الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: الرئيس التونسي والارتزاق السياسي

صافي الدين البدالي: الرئيس التونسي والارتزاق السياسي صافي الدين البدالي
لما يعجز رئيس دولة عن قيادة بلاده نحو التقدم والازدهار والتنمية المستدامة ويفقد قدرته على تدبير شؤونها، تدبيرا ديمقراطيا، يرفع من شأن الدولة التي يرأسها، فإنه يلجأ إلى القمع للحريات والهروب إلى الأمام من أي حوار وطني هادف ويسقط في شراك الارتزاق السياسي الذي هو الكسب المادي وفقدان المبادئ والقيم في أداء المهام الملقاة على عاتقه كرئيس دولة. والارتزاق السياسي يسقط صاحبه ليتحول إلى عميل لأي جهة تمنحه قليلا من الدعم المالي كرشوة مقابل تنفيذ ما تمليه عليه تلك الجهة .
ذلك هو شأن الرئيس التونسي الذي يعيش في ارتباك سياسي بين الحكم والتحكم والنرجسية والاستبداد، وبين الرغبة في الاستقواء على الشعب التونسي بالاستعانة بالجهة التي هي ولية نعمته. حتى أصبح سلوكه يتنافى والقواعد الدبلوماسية في تمثيل دولته.
وهكذا وفي أول مهمة له ذات الطابع الدولي قام استقبال إبراهيم بن طبوش (إبراهيم غالي) عن الكيان الانفصالي ضمن أشغال منتدى التعاون الياباني-الإفريقي (تيكاد) التي استضافتها تونس يومي 27 و28 غشت 2022.
لقد أقدم بهدى السلوك على خرق البروتوكول الدبلوماسي المتعلق بهذا اللقاء وضرب بعرض الحائط كل الأخلاق السياسية التي يجب أن يتحلى بها رئيس دولة، لما أقحم كيانا وهميا صنعته الجزائر وحملته على كتفيها لمنازعة المغرب في صحرائه التي استرجعها من الاستعمار الإسباني سنة 1975. لقد تجاهل أمام ضغط الجزائر عليه مصلحة تونس والشعب التونسي والعلاقة الأخوية بين الشعبين التونسي والمغربي. كما تجاهل قرارات مجلس الأمن واعتراف أمريكا ودول أوروبية وأمريكا الجنوبية بحق المغرب في صحراءه وتجاهل رغبة الشعوب المغاربية في تحقيق بناء المغرب العربي الذي كان من أهداف المقاومة المشتركة ضد الاستعمار الفرنسي والاستعمار الإسباني والاستعمار الإيطالي.
لقد نسي بأن سلوكه هذا لا علاقة له بسلوك رئيس دولة ذات تاريخ عريق ولم تكن صنيعة الاستعمار، وظلت معقل المقاومة الافريقية والمقاومة الفلسطينية، وإلى عهد قريب كانت مقرا للجامعة العربية بعد سقوط السادات في شراك الامبريالية/ الصهيونية في السبعينات من القرن الماضي.
لكن الارتزاق السياسي لم يترك له بصيرة ولا مبادئ ولا هدى يهتدي به لصالح تونس وصالح المغرب العربي والقارة الإفريقية والعالمين العربي والإسلامي.