الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: هنا "راس الما" الريفية العظيمة التي سرقوا منها قلبها...

محمد الشمسي: هنا "راس الما" الريفية العظيمة التي سرقوا منها قلبها... محمد الشمسي:
لا يمكنك أن تتسلل من الناظور الى قرية راس الما عبر قرية أركمان دون أن ترصدك الجبال الشامخة الراسخة،  ويصاحبك البحر المتوسط بهدوئه وزرقته، فلا تظنن أنك استغفلت القرية البهية بل هي التي فتحت لك حضنها بكرم وسؤدد وعفة، لتستقبلك ضيفا معززا تحت عيونها.
على بعد ساعة واحدة كاملة من مدينة الناظور وبسياقة متأنية تتأرجح بين الستين والسبعين كيلومتر في الساعة تدخل قرية راس الما، لتجدها تعج بالحياة، أهلها الطيبون أخذوا من الجبال ثباتها ومن الموج صموده، يشتغلون كخلية نمل بلا كلل ولا ملل، لا زاوية في زوايا أزقة القرية الجميلة والصغيرة يتجمع فيه اليافعون يثرثرون، الكل يشتغل، الكل يعمل، والحياة هناك مرتبطة بالسياحة الصيفية المرتبطة بالبحر، وشواطئ راس الما طويلة فسيحة لا حدود لها، رمالها لينة ذهبية في لون الشهد، وشمسها ملتهبة، ومياه بحرها دافئة، بموج يتكسر تباعا فلا تبقى منه غير رغوة بيضاء ناصعة، وحدها قناديل البحر تركب الموج تثير الرعب في نفوس العائمين، بأشكالها الغريبة، و بلسعاتها التي لا تختلف كثيرا عن لسعة "شنيولة"...
عندما  تُرجع البصر من جديد نحو بحر راس الما تستوقفك الجزر الجعفرية الثلاث، ثلاث جبال صخرية نابتة في عمق البحر، متفرقة ومتقاربة تبعد بأقل من 3 كيلومترات ونصف على شاطئ راس الما، لكنها ليست جزءا من تراب جماعة راس الما، ولا من التراب المغربي ككل، رغم وقوعها في مياهه الاقليمية، إنها مستعمرة إسبانية.
يقول محرك البحث غوغل ان اسبانيا تجعل من الجزر الثلاث قاعدة عسكرية ، و"بشوفة العين" فمساحة الصخرة الواحدة لا تتسع حتى لثكنة صغيرة، لكن المملكة الاسبانية تصر على جريرتها الاستعمارية، ومملكتنا المغربية تصر على عدم مفاتحة الإسبان في شأن أراض لا تحتاج مغربيتها لقرار من الأمم المتحدة.
 تحمل الجزر الجعفرية اسما أمازيغيا هو جزر اشفارن، وتعني جزر اللصوص، حيث يذكر التاريخ ان الجزر الثلاث كانت مستقرا للصوص الهاربين من العدالة المغربية، و القراصنة الذين كانوا يعترضون سبل السفن ...
ويذكر ذات التاريخ ان الجزر  الثلاث كانت قلب راس الما الذي ينبض في الماء  قبل ان يسرقه المحتل الاسباني منذ 170 سنة خلت، لكن المحتل الاسباني لم يقو على الهروب بقلب راس الما بعيدا، فظل نبض اشفارن يمنح راس الما الوجود والحياة لا يبالي بجنسية من فوقه، فالتراب لا يُسرق،  فقط يمكن الكذب على تاريخه...
ودعنا راس الما، تركناها في حبورها وسؤددها وبسمتها، لا تهتم للعلم الإسباني الذي يرفرف فوق الارض الخطأ، فالجغرافية والتاريخ يشهدان
بأن إشفارن قلب راس الما، ويشهدان أنه سرق منها،  وأهل راس الما لا يرون في الجزر إلا مغربية، وهذا يكفي راس الما برهانا وحجة.