعة الانفصال في الوطن العربي، أطلق النظام الجزائري بلاني للنباح، زاعما أن كلمة الوزير بوريطة "مزايدات سخيفة و إنها رسكلة للخطاب المعتاد الذي يخفي حالة الإحباط والخيبة التي أصيب بها المغرب بعد فشله في محاولات تأجيل موعد انعقاد القمة العربية".
وتهجم بلاني في تصريح آخر على وكالة المغرب العربي للأنباء ،التي نشرت تقريرا عن قرارات الدورة 158 لاجتماع مجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية، التي أكدت عزلة النظام الجزائري في تمرير مواقفه بشأن القرار المتعلق بالتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية أو مواجهة أخطار المنظمات الإرهابية والانفصالية في العالم العربي.
لقد فضحت القرارات الأخيرة لمجلس جامعة الدول العربية بالواضح والمرموز مواقف النظام الجزائري المتحالف مع إيران  والمعارض لتصنيف جامعة الدول العربية حزب الله اللبناني تنظيما إرهابيا، فضلا عن هوسه المرضي بتغذية التجزئة ونزعة الانفصال،طمعا في تفتيت وحدة المغرب الترابية،ثم توطيد علاقاته مع تركيا وإثيوبيا ضدا على مصالح بعض الدول العربية وفشله في إعادة الاعتبار لنظام بشار الأسد  في سوريا بدعوته إلى القمة العربية.
وتعبيرا عن عزلة نظامه وهو يستعد لاحتضان القمة المقبلة، لم يجد المدعو بلاني حرجا في شتم أغلبية الدول العربية التي لم تساير موقف نظامه، بادعائه أن "من المؤسف أن نذكر ملاحظة مريرة لاستغلال جامعة الدول العربية كأداة، من قبل مجموعة صغيرة في خدمة مصالح ضيقة، في سياق تلاعبات عقيمة تنأى بالجامعة عن رسالتها الأساسية وتحد من مساهماتها في تعزيز القضية المشروعة للشعب الفلسطيني وكذا الصمود اللازم لمواجهة تحديات العالم المعاصر.. ولهذا فمسار الإنقاذ أصبح ضروريا، سواء في الجزائر العاصمة أو في أي مكان آخر".
وعلى إيقاع  مواصلة استعدائه المغرب والتهجم على أغلبية البلدان العربية، يعمل النظام الجزائري  على توفير كل مقومات الفشل لقمة نونبر المقبل، وتعريض العمل العربي المشترك للمزيد من الانهيار. والواضح أن النظام  ليس معنيا بجمع الشمل العربي وما يهمه  من هذه القمة  هو فقط استغلالها لتعزيز شرعية بقائه في السلطة  وتحويلها إلى منصة لخدمة أجندته في الداخل والخارج.